طابق الميقاتي ذهب أدراج الرياح بعد ملاحظات التنظيم المدني ونقابة المهندسين

طابق الميقاتي ذهب أدراج الرياح بعد ملاحظات التنظيم المدني ونقابة المهندسين
طابق الميقاتي ذهب أدراج الرياح بعد ملاحظات التنظيم المدني ونقابة المهندسين


التحضير لمشروع بديل يشجع المباني الخضراء المستدامة في مقابل حوافز مشجعة للاستثمار

ان مبدأ الاستثمار في مقابل ثمن لا يتلاءم مع المبدأ الذي يقوم عليه التنظيم المدني.

لا يزال مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب قابعا في ادراج الحكومة ينتظر توفير مصادر تمويله بعدما استبعد اقتراح مشروع زيادة 10 % على عامل الإستثمار العام أو ما يعرف بـ"طابق الميقاتي" عن التداول لعيوب تنظيمية فيه. لماذا الاعتراض عليه؟ وما هي عيوبه التنظيمية والاجتماعية والانشائية؟.

لم يكد طابق "السلسلة أو ما يعرف بـ"طابق الميقاتي" يبصر النور حتى عاد الى ادراج مكاتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعدما جوبه بإعتراضات وانتقادات واسعة من جهات رسمية ومدنية، مستندة الى عيوب في النص التشريعي للمشروع وعدم دقة الارقام التي ارتكز عليها. لذا، تؤكد مصادر متابعة لـ "النهار" أنه سيصرف النظر عن المشروع لأنه لا امكان لزيادة طوابق على المباني القائمة. وسيستعاض عن المشروع بإقتراح بديل يقوم على تشجيع الأبنية الخضراء، في مقابل حوافز للاستثمارات، مع إمكان زيادة طوابق في مناطق محددة على ان تخضع لشروط المباني المستدامة.

ملاحظات التنظيم المدني

ثمة ملاحظات أساسية للتنظيم المدني على المشروع تتعلق بالمبدأ الذي استند اليه مشروع طابق السلسلة. إذ وفق المدير العام للتنظيم المدني الياس الطويل، فإن مبدأ الاستثمار مقابل ثمن لا يتلاءم مع المبدأ الذي يقوم عليه التنظيم المدني. إنما ان يكون هناك حاجة لتمويل سلسلة الرتب، فمعنى ذلك اننا مضطرون الى اتخاذ تدابير استثنائية لتلبية هذه الحاجة. وهذه سابقة للمرة الاولى في تاريخ التشريع اللبناني. مع الاشارة الى ان القانون 80/ 6 (ما يسمى طابق المر) "زيادة عامل الاستثمار" قد انجز لتمويل 20 الف وحدة سكنية.

التنظيم المدني أمام حالة طارئة تستوجب رأيه، لذا يرى أنه يجب أن تكون المعايير منسجمة مع المعايير العلمية التي يتبعها التنظيم المدني. مع الاشارة الى ان ثمة فريق عمل مشتركا من مديرية التنظيم ونقابة المهندسين يعمل لاعداد اقتراح مشروع قانون يوازن بين المبادىء والاسس التنظيمية، علما ان توجه الحكومة هو لتوفير تمويل السلسلة بأقل ضرر بيئي وتنظيمي ممكن.

نقابة المهندسين:

تشويه كارثي

بما أن عددا كبيرا من المهندسين يعملون في مرافق الدولة والقطاع العام، لم يكن امام نقابة المهندسين إلا تأييد إقرار سلسلَة الرتب والرواتب، كذلك تم الإتفاق عليها مع هيئة التنسيق النقابية. ولكن في الوقت عينه تحرص النقابة على التأكيد أنه لا يمكن أي زيادة في عوامل الإستثمار، وتنجم عنها بالضرورة، تحولات عميقة في النسيجِ المدني المبني، وزيادة في الكثافة السكانية، فتأتي نتيجةَ دراسة معمقة، تندرج بالضَّرورة ضمن مجموعة التدابير التقنية والإدارية والإقتصادية والإجتماعية، والهادفة فقط، إلى رفاه الإنسانِ في حياتِه، خصوصا وأن عوامِل الإستثمار في لبنان عموما شديدة الإرتفاع.

من هنا يجزم نقيب المهندسين إيلي بصيبص بأن "التنظيم المدني، في النظرية وفي الممارسة، لا يمكن أن يكون أداة لزيادةِ وارداتِ الدولة المالية، عبر زيادة عوامل الإستثمار العام. فكل زيادة متسرعة في عوامل الإستثمار هذه، سينتج منها بالتأكيد، تشويه كارثي في البيئة المبنية في المدنِ والبلداتِ والقرى، وسينتج منها كذلك، زيادة في الكثافة السكانية، نتائجها كارثية هي الأخرى على حياة الناس في رفاههم، وصحتهم، وراحتهم، وسكنهم، وسهولة إنتقالهم، وسهولة وصول أبنائهم إلى المدارسِ، ومرضاهم إلى المستشفيات".

ولفت الى أنه في ظل عجز شبكات البنى التحتية عن تلبية الحاجاتِ الحالية للناس، كيف ستلبى طلبات المواطنين مع الزيادةِ المرتقبة؟

تخوّف نقابة المهندسين من طابق "السلسلة" أو طابق الميقاتي لم يأت عبثا، إذ يعود بصيبص بالذاكرة الى "طابق المر" الذي "عانينا، اعواما عدة، من نتائجه الكارثية ومن التشوهات المتعددة التي سببها، من دون أن يحقق شيئا من أهدافِه حيال تأمينِ المساكن اللازمة، وخفض أسعار الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود. كذلك عانينا ولا نزال من التشوهات الكارثية، ومن الكثافةِ السكانية والإكتظاظ، والإزدحام، والتلوث. وقد سبَّبت كل ذلك، زيادة عوامِل الإستثمار الناتجة من قانونِ البناء المعمول به حالياً. إذ بلغت 30% تقريباً من المساحات المبنية المسموح بها، عبرَ عدمِ إحتسابِ مساحات الأدراجِ والمصاعدِ والجدرانِ الخارجية المزدوجة، و20% عبر التشريع المطلَق ِلإغلاق الشرفات بالزجاج، اي ما مَجموعه 50% من إجمالي المساحات المبنية المسموح بها. فإزدادت الكثافة السكانية بالنسبة عينها، وبالغَت المباني في إرتفاعها، وتغيرت صورة مدننا على نحو فج، من دون الإكتراث بالطرق الضيقة، وبالزواريب، وبقدراتِ شبكات البنى التحتيّةِ الأخرى. ونتجَ عن ذلك إرتفاع جنوني في أسعار الأراضي، واسعار الوحدات السكنية".

الى ذلك اعتبر بصيبص أن زيادةَ عامل الإستثمار العام سيرفع أسعار الأراضي، ومعها كل الأسعار بلا إستثناء، كما أنها سترفع أسعار الوحدات السكنية، هذا ما كنا قد خَبِرنَاه مع "طابق المر".

بما أن النقابة ترفض الإقتراح، فماذا تقترح من مصادِر التمويل؟

مصادر التمويل متعددة وفق بصيبص لعل أهمها: الرسوم والغرامات العائدة إلى إحتلال الأملاك العامة البحرية، وإستثمارها، الضريبة على الفوائد المَصرفيَة لكبارِ المودعين، الضريبة على التحسينِ العقاري، الضريبَة على الأرباح في الإستثمارات العقارية الرسوم الإضافية على تراخيص البناء.

لذا اقترح بصيبص اعداد دراسة مشتركة بين المجلس الاعلى للتنظيم المدني ونقابات المهندسين ومجلس الانماء والاعمار للنظر في الاقتراح. علما أن الاقتراح الابعد الذي يتطلع اليه بصيبص هو النظر الى المباني الجديدة لتكون مصدر تمويل الخزينة. هذه الابنية القديمة وفق بصيبص لا يجوز ان تحصل على رخص اسكانية وتبقى الى ابد الآبدين، لذا اقترح اعادة النظر بهذه الرخص لمعرفة اذا كانت المباني لا تزال صالحة أو ثمة اضرار جوهرية في الهيكل كي يتم تصليحها وهذا لا يمكن ان يتم الا عبر قانون للبلديات يخولها مراقبة الابنية والايعاز الى المالكين تصليحه. وفي حال رفضوا ذلك، تقوم باصلاحه على نفقتها على أن تحسم المبلغ لاحقا".

تعليقات: