الفنان الكوميدي الشهير ياسين بقّوش (75 عاماً)
حتى الساعة الثامنة مساء بتوقيت دمشق، لم تكن الشاشة الرسميّة السوريّة قد أشارت بعد إلى وفاة الفنان الكوميدي الشهير ياسين بقّوش (75 عاماً). ورد خبر استشهاده على مواقع التواصل في البداية، بعدما بثّ ناشطون شريطاً مصوراً على «يوتيوب» لجثّة قالوا أنّها تعود لبقوش، إلى جانب بطاقته الشخصية وجواز سفره. وسمع في الشريط صوت ناشط يقول: «قامت عصابات (الرئيس السوري بشار) الأسد بإطلاق قذيفة «آر بي جي» على سيارته (بقوش) في حي العسالي (...) وقامت عناصر الجيش الحر بسحب جثته بعد احتراق السيارة». بدوره، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان عن ورود شريط مصور إليه، «تظهر فيه جثة يعتقد أنها للفنان السوري الكوميدي ياسين بقوش، كما تظهر بطاقة شخصية وجواز سفر يعودان للفنان».
لاحقاً أكّدت وكالة «سانا» السورية الرسمية مقتل بقّوش بقذيفة هاون أطلقها «إرهابيون» على سيارته في مخيم اليرموك في دمشق. قبل أن يعلن التلفزيون الرسمي تعازي وزارة الإعلام «لأسرة الفقيد والشعب السوري ورفاق المبدع الذي استشهد بقذيفة أطلقها إرهابيون ظلاميون». وقال موفّق بقوش شقيق الشهيد في تصريح لـ«سانا»، إنّه سينقل صباح اليوم إلى مستشفى المواساة، ومن ثم سيوارى الثرى في مقبرة التغالبة في الصالحية.
تتضارب تفاصيل الخبر، تصير له روايتان أو أكثر، ككثير من الأخبار المرتبطة بالحدث السوري. وتبقى الحقيقة الوحيدة الثابتة، مقتل «ياسينو» بشظايا الصراع الذي شهدته بلاده.
عاش ياسين بقوش أعوامه الأخيرة على هامش الوسط الفني. طاله النكران من أقرب زملائه في المهنة، ونسيه المخرجون السوريون. لم يبقَ له سوى خشبة المسرح التجاري، مصدر رزقٍ وحيد، فلم تصبه طفرة الثراء التي أصابت أهل الوسط الفني. عاش الرجل فقيراً، ومات فقيراً، كغيره من نجوم الكوميديا العرب مثل نجيب الريحاني، واسماعيل ياسين.
ينتمي الراحل الى جيل الرواد المؤسسين للكوميديا السورية، في سبعينيات القرن الفائت، أبطال مسلسل «صح النوم» الشهير. عرف بقوش على نطاق واسع بلقبه «ياسينو» عامل الفندق الطيب الساذج، المخلص للجميع، وضحية الجميع في آن. لم تشهد شخصيّة ياسينو تحولات دراماتيكيّة، إذ بقي الشاب الساذج، الذي ينسى ويسامح، رغم وقوعه دوماً ضحية لشرور الآخرين وقسوتهم. وعلى تلك الصورة، رأيناه في «صح النوم 2»، و«ملح سكر»، و«وين الغلط»، و«وادي المسك». عرفت شخصية ياسينو نقلة نوعيّة، بعد انتقاله من موقع عامل الفندق إلى موقع زوج الستّ، أي بعدما تزوجته فطوم حيص بيص. ومع زواجهما، ولدت ثنائية ياسينو وفطّوم التي نافست ثنائية غوار الطوشة/ حسني البروظان. وتجاوز حضور ياسينو وفطّوم مسلسل «صح النوم»، ليدخلا السينما، زوجين متنافرين، قبل أن يصيرا عاشقين، ولكن على طريقتهما.
احتفظ ياسين بقوش بملامح الطيبة والإخلاص في حياته اليومية، وليس فقط أمام الكاميرا. ولعل أهمّ حكاية إخلاص في حياة الرجل كانت إخلاصه لشخصيته «ياسينو» التي استغنى من أجلها عن شخصيات أخرى.
خبر وفاة الممثل ياسين بقّوش خلّف موجة حزن وغضب على مواقع التواصل. وغرّد أحد الناشطين على «تويتر»: «تصبح على خير ياسينو.. ينام معك اليوم جزءٌ كبيرٌ من الطفولة ومن الضحكات التي هجرت سوريا منذ عامين، سوريا، حيث لم يبقَ مكان إلا سخرية الأقدار والفاجعة تضحك من شدّة الألم». وغرّدت أخرى: «مرة جديدة يكونون في النسيان ثم يأتي الموت فنتذكرهم وداعا ياسين بقوش، وداعا ياسينو». وكتب ناشط آخر: «أصبحت سوريا «اوتيل صح النوم» يا ياسينو، و«حارة كل مين إيده إلو...صح النوم يا ياسينو، صح الموت». وعلّق آخر: «لو أن لدينا ما يكفي من الدموع لذرفناها الآن وفاء للضحكات التي منحها ياسينو لطفولتنا».
الراحل إلى اليسار في مشهد من «صح النوم» (أرشيف «السفير»)
تعليقات: