إطلالة الأسياد واستعراضات العبيد

السيد حسن نصرالله
السيد حسن نصرالله


أطلّ السيد حسن نصرالله، وأوضح أن الغاية من هذه الإطلالة، للردّ على المزاعم حول وضعه الصحي وعلى ما بات يندرج في لبنان تحت خانة "الإتهام السياسي".

أطلّ كالعادة كبيراً، هادئاً، خلوقاً، بخطابه المعروف بالوطنية والمسؤولية والصبر واستيعاب الآخر، شأنه في كل إطلالاته التي تجمع مليونية تتابعه عبر الشاشة الكبيرة، وملايين تتابعه عبر الشاشات الصغيرة في لبنان والوطن العربي، وداخل الكيان الإسرائيلي بشكل خاص.

لا ينفعل السيّد، هو الذي يقود أعظم وأشرف مقاومة في العصر الحديث، حتى ولو كان هذا الرجل "المليوني" المتواضع، يُستَفزّ ممن شعبيته لا تتعدّى حمولة ثلاث باصات، يشحن بها أزلامه ويدور بهم في لبنان متحدّياً طائفته الكريمة أولاً، والدولة ثانياً، و"حزب إيران" ثالثاً ورابعاً وخامساً، والسيّد وسواه من سادة الحل والربط الحريصين على أمن الوطن يستوعبون ويستوعبون، هذه الظاهرة الغريبة على أدبيات وأخلاقيات العمل السياسي في لبنان.

كائناً ما كان مسجد "بلال بن رباح"، مسجداً، أم مصلّى كما وصفه المفتي قباني، فهو مكان عبادة وبيت من بيوت الله، له خصوصيته التي نحترم حتى على المستوى السياسي، لكننا لسنا نرى أنه مستهدف أمنياً لدرجة أن يطلب الأسير تطويقه بمكعبات إسمنتية، أو أن "الجيرة" التي مضى على وجودها أكثر من عشرين سنة، ثقافتها الدينية والسياسية والوطنية، تسمح لها بأن تشكّل أي خطر على مسجد، أو إزعاج لمن يرتادونه للصلاة، إلاّ إذا كان إمام المسجد يرغب بأن يجعل منه كانتوناً مذهبياً و"حصرمة" في عيون أبناء صيدا والجوار، ممن يخالفونه الرأي بسياسته وأدائه المستفزّ لمشاعر الناس أينما حلّ في صيدا أو طرابلس أو على طرقات التزحلق على الثلج.

ونعود الى بدعة "الإتهام السياسي"، التي وصفها الرئيس العماد ميشال عون مرّة بأنها غير موجودة في أي بلد سوى لبنان، ولا مرادفات لها سوى "الإتهام العشوائي دون أية قرائن أو براهين، وهي قدح وذمّ وتشهير بحقّ الآخرين دون وجه حق"، بل هي كذب وافتراء على ألسنِ أفاعٍ على امتداد وطن تمعن في بخّ سمومها وقوداً لما هو آتٍ قريباً من مخاطر يُخشى أن تحرق وطناً..

الإتهام السياسي البدعة، بدأ في لبنان عام 2005، عندما وقف النائب محمد قباني وقفة خبير عسكري متخصّص بالمتفجرات، يشرح ويجزم على الخريطة وعبر شاشات التلفزة، أن الإنفجار الذي أودى بحياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو حتماً من تحت الأرض، وصار يصول ويجول على خريطة أوهامه ويشير الى مبنى الفينيسيا ومنه الى السان جورج، ويؤكد على وجود أنفاق تسلّل من خلالها مرتكبو العملية ووضعوا العبوة الناسفة .

نعم، منذ نظّر محمد قباني واستبق الأجهزة الأمنية في أول مسح لمكان الجريمة، واستبق التحقيقات الأولية للقضاء اللبناني وسائر خبراء المتفجرات والمحققين الدوليّين، كرّت سبحة الإتهام السياسي من قبل فريق معيّن، ترمي التهم جزافاً بعد كل جريمة تُرتكب، وباتت معزوفة سوريا وحزب الله من دون تقديم أي دليل، قميص عثمان لكل من يرغب في تعويم نفسه حتى ولو على سقف ضريح!

كفى كفراً بالله والوطن والمواطن، وحسناً فعل النائب آلان عون بفكرة إحياء ذكرى "الرئيس الشهيد" بدلاً من ذكرى 14 شباط، التي باتت مناسبة تسوّل على صورة شهيد، بوجود شهداء أحياء لا يبدو أنهم أنفسهم يريدون معرفة الحقيقة بقدر ما يرغبون باستمرار التسوّل، وهناك مئات آلاف من اللبنانيين بين قتلى وجرحى ومعاقين غُيّبت ذكراهم أمام "أهمية الشهداء الأحياء"، وعدّة رؤساء شهداء غّيّبت شهادتهم أمام ذكرى شهيد، روحه سئمت من الراقصين حول ضريحه.

قد تكون هناك فرصة أخيرة أمام الدولة والقوى الوطنية الفاعلة لضبط الأمور، ووقف السموم المتدفّقة عبر وسائل الإعلام وبرامج الـ "توك شو" والضيوف الذين لا يتحلون بأدنى درجات المسؤولية، إضافة الى الأبواق المذهبية الحاقدة، التي لو استمرت، ذهب الوطن الى حيث لا عودة في المدى المنظور..

تعليقات: