الإفراج عن 8 آلاف سيّارة من مرفأ بيروت

السيارات التي تعرّضت لحوادث طفيفة تدخل طبيعياً وبرأي التجار هي تُشكّل إنعاشاً للحركة الاقتصادية (مروان طحطح)
السيارات التي تعرّضت لحوادث طفيفة تدخل طبيعياً وبرأي التجار هي تُشكّل إنعاشاً للحركة الاقتصادية (مروان طحطح)


شركة «FAL» تبدأ فحوص السلامة بكلفة 100 دولار للآلية الواحدة

غصّ مرفأ بيروت بالسيارات المستعملة أخيراً. السبب كان شرطاً يتعلّق بسلامة المركبات فرضه قانون السير الجديد، أثار بلبلة بين التجار و«الدولة». الحل كان باعتماد الشركة الخاصة بالميكانيك لإجراء الفحوص. وقد بدأت عملها أمس

أكثر من 8 آلاف سيارة مستعملة مستوردة من أوروبا وأميركا الشمالية تحديداً تراكمت في حرم مرفأ بيروت خلال فترة الشهر الماضي، بعد سريان تطبيق قانون السير الجديد، الذي فرض على التجّار معايير تقنية محددة تتعلق بمدى صلاحية الآليات للسير.

القانون بما يفرضه من فحوص دقيقة على السيارات هو خطوة في الاتجاه الصحيح، بعدما ظهرت خلال العقد الماضي أمثلة مختلفة عن آليات مضروبة ومرمّمة؛ وتحديداً في هيكلها الأساسي (Chassis). بيد أنّ المشكلة تمثّلت في عدم وجود الآلية اللازمة لإجراء الفحوص.

لكن كما أضحى واضحاً منذ بداية الأزمة فإنّ التوجّه كان لتكليف الشركة السعودية الخاصة بإجراء فحوص الميكانيك، «FAL». وهذا ما حدث فعلاً، فقد بدأت هذه المجموعة إجراء الفحوص على أرض المرفأ أمس.

«بدأت الشركة تُجري المعاينات على الآليات المختلفة – معظمها سيارات، لكن هناك أيضاً الدراجات وآليّات النقل المختلفة – لتحديد ما إذا كانت صالحة للسير» يوضح رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة في لبنان، إيلي قزّي. «السيارات الصالحة تدخل وتلك التي تفشل يُعاد تصديرها».

ووفقاً للاتفاق الموقّع فإنّ الشركة ستتقاضى 100 دولار عن كلّ فحص تجريه على السيارات. وهي كلفة ستنعكس تلقائياً على السعر النهائي الذي يتكبّده المستهلك. فهل سيكون هناك تضخيم في الأسعار في السوق بحجّة الإجراءات الجديدة؟

يؤكّد إيلي قزّي أنّ الكلفة لا تُذكر قياساً بمعدّل أسعار السيارات. وأساساً سوق السيارات المستعملة تراجعت على نحو حاد هذا العام. واستناداً لتقديراته فإنّ التراجع هو عند 50%.

ووفقاً للمعلومات المتداولة بين أوساط المعنيين في القطاع فإنّ وزارة الأشغال العامّة والنقل رعت اتفاقاً لتخصيص ألف متر مربّع في حرم المرفأ لكي يتسنّى للشركة العمل فيها وإجراء الفحوص اللازمة.

لكن لماذا هذه الشركة تحديداً؟ «لأنّه ليس هناك غيرها في لبنان تقوم بهذه الأعمال التقنية في هذا الميدان» يوضح إيلي قزّي.

وفي مفارقة في مجال الأعمال وتحقيق الأرباح، يؤكّد التجار أنّهم كانوا يطلبون تطبيق إجراء كهذا منذ وقت طويل؛ في رأي بعضهم فإنّ بعض السيارات «المضروبة» التي تدخل البلاد تؤثّر في السوق بمجملها وتضرّ بسمعة التجار إجمالاً.

وخلال فترة الفورة التي شهدتها البلاد منذ عام 2007، نما استيراد السيارات على نحو هائل، ليلبّي طلباً محلياً متزايداً ساهمت في تغذيته التسهيلات التي قدّمتها المصارف للإفادة من طفرة التدفقات المالية. هذا الوضع فتح مجال الاستيراد على كافّة الاحتمالات في ظلّ غياب الرقابة.

بيد أنّ تساؤلات كثيرة تبقى مطروحة حتّى مع دخول تلك الرقابة عبر التعاقد مع «FAL». فالفحوص ستضبط فقط السيارات التي تلقّت ضربات قوّية في قاعدتها الهيكلية، فيما الضربات الخارجيّة تبقى مقبولة.

وفي الواقع، فإنّ الاجتهاد على هذا الصعيد هو ما أدخل المرفأ، عملاء الجمارك والتجار في معمعة تحديد الصلاحية.

لكن السيارات غير الصالحة ليست فقط تلك التي تعرّضت لضربات قاضية على حياتها، بل هناك أيضاً آليّات سُحبت من الأسواق في البلدان المصدّرة لمشاكل تتعلّق بالسلامة. هذا النوع من السيارات لا يُمكن أن تكشفه سوى التقارير التقنية الصادرة من البلدان المعنيّة (مثلاً «Carfax» من الولايات المتّحدة).

أما عن السيارات التي تعرّضت لحوادث طفيفة، فهي تدخل طبيعياً، بل في رأي إيلي قزي فإنّ استيرادها يُمثّل إنعاشاً للحركة الاقتصادية إجمالاً. «الحوادث الصغيرة تعني تشغيلاً للمصالح المختلفة الخاصّة بهذا المجال من حدادة ودهان وقطع غيار...». ورغم الحركة الاقتصادية الضعيفة في البلاد – وهناك توقعات بأن النمو الاقتصادي لن يتخطّى 1% هذا العام – استورد لبنان حتّى تشرين الثاني الماضي ما يفوق 77 ألف سيارة جديدة ومستعملة بحسب بيانات إدارة الجمارك. وهو رقم لافت نظراً لوضع السوق المحلية حالياً. فهو يمثّل نمواً بنسبة 27.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وللمقارنة، سجّلت السلع المستوردة عبر المرفأ نمواً بنسبة 8% فقط خلال الفترة نفسها، وبلغ وزنها الإجمالي 6.5 ملايين طنّ.

وبقياس القيمة لا العدد تستورد البلاد نحو 38% من سياراتها من ألمانيا تليها اليابان بنسبة 25% ثمّ الولايات المتّحدة بنسبة 15%، وفقاً لوزارة المال.

وهناك فروق واضحة بين سوقي المستعمل والجديد. ففيما يتراجع الأول إلى النصف – بحسب تأكيدات قزّي نفسه – تبقى سوق السيارات الجديدة تُسجّل نمواً في المبيعات. ووفقاً لبيانات جمعية تجار السيارات (الجديدة) ارتفعت مبيعاتها بنسبة 6.4% حتّى تشرين الأوّل الماضي، حيث اشترى المقيمون 31103 آليات (سياحية وتجارية) خلال تلك الفترة.

وتؤكّد الجمعية أن الطلب الأكبر يتركّز على السيارات الصغيرة الموفّرة للوقود. ووفقاً لحساباتها فإنّ أكثر من 91% من السيارات الجديدة المبيعة في السوق اللبنانية سعرها دون 20 ألف دولار. لكن في الوقت نفسه يرغب الزبائن في السيارات الفخمة التي لا يُمكنهم تكبد كلفة الجديد منها، لذا يلجأون إلى المستعمل، ومع هذه الرغبة يرتفع الاستيراد. على أمل أن تُمثّل آليّة الرقابة الجديدة عليه فحوصاً شفّافة.

32 في المئة



هي حصّة السيارات السياحية المستوردة من ألمانيا (جديد ومستعمل) في السوق اللبنانية. وبحسب الإحصاءات الجمركية، فإن هذه الحصّة تراجعت في الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية بعدما كانت في عام 2011 ما نسبته 35%. وقد انسحب التراجع على السيارات اليابانية من 17% إلى 15%. يعزى هذا التراجع إلى المنافسة من الصانع الكوري الذي زاد حصّته من 12% إلى 14%، وحصّة السيارات البريطانية من 8% إلى 10%.

تعليقات: