سوليدير تحتل ردم البحر قبالة وسط بيروت ولا يشير اليها تقرير وزارة الاشغال العامّة والنقل
المعتدون على البحر بالاسماء والتفاصيل [1]
كشف تقرير رسمي عن وجود اكثر من 1141 تعدّياً على الاملاك العامّة البحرية، من بينها 73 تعدّيا «مرخصا» فقط. وعلى الرغم من ان هذا التقرير لا يتناول ردم البحر المحتل في وسط بيروت وضبية والمطار وصيدا، الا انه يُظهر أن المعتدين يحتلون اليوم نحو 4 ملايين و900 الف متر مربع من الشاطئ، تقدّر قيمتها بعشرات مليارات الدولارات... «الأخبار» تعرض على حلقات ابرز ما تضمّنه هذا التقرير بالاسماء والتفاصيل
معطيات مذهلة يكشف عنها تقرير رسمي حديث رفعته وزارة الاشغال العامة والنقل الى رئاسة الحكومة: رؤساء ووزراء ونواب حاليون وسابقون واحزاب وقيادات حزبية وزعامات محلية وأتباع ومحاسيب يحملون صفة «مستثمرين» او «متمولين» ومؤسسات سياحية مشهورة وغير مشهورة ومنشآت صناعية وخزانات وقود وحقول زراعية ومرافق عامّة وعسكرية وملاعب رياضية واماكن للعبادة وشاليهات وقصور ومساكن خاصّة... كل هؤلاء مشتركون في عمليات منظّمة ومحمية للسطو على الاملاك العامّة البحرية!
يمتد الشاطئ على مساحة 220 كيلو متراً تقريبا، وهو يُفترض ان يمثّل مصدر غنى للبنان ومساحة مشتركة لجميع ابنائه وبناته وميزة تنافسية مهمّة جدّا على الصعيد الاقليمي... لكن المعطيات التي يوفّرها التقرير المذكور تشير الى ان هناك 1141 تعدّيا على هذه المساحة، من بينها 73 تعدّيا «مرخّصا» فقط، اي ان هناك 5.18 تعدّ على كل كيلو متر مربع من الشاطئ كمعدّل وسطي، وهو ما يجسّد انتهاكا فاضحا للقوانين التي تفرض المحافظة على وحدة الشاطئ وتواصله من الناقورة في الجنوب الى النهر الكبير في الشمال، كما تفرض المحافظة على حقوق المواطنين والمواطنات جميعا في الدخول الحرّ والمجاني الى البحر.
يقدّر التقرير نفسه المساحة المحتلة على الشاطئ وفي البحر بأكثر من مليونين و535 الفا و788 مترا مربعا (راجع الجدول ادناه)، يضاف اليها نحو مليونين و365 الفا و938 مترا مربعا من الاحتلالات «المرخّصة»، اي التي صدرت في شأنها مراسيم عن مجلس الوزراء تخالف الدستور والقوانين الاساسية وتمنح بعض الاشخاص والجهات حق الانتفاع من الملك العام على حساب باقي المجتمع وبما يتعارض مع المصلحة العامّة. وهذا يعني ان احتلال الشاطئ والبحر يطال اكثر من 4 ملايين و900 الف متر مربع، تقدّر قيمتها السوقية اليوم بعشرات مليارات الدولارات وتدرّ على محتلّيها ارباحا ريعية طائلة، تقدّر بمئات ملايين الدولارات سنويا.
هذه الصورة التي يقدّمها تقرير الوزارة المؤتمنة على ادارة الاملاك العامّة البحرية لا تزال ناقصة على الرغم من فداحتها، فهي لا تشمل احتلالات «مقوننة» واسعة في مناطق مهمّة جدّا عقاريا، اذ بموجب قوانين استثنائية وجائرة استولت شركة «سوليدير» على ردم البحر قبالة وسط بيروت من منطقة ميناء الحصن وحتى المرفأ، وتقدّر هذه المساحة بنحو 870 الف متر مربع، حصلت «سوليدير» على 291 الفا و800 مترا مربعا منها، واحتفظت الدولة ببقية المساحة ضمن املاكها العامّة والخاصّة، الا ان المخطط «الجهنمي» جعل من كل مساحة الردم في تصرّف الشركة العقارية الخاصّة من خلال تخصيص مساحات واسعة للطرقات والبنى التحتية ومنشآت الحماية البحرية والحدائق المقفلة التي تخدم المضاربات العقارية وتحرم اللبنانيين واللبنانيات من الانتفاع المشترك منها، ولم يُترك اي عقار ضمن املاك الدولة قابل للاستثمار، بل جرى وضع اليد على بعض العقارات بشكل سافر، كما هو حال «بيال» والمنشآت المحيطة به غير المرخصة اصلا، وكذلك المرفأ السياحي الغربي (67 الف متر مربع) الذي حصلت «سوليدير» على حق استثماره لمدّة 50 عاما بمبلغ زهيد لا يتجاوز 2500 ليرة سنويا عن كل متر مربع، وهذا ينطبق على المرفأ السياحي الشرقي (الذي لم تنته الاعمال به بعد) الذي منحت الدولة حق استثماره الى شركة «سوليدير» بمبلغ اقل هو 2000 ليرة سنويا عن كل متر مربع ولمدة مماثلة! علما ان عقارات مهمّة جدّا من الاملاك العمومية المحاذية للمرفأ السياحي الغربي جرى نقل ملكيتها الى شركة Beirut WaterFront Development S.A.R.L التي قامت بتشييد ما سمّي «Zaitunay Bay»، وهو مشروع تتشارك فيه «سوليدير» مع شركة «ستو» التي يمتلك الوزير والنائب محمد الصفدي معظم اسهمها.
وايضا لا يشمل تقرير وزارة الاشغال العامّة والنقل نحو مليون متر مربع من ردم البحر في ضبيّة، حيث تملكت شركة «جوزف خوري» معظم هذه المساحة، واقامت مارينا سياحية ومنشآت مختلفة، وتنفّذ حاليا بشراكة مع مجموعة الفطيم الامارتية مشروعا سكنيا فاخرا تحت اسم «مدينة الواجهة البحرية» او «Waterfront City»... وايضا وايضا، يتجاهل تقرير الوزارة المعنية تعدّيات واحتلالات ذات طابع عام، ولا سيما ردم البحر لانشاء مدرج جديد لمطار رفيق الحريري الدولي، وردم البحر في صيدا بحجّة معالجة جبل النفايات على مدخلها وانشاء مرفأ جديد، وكذلك المسبح العسكري في منطقتي راس بيروت وجونية وطرابلس، بالاضافة الى الكثير من الردميات لاقامة مرافئ الصيادين والمرافئ السياحية وتوسيع الاتوسترادات وغيرها.
بمعنى ما، يمكن الجزم في ضوء التقرير الرسمي الحديث (وهو الثاني من نوعه بعد المسح الذي نفّذته مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني في اواخر التسعينيات)، ان التعدّيات على الشاطئ والبحر تقدّر بنحو 7 ملايين و500 الف متر مربع، وهناك مخاطر جدّية من ان يضاف اليها نحو مليون متر مربع من ردم البحر قبالة الكورنيش الجديد بين طرابلس والميناء، اذ يسوّق النائب روبير فاضل مع شلّة من المتمولين مشروعا يستهدف استحداث عقارات في هذه المنطقة لتحقيق ارباح طائلة من المضاربات عليها وصولا الى تغيير معالم هذا الجزء من المدينة وتحويله الى منطقة خاصّة بالاغنياء وطرد الفقراء منها!
ما يدفع الى القلق الآن هو توقيت صدور تقرير وزارة الاشغال العامّة والنقل، اذ رفعه الوزير غازي العريضي الى مجلس الوزراء بمناسبة البحث عن مصادر لتمويل العجز المالي الاضافي المقدّر بأكثر من 5 آلاف مليار ليرة في موازنة عام 2013، وبحسب مصادر وزارية فان هناك نوايا جدّية لطرحه على النقاش في جلسة الحكومة المقررة في العاشر من هذا الشهر الى جانب مشروع زيادة طابق على الابنية القائمة والجديدة (وهو تعدّ فاضح على الملك العام ايضا) بحجّة ايجاد مصادر لتمويل كلفة تنفيذ مشروع التعديلات على سلسلة الرواتب لموظّفي الادارات العامّة والاسلاك التعليمية والعسكرية. وعلى الرغم من ان الكتاب الذي رفعه الوزير العريضي الى الامانة العامّة لرئاسة مجلس الوزراء في 26 تشرين الثاني الماضي (رقمه 6/8990) يحمل عنوان «إزالة تعديات ضمن الأملاك العمومية البحرية أنشئت خلافاً للأصول وبدون أي مسوغ قانوني على طول الشاطئ اللبناني»، الا ان اللافت ان المرجع المعتمد لهذا الكتاب هو «مشروع قانون أحيل إلى مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 17079 تاريخ 29/5/2006».
لا يهدف مشروع القانون المذكور الى ازالة التعديات كليا ومحاكمة المعتدين وتطبيق العقوبات القانونية بحقهم (التغريم والحبس)، بل يقوم على استنساخ قانون «تسوية مخالفات البناء»، وهو ينص على معالجة هذه التعديات عبر السماح بالإشغال المؤقّت اذا كانت حاصلة قبل عام 1994، واذا كان المعتدون يملكون عقارات خاصة متاخمة للاملاك العامّة البحرية.. ولا يستثني الا حالات معينة يعتبرها تسبب ضررا فادحا بالمواقع الاثرية والتاريخية او تضر بالبيئة والصحّة العامّة والاتفاقات المختلفة... وهذا المشروع ينص على تعليق كل الملاحقات الجزائية الحاصلة قبل نفاذه، كما ينص على اسقاط كل الملاحقات القضائية اذا حصل المعتدون على مراسيم استثنائية تسمح لهم باشغال الاملاك العامّة مؤقتا ولكن مع احتفاظ حق الدولة باستيفاء الغرامات المنصوص عليها في هذا المشروع، والمقدّرة قيمتها بحسب وزارة المال بنحو 157 مليار ليرة فقط في عام 2013 ومثلها في عام 2014!
الجدير بالاشارة ان النائب انطوان زهرا كان قد تقدّم في 27/9/2012 باقتراح قانون الى مجلس النواب في محاولة اضافية لتشريع السطو على الاملاك العامّة وتشريع احتلالها، وهو يرمي الى «تمليك» المحتلين العقارات التي احتلوها على الاملاك العامة البحرية والنهرية والاملاك العامة والاملاك البلدية الخاصة والمشاعات. ولا يسعى اقتراح القانون المذكور الى تمليك المحتلين فحسب، بل وباسعار تقل عن نصف القيمة، ومن دون تغريمهم عن الفترة التي استثمروا فيها هذه الاملاك وراكموا ثروات طائلة من جرّاء ذلك... والانكى انه يسمّي الاحتلال والتعدّي «مخالفة» لا جريمة يعاقب عليها القانون، ويحرم جميع اللبنانيين من حق التقاضي لحفظ حقوقهم من خلال اعتبار احكام لجان التخمين القضائية مبرمة وغير قابلة لأي من طرق المراجعة. فضلا عن انه يطرح منح المحتلين قروضا مدعومة وممولة من الللبنانيين جميعا لتمكينهم من تملّك املاكهم المشتركة، وذلك عبر الطلب من مصرف لبنان ادراج هذه العمليات في اطار برامج التمويل المدعوم من الخزينة العامّة!
يتضمن تقرير وزارة الاشغال العامّة والنقل الى مجلس الوزراء جداول اسمية (تنشر «الاخبار» ابتداءً من اليوم ابرز مضامينها بالتزامن مع تحقيقات عن ابرز الاعتداءات على الاملاك العامّة البحرية) تتضمن ما يلي:
- اسماء الاشخاص والجهات الذين حصلوا على مراسيم باشغال مساحات من الشاطئ وردم البحر واقامة منشآت على الملك العام، وعددها 73 مرسوما وتتضمن ردم البحر على مساحة مليون و515 الفا و215 مترا مربعا واستثمار المسطّح المائي على مساحة 850 الفا و723 مترا مربعا واقامة انشاءات على مساحة 99 الفا و153 مترا مربعا.
- اسماء الاشخاص والجهات الذين خالفوا المراسيم الصادرة لهم واحتلوا مساحات اكبر من المساحات المرخصة لهم، وعددها 20 تعدّيا، وتتضمن 210 الاف و381 مترا مربعا من ردم البحر، و22 الفا و301 متر مربع من المسطح المائي، و37 الفا و577 من الانشاءات.
- اسماء الاشخاص والجهات الذين اعتدوا على الاملاك العامّة المحاذية لعقاراتهم الخاصة والذين تنطبق عليهم شروط المرسوم التنظيمي رقم 4810 (الذي يتم استعماله للترخيص بالاشغالات المؤقتة)، وعددها 26 تعديا وتتضمن 100 الف و432 مترا مربعا من ردم البحر، و18 الفاً و840 مترا مربعا من المسطح المائي، و3490 مترا مربعا من الانشاءات.
- اسماء الاشخاص والجهات الذين اعتدوا على الاملاك العامّة المحاذية لعقاراتهم الخاصة والذين لا تنطبق عليهم شروط المرسوم التنظيمي رقم 4810، وعددها 431 تعدّيا، وتتضمن مليوناً و276 الفا و523 مترا مربعا من ردم البحر، و288 الفا و140 مترا مربعا من المسطح المائي، و96 الفا و502 من الانشاءات.
- اسماء الاشخاص والجهات الذين اعتدوا على الشاطئ والبحر من دون ان يكون لهم املاك خاصة متاخمة، وعددها 530 تعدّيا، وتتضمن 602 الف و487 مترا مربعا من الردم، و12 الفاً و260 مترا مربعا من المسطح المائي، و157 الفا و411 مترا مربعا من الانشاءات.
- اسماء الاشخاص والجهات الذين اعتدوا على الملك العام البحري خلال عامي 2011 و2012، وعددها 61 تعدّياً، تتضمن (باستثناء الشمال) 4 الاف و424 مترا مربعا من الردم، و11 الفا و135 مترا مربعا من الانشاءات، واللافت في هذا القسم من التقرير ان وزارة الاشغال العامّة والنقل تبرز وثائق تفيد بأن قوى الامن الداخلي لم تلب طلباتها المتكررة بالكشف عن التعدّيات في الشمال، ولا سيما مجمّع «ميرامار» السياحي الذي يملكه قريب للواء اشرف ريفي (المدير العام لقوى الامن الداخلي)، فضلا عن 4 مجّمعات اخرى هي: بلاج الحكيم، نورث مارينا، وبالما السياحية!
الاسم: نبيه مصطفى بري
(رئيس مجلس النواب)
مساحة التعدي: 20100 متر مربع
موقع التعدي: لبنان الجنوبي/ صيدا
المنطقة العقارية: اليهودية
وجهة الاستعمال: شخصي/ سنسول
الاسم: مصباح الأحدب (نائب سابق)
مساحة التعدي: 59700 متر مربع
موقع التعدي: لبنان الشمالي/ طرابلس
المنطقة العقارية: القلمون
وجهة الاستعمال: غير محدد/ ردميات
الاسم: يوسف كنعان (والد النائب إبراهيم كنعان)
مساحة التعدي: 2991 متراً مربعاً
موقع التعدي: جبل لبنان/ كسروان
المنطقة العقارية: حارة صخر
وجهة الاستعمال: منشآت سياحية
الاسم: روجيه جان إدّه (رئيس حزب السلام وصاحب مسبح إدّه ساندز)
مساحة التعدي: 2578 متراً مربعاً
موقع التعدي: جبل لبنان/ جبيل
المنطقة العقارية: جبيل
وجهة الاستعمال: منشآت سياحية
المصدر: وزارة الأشغال العامة والنقل - المديرية العامة للنقل البري والبحري
تعليقات: