سجال ناري بين الحريري وسمير الجسر: «نحن جئنا بك نائباً ووزيراً»..
الأخبار
في اجتماع عقد في منزل النائب محمد كبارة في طرابلس، غداة اغتيال اللواء وسام الحسن، ساد سجال حاد بين النائب معين المرعبي والشيخ كنعان ناجي، بعد إعلان المرعبي نيّته نصب خيم اعتصام قرب منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للضغط من أجل إسقاط حكومته. وقد نُقل عن ناجي قوله للمرعبي في الاجتماع: «نحن أبناء طرابلس ونعرف كيف نحل مشاكلنا أكثر من غيرنا»، وهو ما يعكس استياء كبيراً من حركة المرعبي، خصوصاً في أوساط أصحاب المصالح التجارية الذين نقلوا انزعاجهم إلى نواب المدينة، وفي مقدمهم النائبان كبارة وسمير الجسر حليفا المرعبي. إذ نقلت مصادر عن التجار قولهم: «إذا أراد المرعبي أن يُسقط حكومة ميقاتي، فليذهب ويعتصم في عكار!».
الانقسام داخل «التيار الأزرق» حول خطوة المرعبي وصل إلى مستوى أعلى، إلى حدّ حصول سجال آخر بين الجسر والرئيس سعد الحريري. فقد أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«الأخبار» أن معلومات وصلت الى الحريري تفيد بأن مشاركة الجسر وأنصاره في خيم الاعتصام كانت خجولة. ولما اتصل رئيس الحكومة السابق بنائب طرابلس مستفسراً منه عن السبب، أجابه الجسر بأنه ليس موافقاً على إسقاط الحكومة بهذه الطريقة. وذكّر الحريري برفضه اعتصام الشيخ أحمد الأسير في صيدا لاسقاط سلاح حزب الله، لأن ذلك الاعتصام شلّ الحركة الاقتصادية في صيدا، ما دفع الحريري، إلى «إعطاء ضوء أخضر لعقد صفقة مع الأسير عبر الأمين العام للتيار أحمد الحريري، تمّ بموجبها فضّ الاعتصام».
وعرض الجسر أمام الحريري ما يلحق بطرابلس من أضرار نتيجة الاعتصام، ما أدى إلى إظهارها وكأنها خارجة عن القانون، وإلى قطع أرزاق الناس والإضرار بمصالحهم تحت حجة إسقاط الحكومة. ثم سأل الحريري: «لماذا تدخلت في صيدا لفضّ الاعتصام، وتشجعه في طرابلس؟».
موقف الجسر هذا فاجأ رئيسه الذي ردّ عليه، وفق المصادر، بانفعال، وقال له: «نحن الذين جئنا بك نائباً ووزيراً، وإذا بقيت على هذا الموقف فلن تجد لك مكاناً على لائحتنا عام 2013». ردّ الحريري على الجسر، بحسب المصادر نفسها، كان صادماً لمناصري الأخير الذين قاطعوا كل نشاطات الاعتصام، وشابت علاقاتهم مع منسقي تيار المستقبل في طرابلس في الأيام الأخيرة برودة لافتة.
وكشفت مصادر في تيار المستقبل في طرابلس لـ«الأخبار» بعض أسباب تأزم العلاقة بين الحريري والجسر، موضحة أن «قرار الاعتصام فردي اتخذه المرعبي فجأة بعيداً عن أصول العمل السياسي وأدبياته». واعتبرت المصادر أنه «ليس مقبولاً أبداً أن يُنفذ اعتصام تحت نافذة الجسر (منزل الجسر على مقربة من منزل ميقاتي)، وباسم تيار المستقبل، وهو لا يعلم به». وأوضحت: «كما انتقدنا اعتصام ساحة النور سابقاً لأنه غير حضاري وعطل مصالح الناس، نفعل ذلك اليوم».
وأكدت المصادر أن «خطوة كهذه كانت تحتاج إلى تنسيق وتشاور مسبقين، لكن لم يعقد أي لقاء قبلها، وكل ما حصل هو أن الفكرة أعجبت أحمد الحريري فمشى بها». هذا الأمر أثار استياء الجسر الذي بعث رسائل امتعاض إلى المعنيين في التيار بأنه «ليس هكذا تسير الأمور، فهل أنا أمثل الموقف السياسي للتيار في المدينة أم مُلحق؟».
وقالت المصادر «كان يمكننا القيام بأكثر من نشاط وتحرّك سياسي بهدف إسقاط حكومة ميقاتي غير هذا الأسلوب، لأن نصب بضع خيم لا يُسقط حكومة»، فضلاً عن أن «أي تحرك سياسي يحتاج إلى تحضير ودراسة جيدة قبل الإقدام عليه، لأننا أبناء هذه المدينة وأدرى بشعابها، وليس جائزاً استخدام أساليب رفضناها في السابق».
المصادر التي رأت أن محاولة اقتحام السرايا الحكومية كانت «أكبر خطأ ارتكبناه»، قالت إن أصداء الاستياء من اعتصام الخيم وصلت إلى مسؤولي التيار، فأبعدها القائمون على الخيم صباح الأحد عن وسط الطريق التي فتحت أمام حركة السير في الاتجاهين، ونقلوا الخيم إلى الباحة الخلفية وراء الرصيف.
ولكي لا يقطع الجسر شعرة معاوية بينه وبين الحريري، زار أول من أمس، للمرة الأولى، خيم الاعتصام وشارك في اللقاء الذي أقيم لمناسبة مرور أسبوع على اغتيال اللواء الحسن، لكن من دون أن يدعو مناصريه إلى المشاركة في الاعتصام.
وكان الاعتصام قد أصيب يوم الأحد بنكستين: الأولى أن الحشد الذي حاول تيار المستقبل تأمينه كان خجولاً للغاية، ولم يصل حسب بعض المراقبين إلى 1500 شخص، كان نصفهم من بلدة بتوراتيج الكورانية مسقط رأس الحسن الذين توافدوا إلى طرابلس لتقبل التعازي. أما الثانية فتمثلت في موقف والد الحسن الذي برّأ ميقاتي وحكومته من دم ابنه، معتبراً إياه «شهيد الوطن كله»، ومنوّهاً بالعلاقة التي تربط العائلة مع ميقاتي، ما جعل بعض المراقبين يرون أن تيار المستقبل «ينتقل بسبب توتره وتهوّره من فشل إلى فشل، من غير أن يتعلم الدرس أو يأخذ العبرة».
تعليقات: