.. بهدوء أعدو عتبة العالم المثقل بالافتراض والوهم، وفي الطريق إليك تستوقفني الذكرى، يوم اشتهيتِ الورد، لأجد نفسي أمام وردة تليق بك ..
حملت الحبّ على بعد، وتجرّأ قلبي بعد العامين أن يفصح عن وجع مكنون ناءت بثقله الضلوع ..
يا أمي: أراني اليوم وأنا أتذوق كأس الأيام المرة أذوب خجلاً، وأعتصر ألما، لأنني قصرت عمراً عن إدراك الألم الذي سكنك منذ البدايات حتى الختام المبكر ..
يا أمي : لقد كان ينقصني الكثير من العمق لأتماهى مع الدمعة الوطيدة في محجر عينيك ..
.. ربما لم تهادني قسوة الأيام مرة أن أرتمي طفلاً بين يديك، أسترق السمع إلى عويل النايات في قلبك الجريح، ولطالما جازفت الخطو لألقي في حضنك كلّ أوجاعي، وحين ينتهي الدرب أعود فرقاً لكي لا أثقل الروح بجرعات من حزني المؤبد ..
يا أمي .. إغفري لي كلّ لحظة تنكرّت فيها ولو من غير عمد لوحدتك ..
إغفري لي قسوة عينيّ حين غفت يوماً ولم تسهر على أوجاعك المستمرة ..
إغفري لي يا أماه أملاً رسمته بعيداً عنك .. أو فرحاً رجوته دون أن تكوني شريكتي ..
.. تعذبني الذكريات .. وينتفض القلب ندماً إذ كيف استطاب النبض وحيداً .. يوم كان قلبك يستجدي الحياة لأجل قلبي ..
.. على بعد عامين يقودني الشجى وأسمال الخجل تلوح فوق جسدي الذي تركه الخريف عارياً وحيداً يستجدي الحنان ويتسوّل القوة..
لطالما كنت أخاف فقدك ولو حلماً، واليوم أضحى الفقد قدراً .. ولطالما توجّست من البعاد، وإذا به ثقيلاً يحاصرني، أتراني أحتال عليه ببقايا الذكرى، أو أتفلت من وطأته بأمل اللقاء..
لقد تقرر منذ اللحظة الرهيبة التي اقترفت فيها يداي القسوة الكبرى، وتجرأت أن تسلمك للفراق الطويل، أن يبقى يتيمك رهن الانتظار ريثما يصل القطار ...
..
* بقلم : الشيخ محمد أسعد قانصو
تعليقات: