من خطط وموّل التقاتل المذهبي تحت عنوان الجهاد في سبيل الخالق الواحد الاحد؟


كعادتها منذ أكثر من أسبوع دخلت شمس صباح أحد الصيف الثاني الى غرفتي من الباب الشرقي بعدما تسلقت جدار جبل "الكنيسة" لتنشر أنشودتها العذبة فوق لبنان، وعندنا ضيف هذا الأحد، خفيف الظل، لساعات، سيتناول أثناءها الفطور مع رئيس البلاد: مناقيش بالزعتر وبندورة وزيتون، ولن يذوق الكرواسان بالزبدة، إنما سيشرب الشاي وهو يطمئن رئيسنا الى أن مشروع حكومة لبنانية بديلة غير وارد لا في المنفى ولا في الداخل في زمن حروب مذهبية بطولية، وضيفنا طبعاً الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

أما "المنفى" الذي سيقرر مصير الملحمة النضالية السورية بناء على طلب السيدة الكلينتونية المخططة، التي ترسم أقدارنا العربية بريشتها الأميركية الذهبية، فسيضم في الدوحة القطرية، هذا الأحد، كل تنوع المعارضة السورية لمحاولة إيجاد تصميم موحد للاداء الاعتراضي الدموي المناضل ضد النظام، وضد الشخص، وضد شعب بكامله تراق دماؤه تحت ركام منازله. وليت تلك المعارضة المركبة تخبرنا كيف استطاعت تحويل عواصم العالم "منافي"، ومن يجرؤ على نفيها باستمرار من هنا الى هناك، وكيف تُطمئِن العالم الى مستقبل الشعب السوري لو نجحت في قلب النظام الى نظامها العادل المتطور الذي ما كشفت بعد إلا عن وجهه المدمّر. ليت هذا الأحد "الدوحي" يجيب.

والحقيقة أن ما يشغل الرئيس الفرنسي الزائر شرقنا العربي الوضع الاقتصادي المهزوز لبلاده، والترياق طبعاً من السعودية التي تمر اليوم بورشة تغيير حضاري، وتخولها ثرواتها المادية الهائلة الحصول على كل ما تشتهي من فرنسا وغير فرنسا، وتحديداً السلاح الحديث الذي يناسب نضال العصر الجهادي، المذهبي الدائر حول إيران ونمائها النووي الراعب إسرائيل ودول الخليج، يغذيه غرب شبه مفلس، عينه على نفط العرب ويده في خزنتهم التي لا تنضب. وهذا ما يعرفه الغرب جيداً برجاله ونسائه الذكيات اللواتي يخططن لخير بلدانهن، عكس النساء العربيات الشديدات الذكاء إنما المقموعات داخل عباءات الرجال السلاطين.

وتدور الشمس لتستقر على سريري دقائق. من يدور، الأرض أم الشمس أم الكون بكل مجراته التي لا بد تحمل كائنات تمر باختبار الحياة كما إنسان الأرض الذي تدور إهتماماته حول المال، ثم السلطة، ثم الجهاد في سبيل خالق واحد أحد، يناضل من أجله قاتلاً الآخر الذي بدوره يقاتل في سبيل الخالق نفسه الواحد الاحد، مصدر كل الوجود بأكوانه المستمرة النماء، وبإنسانه الذي ما تخطى بعد بدائية المرحلة القبلية المجتمعية، ولا تخطى مرحلة عبادة المال، ولا مرحلة إبتكار الحروب العبثية لبيع الأسلحة؟

من باب غرفتي المفتوح على دفء صيف تشريني ثان يدخل رنين جرس كنيسة "مراح غانم" الأرثوذكسية داعياً الرعية الى قداس الأحد، وتلبي الرعية أحداً بعد أحد، بعد أحد، ولا يتغير شيء. مسيحيو الشرق العربي مصابون اليوم برهاب من "الاسلام" المتطرف الغارق في عنف مذهبي مخيف يخفي حقيقة ان من خطط وموّل حركة التقاتل المذهبي فكر صهيوني مريض، يظل خارج الشبهات بفضل فكر عربي ربيعي مشرقط، صباحكم صباح خير يا عرب. Bonjour.

* (حياة أبو فاضل)

تعليقات: