رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد
عقدان بالتمام والكمال عمر مشاركة حزب الله في النظام السياسي في لبنان. على امتداد هذه السنوات عمل الحزب على إطلاق ورشة سياسية وخدماتية توسّعت لتجمع النيابة والوزارة في آن ٍمعاً.
يفتح الغوص في تجربة حزب الله النيابية والوزارية الباب واسعاً أمام مراجعة إنجازاته وما حقّقه على مدى عشرين عاماً، وما يطمح إليه حاضراً ومستقبلاً، مع التركيز على تطوير أدائه دائماً تماشياً مع المستلزمات التي تفرضها الظروف المحلية والاقليمية.
وُلدت كتلة الوفاء للمقاومة عام 1992 من "رحم مقاومة الاحتلال" وحرمان الدولة .. قرار خوض الانتخابات النيابية حينها لم يكن كـ"شربة ماء" أو عبثياً، فالدوافع التي استند إليها حزب الله كانت كفيلة بإقناعه بضرورة المشاركة في صنع القرار محلياً، لحماية مصالح الناس ونقل همومهم، رغم إدراكه للعقبات التي قد تعترضه أثناء تحمّله لهذه المسؤولية.
أهداف ودوافع
بناء عليه، يُستنتج من الوزير محمد فنيش والنائب علي فياض أن أهداف مشاركة حزب الله في السلطة التشريعية ترتبط مباشرة بتحمّل مسؤولية إدارة الشأن العام بما يخدم مصلحة لبنان وقضايا الناس كصون أمن البلد واستقراره وسيادته ومواجهة الاحتلال والدفاع عن خطّ ونهج المقاومة، وهما يسقطان بذلك الانطباع السائد لدى البعض بأن قرار المشاركة في الحكم ينبع من اعتبارات سياسية تنحصر فقط بإيصال صوت المقاومة الى المؤسسات الدستورية.
أما قرار الانضمام الى مكوّنات السلطة التنفيذية عام 2005 فلا يمكن فصله عن الظروف السياسية التي طرأت حينها، ودفعت حزب الله الى إيلاء أهمية قصوى للسياسات الوزارية، بحسب فنيش الذي يؤكد أن "الحزب يشدد على ضرورة صياغتها بشكل عادل لتصبّ في مصلحة المواطن وليس على حسابه، والى إنصاف المناطق التي نمثّلها من خلال مراقبة أداء الحكومات على صعيد تلبية حاجاتها وتأمين الانماء المتوزان". ويدخل في إطار الأهداف أيضاً "إتّباع سياسات اقتصادية واجتماعية يستفيد منها ذوو الدخل المحدود والمتوسط، مع رفض كافة أشكال الوصاية والخضوع لارادة القوى الخارجية عبر حفظ السيادة اللبنانية وتأمين الاستقرار في المجتمع اللبناني"، وهو ما يُعتبر من أساسيات البرامج الانتخابية لحزب الله.
ثمار التجربة
الاهداف والاسباب والنوايا قد تظلّ حبراً على ورق ولا تخرج عن كونها عموميات اذا ما تُرجمت الى أقوال وأفعال، لهذا يعرض فياض مساهمة كتلة الوفاء للمقاومة في إنجازات نيابية بارزة سجّلت مؤخراً على صعيد عدد من الملفات الحيوية كـ"تنظيم قطاع النفط في لبنان، وإقرار الخطة الاستراتيجية للكهرباء وإصدار الاعتماد الاضافي لعام 2012 بموازاة الانكباب على التدقيق في حسابات الاموال في لبنان وإعادة تكوين مالية الدولة". تضمّ كتلة الوفاء للمقاومـــــة: 10 نوابٍ حزبيين، وآخَرَيْن غير حزبيَّيْن، يتوزعون بين البقاع والجنوب وجبل لبنان.
كما فياض، يعدّد فنيش إنجازات لا تقلّ أهمية عن حصيلة العمل التشريعي، وهي تأتي في سياق إصلاح إداري واسع. تلك "النجاحات" تتنوّع بين تعديلات لمراسيم معيّنة وبين قرارات وزارية تُتّخذ في جلسات حكومية مطوّلة. لعلّ أبرزها "استراتجية النهوض بقطاع الطاقة التي تعود الى زمن تولّينا حقيبة الطاقة عام 2005 ، وتعديل قانون الاستفادة من القطاع الخاص وإدخاله في الانتاج رغم ما أعقبه من ظروف سياسية حالت دون المضّي به".
من باكورة الجهد الوزاري الذي بذله حزب الله، يظهر تطوير المعاملات الادارية وذلك عندما تولّى الحزب حقيبة العمل، وقتها "عملت الحكومة على توفير العناء على المواطنين بالاستفادة من خدمات توزيع البريد وبتكاليف منخفضة تسهيلاً لإنجاز المعاملات".
على صعيد الضمان الاجتماعي، اتخّذ وزير حزب الله في ذلك الحين (طراد حمادة) العديد من الاجراءات والقرارات الاصلاحية عبر "تأمين التمويل اللازم للضمان وتسديد العجز للحكومة وإلزامها في أحد بنود قانون الموازنة بدفع المتوجبات عليها من خلال أقساط مريحة وتوحيد التعرفة بين كلّ الصناديق الضامنة رغم أنها لم تطبق لاحقاً".
الى جانب هذا، يتطلّع فنيش الى "تحقيق رزمة من المشاريع المعدّة في جلسات مجلس الوزراء الآتية، وهي تتعلق بقوانين الرقابة والصفقات العمومية وإنشاء وحدات للتخطيط الاستراتيجي وللمعلوماتية والموارد البشرية"، الامر الذي يصفه فنيش إذا تحقق بـ"نقلة نوعية لم يشهدها لبنان منذ الستينات أيام الرئيس فؤاد شهاب، من شأنها إحداث تطوير وتعديل في عمل ومهام أجهزة الرقابة من ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية".
ويتحدّث فنيش هنا عن رزمة مشاريع قوانين تعكف وزارة التنمية الادارية التي يتوّلاها اليوم على تقديمها ضمن ورشة عمل في السراي الحكومي، بغية إصلاح الادارة بعد أن تمّت مناقشتها وإشراك أصحاب الخبرة والمعنيين فيها، ومنها مشروع اعتماد المعاملات الالكترونية، الذي حظي بموافقة الحكومة للسير بتنفيذه مباشرة.
زراعياً، يستشهد فنيش بنجاح تجربة زميله الحزبي والوزاري حسين الحاج حسن المليئة بالنتائج الايجابية للإشارة الى ما يشهده هذا القطاع من تطوير وتحديث يطال كلّ تفصيل يتعلّق بالزارعة . المشاريع كثيرة والوزير يتمتّع بإلمام كبير. هكذا يرى فنيش.
عقبات
الانجازات التي يستعرضها فنيش وفياض تصطدم أحياناً بعقبات، فخصوصية لبنان و"فرادته الطائفية" تفرض ذلك. يقول فياض إن "تحقيق إنجازات كالاصلاح السياسي الجذري وإقرار مشاريع نوعية غير طائفية مثل تعديل سنّ الانتخاب أو تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، هي أمور يستطيع النائب أو المسؤول أن يحلم بها فقط لأنها في نهاية المطاف تخرق جدار الحسابات الطائفية في لبنان".
بدوره، يعزو فنيش الاخفاق أحياناً في تنفيذ بعض الخطط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتنموية الى "طبيعة النظام السياسي اللبناني وتركيبته التي تنتج مجموعات طائفية ومذهبية غير مبنية على انسجام في الرؤية بل على تحالفات ظرفية وموضعية".
يتقاطع كلام الوزير مع النائب. ويعتبر فياض أن "التعقيدات السياسية ومناخات الانقسام المخيّمة على البلد، تساهم الى حدّ كبير في ضعف فعالية الانتاج البرلماني".
لكنّ حزب الله، وفق فنيش، تخطّى هذه العوائق، وواصل معارضته للسياسات الاقتصادية التي اتّبعت سابقاً أثناء مشاركته فقط في المجلس النيابي، وكان موقفه مخالفاً للاتجاه والمدرسة الاقتصادية السائدة أي الليبرالية، ورغم أنه لم يحدث تغييراً جذرياً في ذلك الاتجاه إلا أنه نجح في وضع كوابح له".
أولويات وتقييم
على ماذا يركّز حزب الله في الحكومة والمجلس النيابي؟ يتفق الرجلان على أن "كل ما يتّصل بحماية مصالح الناس المحرومة والمستضعفة، وبما يتعلّق بالسيادة اللبنانية ولا سيّما اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري والسياسي يشكّل أولوية لدى الحزب".
يشيع فنيش وفياض أجواء من الرضا والقناعة بكلّ ما أنجزه حزب الله حتى الآن، وهما يستعينان بشهادة أطراف غير حليفة تؤكد انضباط واستقامة نواب ووزراء الحزب وجدية تعاطيهم مع الملفات المعيشية والحياتية قبل أي شيء آخر. إلا أن فياض يقرّ بقلّة القوانين المقدّمة من كتلة الوفاء للمقاومة وبالحاجة الى إكثارها، لكنّه يستعيض عن ذلك بتأكيد "جدية نواب الحزب عند دراستهم مشاريع واقتراحات القوانين وبمستويات عالية من التمحيص".
لا يكتفي بذلك، بل يشدّد على "أهمية إعادة النظر في عدد من الملفات المطروحة بشكل دؤوب مع إخضاع الواقع السياسي والاداري الذي يتصل بقضايا الناس الى عملية تقييم وقراءة مستجدّة، وعليه يمكن القول إن "كتلتنا هي من الكتل الناشطة والحاضرة في كلّ التفاصيل المتعلقة بالتشريع ومصالح المواطنين".
تعليقات: