قدره أن يولد نازحاً وأن يحمل اسم «عائد» («السفير»)

أمهات يفكّرن في التخلي عن الجنين بسبب «الظروف القاسية»

نـازحـات يلـدن فـي لبنـان: مـا ذنـب أولادنـا؟

«أطلقنا اسم عائد على مولودنا الجديد»، تقول صفية الجويدي، النازحة من بابا عمرو إلى بلدة شبعا في العرقوب. تأمل الجويدي أن «يعيش عائد باسمه، فيكون فاتحة خير وسلام، يفتح أمامنا طريق العودة إلى بلدنا الجريح». «مسكين عائد»، تردد الوالدة، «فما ذنبه كي يأتي إلى الدنيا في الظروف الصعبة التي نعيشها، ويقاسمنا العوز والمرارة وضيق العيش».

تخبر صفية أنّ «رحلة الولادة كانت طويلة وقاسية، إذ وضعت طفلي في سيارة إسعاف عائدة إلى الصليب الأحمر، قبل دقائق من وصولي إلى أحد مستشفيات البقاع الذي يبعد زهاء ساعة عن مكان إقامتنا». تضيف: «ساعدني المسعف في وضع الطفل، وفي المستشفى استُكملت عملية الولادة، لكنّني أخشى عدم قدرتي على تقديم العناية اللازمة لطفلي، إذ تولت الجماعة الإسلامية دفع تكاليف المستشفى وتزويدنا ببعض حاجيات الطفل، ويبقى أمامنا أن نؤمن الأدوية والحليب، وكل مستلزمات ما بعد الولادة».

عائد ليس المولود السوري الوحيد بين النازحين السوريين، هناك في قرى حاصبيا والعرقوب وحدها ثماني ولادات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في وقت يراوح عدد الولادات في مناطق النزوح كلها بين الـ 300 والـ 400، وفق ما يشير إحصاء غير رسمي أجرته جمعيات خيرية خاصة.

يقول مرزوق الزغيري، أب لخمسة أطفال: «رزقت وزوجتي سميرة طفلة منذ نحو أسبوع في إحدى القرى البقاعية، وقــــد جمع أقـــاربي وبعض الأصحاب نصف المبلغ المطلوب للمـــستشفى، والنصف الثـــاني دفعــته احدى الجهات، وقد جمعت ملابس الطفل من النازحـين ومن عائلات لبنانية».

يضيف: «المشكلة هي أننا لا نملك في غرفتنا مدفئة ولا كهرباء، وزوجتي التي أخضعت لولادة قيصرية تحتاج إلى متابعة طبية لا نقوى على تأمينها في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية التي نعيشها».

وتقول النازحة عفاف التي رزقت أخيراً توأمين (ذكراً وأنثى) «كنت أفّكر بالتخلي عن جنينَي قبل الولادة بأشهر عدّة، بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي نمرّ بها، لكنّ زوجي رفض الفكرة».

تضيف: «يحتاج الطفلان إلى كل شيء تقريبا. قدمت إلينا بعض الجهات المانحة حليباً وبعض الألبسة، لكننا نحتاج إلى (حفاضات) وإلى تأمين تكاليف المتابعة الصحية من جرعات تلقيح».

ويشير مسؤول الشؤون الاجتماعية في «الجمعية الإسلامية للرعاية والانماء» في الجنوب مالك غادر إلى أنّ «الجمعية تعاقدت مع مستشفيات وعيادات طبية خاصة، لمعالجة مختلف الحالات المرضية للنازحين ومنها الولادة، وهناك تعاون مع الصليب الأحمر الذي يتولى عملية نقل المرضى إلى المستشفيات».

ويقول: «نعمل على إنجاز وثائق ولادة للمواليد الجدد بالتنسيق بين المستشفيات والمخاتير، لتكون وثيقة رسمية، تسمح للأب عند عودته إلى سوريا، بتسجيل ولده في سجلات نفوس بلدته».

يضيف: «نعترف بأننا عاجزون عن تقديم كل ما يلزم للطفل ووالدته، ولذلك نبحث عن جهات مانحة، مثل دار الفتوى، البلديات، صناديق الزكاة، جمعية إشراق النور الخيري، لتأمين ما يلزم العائلات التي رزقت بمواليد جدد من مسكن وطبابة وعمل، في وقــت زودنا بعض الـــعائلات بالمدافئ مع كمية قليلة من المازوت، إذ ان كل عائلة تحتاج إلى ما بين ثلاثة وخـــمسة براميل خلال الشتاء، علماً بأنّ ثمن البرميل يصل إلى 200 دولار أميركي».

وكان رئيس «جمعية الرؤيا» ناصر أبو لطيف، جال مع وفد إغاثي من الجمعية على عشرات العائلات السورية التي رزقت بأطفال أخيرا، وعاين الفريق الطبي عدداً من المواليد الجدد، وركّب أجهزة شلل لأربعة أطفال، إضافة إلى تقديمه أدوية ومساعدات للنازحين.