هل يعامَل كل الذين يخالفون القانون كما يعامَل آل المقداد؟ (هيثم الموسوي)
وزير الداخلية في الشارع. المشهد أصبح عادياً. يوم أمس كان في الضاحية، يفاوض آل المقداد لنقل اعتصامهم من وسط الطريق، وهذا ما حصل. العائلة تشعر بعدم الإنصاف، وبتضخيم التهم، فتريد اليوم: «إما عدل في الرعية أو ظلم في السوية»
محمد نزال
يا لـ«حنان» الوزير مروان شربل. كم هو «شعبوي عطوف». إنه يحب ماهر المقداد، بل آل المقداد برمتهم، بل كل عشائر الجرد، والسبب أنهم: «بسطاء وقلوبهم طيبة». سيمر وقت طويل، على وزارة الداخلية في لبنان، قبل أن يأتي وزير مثل شربل. إنه الوزير الذي تحوّل، أخيراً، إلى «إطفائي» نزاعات الشوارع وقطع الطرقات. الموعد هذه المرّة كان، أمس، عند جادة الشهيد هادي نصر الله في الضاحية. من مثل آل المقداد اليوم؟ «ها قد أتى وزير الداخلية إلينا ليسمعنا».
آل المقداد يمكنهم المفاخرة الآن. ليحصل ما يحصل بعدها. رفعوا اعتصامهم من وسط الطريق، وأزالوا خيمهم، بعد وصول شربل و«إعطائهم كلمة». قبل الكلمة، كانت «المحبة» تمارس عبر الأثير بين الصنائع ورومية. لم تتوقف الاتصالات بين شربل وماهر المقداد: الأول من وزارته، والثاني من خلف قضبان سجنه. نزلاء رومية يعرفون المقداد جيداً. لديه الكثير من الأنصار هناك. إنه من أولئك الذين يستطيعون، أينما حلوا، جمع الناس حولهم.
هكذا، مرّت الغضبة على خير، أمس، من دون أن يعلن عن «بنود الاتفاق». لكن، وبحسب ما أكّد شربل لـ«الأخبار»، فإن المسألة برمتها «بيد القضاء، وقد أبلغت آل المقداد أنه ليس بإمكان القضاء أن يعمل تحت الضغط، وما يمكننا فعله هو أن لا نسمح للمحاكمات بأن تتأخر أكثر من المعتاد». في المقابل، لا تتوقف العائلة كثيراً عند مسألة المحاكمات، أو موعدها، بقدر ما تتوقف عند «نوعية الاتهام الذي وجّه للموقوفين، مثل تهمة الأعمال الإرهابية». هذا ما قالته سعاد المقداد، زوجة ماهر، التي كانت بين الذين احتشدوا أمس في الضاحية. طرحت السيدة العديد من الأسئلة، بدت في أغلبها منطقية، وبشهادة من شربل نفسه، مثل: «هل كل الذين يخالفون القانون يعاملون كما يعامل آل المقداد»؟ لا يُحسد شربل على تلقيه مثل هذا السؤال. هو يعلم، قبل غيره، أن «الانتفاضة المقدادية» حصلت بالتزامن مع نشوء «الظاهرة الأسيرية». ألم يقطع أحمد الأسير شريان صيدا الحيوي؟ ألم يشاهده الجميع كيف ينظم حركة إطلاق النار؟ عندما أوقف المتهمون من آل المقداد، لم يكن قد نسي أحد بعد كيف أخلي سبيل شادي المولوي. ذاك الشاب الذي نقل إلى طرابلس، من أمام المحكمة العسكرية، بموكب وزاري مهيب. إنه من المشاهد التي ستذهب بعيداً في ذاكرة اللبنانيين. طبعاً، بعيداً لا تعني بالضرورة سنوات، إذ ثمة ذاكرة مثقوبة يعانيها الشعب، أو ربما ذاكرة لم تعد تتسع لكمّ هائل من الأحداث.
يُذكر أن القرار الاتهامي في قضية آل المقداد، الصادر مطلع الشهر الحالي، اتهم فيه قاضي التحقيق العسكري عماد الزين 13 شخصاً، بينهم 9 من آل المقداد، بـ«إنشاء تنظيم مسلّح بهدف القيام بأعمال إرهابية، وخطف سوريين وأتراك، وتعريض السلم الأهلي والاجتماعي والسياسي للخطر، وتعكير العلاقات مع دول أجنبية وعربية، فضلاً عن قيامهم بتهديد عسكريين وحيازة أسلحة ومتفجرات غير مرخصة». في الواقع، إنها تهم من العيار الثقيل، والتي لم تكن تتوقعها العائلة على الإطلاق، وخاصة في ظل «الوعود التي أكّدت لنا، منذ البداية، أن المسألة سوف تكون سهلة ومخففة، لكن تبيّن لاحقاً أنها وعود جوفاء، بل إن بعض المسؤولين ما عادوا يردون على اتصالاتنا الهاتفية». هكذا تتحدث مصادر العائلة، التي ترى «أن العائلة لم تعرف كيف تستفيد من وجود التركيين في لبنان، ونحن في المقابل لم نستعد ابننا حسان، بل لم نعرف مصيره، ولم تكن لدينا أي نية إرهابية... هذا ظلم».
يُشار إلى أن التحقيق لم يتوصل إلى معرفة هوية 7 آخرين من آل المقداد، غير الموقوفين، ممن شاركوا في عمليات الخطف. وبحسب القرار القضائي، فقد أحيل الموقوفون أمام المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمتهم، وفقاً لمواد تصل عقوبتها القصوى الى الأشغال الشاقة المؤبدة، كما سُطّرت مذكرات تحر دائم لمعرفة كامل هوية الآخرين. إذاً، المسألة ليست سهلة أمام القضاء، وليس معلوماً كيف بإمكان أحد أن يساعد الموقوفين اليوم، إلا عبر التقدم بطلبات إخلاء سبيل، على أن يمثلوا أمام المحكمة لاحقاً. طبعاً، تظل قرينة البراءة تلازم كل متهم، إلى حين صدور الحكم النهائي، والذي يمكن أن يختلف، ولكن ليس كثيراً، عن قرار قاضي التحقيق.
تعليقات: