صور تستقبل 2013 بإقفال مؤسسات

صور تدفع فاتورتي الوضع الأمني وتراجع تحويلات المغتربين (حسين سعد)
صور تدفع فاتورتي الوضع الأمني وتراجع تحويلات المغتربين (حسين سعد)


حركة خجولة في قطاعي الألبسة والحلويات عشية الأعياد

صور تستقبل 2013 بإقفال مؤسسات وخلاف حول الأرصفة

يقفل العام 2012 على أسوأ عام يمرّ على مدينة صور وجوارها، اقتصادياً وتجارياً وسياحياً منذ عقود.

بدأ هذا الوضع بالتفاقم مع أوائل العام 2011، متزامنا مع الأزمات الاقتصادية المحلية والعالمية، وارتدادها على التحويلات المالية للمغتربين مباشرةً.

ويحيل العاملون والمستثمرون والتجّار في أسواق صور على نحو دائم، أسباب هذا التدهور، إلى عوامل مختلفة، في طليعتها عوامل محلية وموضوعية، متمثلة بالارتفاع الجنوني للعقارات والايجارات، وتدني التحويلات المالية، والتفجيرات التي استهدفت عددا من الأماكن السياحية نهاية العام 2011، وصولا إلى عملية توسيع الأرصفة على حساب المواقف والمساحات.

ولا يغيب عن التجّار والمستثمرين، بعض الأسباب الخارجية، الناجمة عن أحداث سوريا، وما شهدته مناطق لبنانية من مشاكل، والأزمات في عدد من دول العالم، لا سيما افريقيا، حيث يقيم الآلاف من أبناء المنطقة، الذين تدهورت أوضاعهم في تلك البلدان، خصوصا في «ابيدجان».

وترجم النزف الاقتصادي في المدينة وأطرافها بإقفال متواصل لمؤسسات سياحية وتجارية على أنواعها، خصوصا عند الكورنيش الجنوبي وشارع «أبو ديب» في حي الرمل، وحديثاً نحو الحسبة القديمة، بعد فقدان أصحابها القدرة على الاستمرار، بفعل الخسائر الكبيرة. وفي ظل استمرار هذا النزف، تتوجه الأنظار أكثر فأكثر إلى مطلع العام الجديد، وإذا ما كانت بعض المؤسسات ستسير على الدرب نفسه.

حجوزات الفنادق لا تتجاوز 5%

عشية عيدي الميلاد ورأس السنة، اللذين يفترض أن يشكلا حافزا تجاريا وحركة في الأسواق والأماكن السياحية من فنادق ومطاعم ومكاتب تأجير السيارات وغيرها من قطاعات، فان الأوضاع لا تبدو مشجعة، بحسب أصحاب الفنادق، الذين يتحدثون عن نسبة حجوزات لا تتجاوز خمسة في المئة من عدد الغرف، بينما لم يعرف بعد حجم الحجوزات في المطاعم، التي ستقام فيها حفلات فنية، خصوصا سهرة رأس السنة.

في 12/12/2012 حطّت عند عاصم سويدان (مستثمر في مطعم) خسارة إضافية، نجمت عن احتراق مطعمه بالكامل عند بوابة صور، حيث استكمل هذا الحريق مسلسل الخسائر التجارية.

ويقول سويدان الذي يستثمر المطعم بمبلغ خمسة آلاف دولار شهريا، يضاف إليها أجور عمّال واشتراك في المولد الكهربائي تبلغ أكثر من 12 ألف دولار: «هناك تسلسل في الأحداث يؤدي إلى تدهور خطير في الوضع الاقتصادي والتجاري في صور».

ويستعيد مسلسل الأزمة: «منذ مطلع شهر آذار الماضي، تاريخ فتح المطعم، اشتدت الأزمة في سوريا، تلاها قضية اللحوم الفاسدة والتفجيرات التي استهدفت أماكن سياحية، ثم قرار منع التدخين في الأماكن المقفلة، وتصاعد قيمة الايجارات، بعد ضخ كبار المتمولين أموالا طائلة في العقارات والاستثمارات، وكل ذلك حصل في غياب حوافز البلدية، وتقلص مساحات ركن السيارات لصالح الأرصفة، التي لم يستفد منها التجّار لتحريك الحركة التجارية، مضافا إليها نكسات المغتربين، وتراجع تحويلاتهم».

تدني الإقبال على الحلويات

يقال: إن معيار النشاط الاقتصادي والبحبوحة، يعرف من خلال الاقبال على الحاجيات غير الرئيسة، ومنها محال بيع الحلويات، وبما ان الإقبال على هذه المادة تراجع إلى مستويات متدنية، فان الحكم على الأوضاع الاقتصادية أصبح مبرماً، كما يقول نبيل الملاح (صاحب محل حلويات في المدينة).

ويشير الملاح الذي ينكبّ على تحضير الحلويات الخاصة بالميلاد ورأس السنة، إلى أن «الأشغال تدنت بنسبة كبيرة، لم نشهدها منذ سنوات طويلة»، مفندا الأسباب التي تبدأ بارتفاع أسعار كل أنواع البضائع المستخدمة في صناعة الحلويات، ومنها البيض الذي ارتفع سعره أكثر من ستين في المئة، ناهيك عن ارتفاع بدلات اشتراك المولدات الكهربائية وثمن المازوت والأجور على اختلافها».

كما لا يخفي الملاح واحدة من المشاكل التنظيمية، لناحية تقلص مواقف السيارات، لحساب الأرصفة العريضة، «التي لا تغني ولا تسمن»، مطالبا البلدية بوضع عدادات آلية على جنبات الشوارع، التي يركن فيها موظفو المصارف وزبائنهم، وأصحاب المكاتب والعيادات طيلة فترة العمل.

من السياحة إلى الزراعة

بعد سنوات طويلة من العمل في مجال السياحة، انتقل محمد صفي الدين إلى مجال الزراعة موقتا، بعدما خسر مردود مطعمه الذي استهدف بعبوة ناسفة قبل سبعة أشهر، واغلاق الفرع الآخر للمطعم عند الكورنيش الجنوبي للمدينة، بعد تصاعد الخسائر، جراء التفجيرات الأخيرة، ومنع التدخين في الأماكن المقفلة، والتحذير من بيع المشروبات الروحية.

ويؤكد صفي الدين أن «الخسائر التي لحقت بالمطعم الذي كان يستثمره أحد الأشخاص، بلغت مباشرةً أكثر من 300 ألف دولار بحسب تخمينات الخبراء الذين كشفوا على المبنى، يقابلها أكثر من ضعفين ناجمة عن توقف العمل منذ سبعة أشهر، وعدم القدرة على اصلاح الأضرار، في ظل مواصلة صاحب الملك المطالبة بدفع بدلات الاستثمار برغم توقف العمل القسري». ويطالب صفي الدين «الحكومة ممثلة بالهيئة العليا للاغاثة بدفع التعويضات المقررة بأسرع وقت ممكن، وأن تكون على قدر الأضرار والخسائر، لا سيما ان تكلفة تجهيز وتأهيل المطعم قاربت مليونا ونصف المليون دولار».

«إيجارات خيالية في الرمل والكورنيش»

أما محمود فتوني أحد المتابعين في لجنة السوق التجاري القديم في صور، فيرى أن «صمود المستثمرين في المنطقة حتى الآن يعود إلى طبيعة الايجارات القديمة، بعكس الايجارات الخيالية في الرمل والكورنيش الجنوبي وغيرهما». ويقول: «إن ما نطلبه ونكرر المطالبة به، هو مواقف للسيارات تتيح للزبائن التوجه إلى السوق التجاري القديم، وتحويل السوق الشعبي الموقت إلى موقف للسيارات بدل تحويله إلى ساحة عامة، لأن كل رصيف وخصوصا في منطقة السرايا، أصبح ساحة في حد ذاته»، مضيفا: «تقدمنا بعريضة للبلدية وقّع عليها أكثر من مئتي صاحب مؤسسة، وحتى الآن لم نتلق جوابا».

الوضع «صعب جداً»

في المقابل، يصف علي خاطر (صاحب محال ألبسة) الوضع بـ«الصعب جداً»، مضيفا: «أصبح عمرنا في هذه المصلحة أكثر من خمسين عاما، ولم يمر سنة مثل هذه السنة القاسية». ويشير إلى أن «أسباب التدهور، لا تتعلق بمسألة واحدة، فهناك جملة من الأمور، وعلى رأسها الأوضاع العامة في العالم والمنطقة، والأوضاع المحلية في صور، حيث ارتفعت الايجارات ارتفاعاً غير مسبوق، وتراجعت القدرة الشرائية، وتدنت عودة المغتربين وتحويلاتهم المالية».

«الأسواق تدفع فاتورة التضخم»

من جهته، يرى رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق أن «أسواق المدينة، تدفع فاتورة التضخم والانتفاخ الاقتصادي، الذي كانت شهدت فيه المدينة طفرة اقتصادية وسياحية وتجارية غير مسبوقة، وتحديدا في الأعوام التي تلت عدوان تموز وانتشار «اليونيفيل» المعززة». ويضيف: «المدينة تدفع أيضا الفاتورة الأمنية، التي تمثلت باستهداف عدد من الأماكن السياحية المهمة، فضلا عن الأوضاع في سوريا، التي انعكست على مجمل النشاط، بما فيها النشاط الزراعي، الذي لم يتوقف على منطقة بعينها في لبنان»، مشيرا إلى أن «كل ذلك يحصل في ظل غياب سياسة تسويقية، وتراجع القدرة الشرائية».

وفي ما يتعلق بانعكاس المساحات المخصصة لركن السيارات، على النشاط الاقتصادي والتجاري في المدينة، يشير دبوق إلى «عدم صحة هذا الاتهام»، ويقول: «الدليل على ذلك ان المحلات والمؤسسات السياحية التي أقفلت في الآونة الأخيرة في شارع أبو ديب والكورنيش الجنوبي، لم تشهد توسيعا كبيرا للأرصفة، بينما المناطق التي تم فيها تعريض الأرصفة، لم يسجل فيها اقفال محلات»، معيدا السبب إلى «حجم الايجارات، وارتفاع الأكلاف والأعباء على أنواعها، بالتزامن مع التدني المستمر في قدرات الناس وتراجع تحويلات المغتربين».

ويلفت دبوق الانتباه إلى أنه «على جدول اهتمام البلدية، تأمين موقفين للسيارات في أطراف المدينة: الأول في المدخل الجنوبي، والثاني عند المدخل الشمالي، يترافق ذلك مع تأمين عملية نقل أصحاب السيارات والركاب، إلى داخل المدينة بواسطة حافلات صغيرة اسوة بالمدن السياحية». ويشير إلى «وجود تمويل من البنك الدولي لانشاء موقف كبير للسيارات مقابل أفران بحر، لكن الأمر ينتظر موافقة مجلس النواب على هبة التمويل».

تعليقات: