أطفال يؤمنون المياه إلى خيام نزوحهم في البقاع الغربي («السفير»)
تدفقت إلى البقاع الغربي وراشيا في الأيام القليلة الماضية عائلات سورية نزحت هرباً من التوترات الأمنية المتصاعدة في سوريا، حيث تقاسمت العائلات النازحة حديثاً بغالبيتها الإقامة مع أقاربها أو معارفها في منازل أو شقق مستأجرة سابقاً، نظراً لانعدام وجود مساكن فارغة. وفي حال العثور على شقة، فإن ارتفاع القيم التأجيرية، التي وصلت إلى حدود 350 دولاراً شهرياً، أجبر تلك العائلات، أن تحجم عن استئجارها، نتيجة أوضاعها المادية المتهالكة.
التدفق الجديد فاقم المشكلة عند النازحين، وازدادت المعاناة مع اشتداد موجات البرد والصقيع، وبات النازحون يتخوفون من الأخطار التي تتهدد حياتهم، في ظل فقدان المازوت وانعدام التدفئة، منبهين إلى كارثة قد تحل بهم وبعائلاتهم وأطفالهم، نتيجة تفشي الأمراض، وانعدام قدرتهم المادية على معالجة المصابين على نفقتهم الخاصة، في عيادات الأطباء أو في المستشفيات.
وقد أجمع العديد من النازحين على سوء توزيع المساعدات في بعض المراكز ومن قبل بعض الجمعيات، بعدما تحوّلت إلى مراكز تدار بـ «فوقية تامة»، وتستجيب فقط «لطلبات أصحاب الحظوة والنافذين». وتغدق عليهم المساعدات المادية والعينية، و«تحرم النازحين المحتاجين الفقراء وتعاملهم بإذلال، وتوجه إليهم الإتهامات والشتائم في حال أصرّ أحدهم ورفع صوته طلباً للمساعدة». ويتم طرده من المركز بحجة أنه مؤيد للنظام كما أكد أبو فارس من داريا في ضواحي دمشق.
أبو فارس لفت إلى أن عائلته المؤلفة من اثنين وثلاثين شخصاً بينهم النساء والأطفال، يعيشون حشراً في ثلاث غرف، تفتقد المواصفات الصحية اللازمة. ويدعو الهيئات الإنسانية الدولية والمحلية، والمسؤولين المعنيين في الوزارات اللبنانية المعنية بإغاثة السوريين، إلى «التأكد من أنهم يعيشون في ظروف صحية قاتلة، حيث لا توجد تدفئة ولا مدات أرضية ولا أغطية ولا فرشات كافية، ونقتات بالخبز الحاف إلا إذا تصدق علينا أحد».
أبو فارس يؤكد أن «بعض البلديات والجمعيات التي تتولى توزيع المساعدات ومن بينها مادة المازوت والمدافئ، قد جانبت العدالة والإنسانية، حيث استفادت منها عشرات العائلات السورية الميسورة مادياً، التي تسكن في الشقق السكنية الفخمة، وتناست المحتاجين. مع أن تلك المساعدات تسلّم على أساس الأسماء المسجلة لدى هيئات الإغاثة، إنما هي تذهب إلى غير محلها، وربما تباع ويتقاسمون ثمنها». ودعا أبو فارس إلى «التحقق من ذلك، ونزع هذه المسؤوليات من أيدي البعض، الذين لا تنطبق عليهم مواصفات الأمانة، وتغيب عنهم صفة العدالة والإنسانية».
وأكدت أم محمد سناء أن عائلتها تتقاسم السكن مع أشقاء زوجها الثلاثة وعائلاتهم، بعدما وفدوا إلى لبنان منذ أيام ، مع أن المنزل الذي تقيم فيه لا يتسع لأكثر من عائلة واحدة، ولكن نظرا ً لظروفنا المادية والحاجة التي نتخبط بها، نحاول أن نتكيف مع الواقع، لعلّ الأمن يسود في بلدنا ونعود إلى بيوتنا، حتى نتخلص من الواقع المزري الذي نعيشه.
وأكدت أم محمد أن القيمين على مراكز إغاثة النازحين السوريين في البقاع الغربي وراشيا، «يوزعون المساعدات على أساس أبناء الست وأبناء الجارية، ولا يكترثون للعائلات المسحوقة، ولا تصل إليها المساعدات إلا بالقطارة، بينما تفيض المساعدات على العائلات المدعومة، وحثت المسؤولين على تغيير النمط القائم عن طريق المراقبة والتأكد من وصول المساعدات إلى أصحابها، واستبدال المخلين بالتعليمات بآخرين يكونون محط ثقة الجميع،حتى يصل إلى كل ذي حق حقه».
أبو تحسين قزح الذي وقف منشغلاً في توزيع المساعدات على النازحين، إلى جانب الشيخ حسام علي، أمام «مركز غزة في البقاع الغربي»، قال: «عملنا إنساني ويهدف إلى التخفيف من المعاناة التي يعيشها النازحون، حيث غالبيتهم من الطبقات الفقيرة، التي لا تستطيع مواجهة الأعباء المعيشية في لبنان، موضحاً أن آخر إحصاء للعائلات السورية النازحة في البقاع، وفقا ً لإحصاءات إئتلاف جمعيات إغاثة النازحين في البقاع بلغ حدود 18521عائلة».
ولفت أبو تحسين إلى أن «المساعدات هي عبارة عن مواد غذائية وألبسة وثياب وبعض الأغطية والفرش والمدات الأرضية. والعينات تقدمة من بعض التجار وميسوري الحال وفاعلي الخير». وقال: «نحن بدورنا بالتنسيق مع ائتلاف جمعيات البقاع لإغاثة النازحين السوريين، نقوم بالتوزيع على المحتاجين، من دون تفرقة بين معارض أو موال، إنما نحصر تقديماتنا أكثر فأكثر في العائلات التي مضى على نزوحها من سوريا أكثر من خمسة أشهر، خصوصاً وان العائلات قد لحقت بها ظلامة كبيرة، نتيجة غياب الهيئات الإنسانية عن إغاثتها».
تعليقات: