حسين خنجر العبدالله.. عشر سنوات على الرحيل

الوزير والنائب والسفير السابق المهندس حـسـين خنجر الـعـبدالله
الوزير والنائب والسفير السابق المهندس حـسـين خنجر الـعـبدالله


أبو وابل – حسين خنجر العبدالله – عشر سنين على الفراق المر (1917م – 2003م)

..

مع شروق شمس هذا النهار يكون قد مضى عشر سنين على وداعنا الوزير والنائب والسفير السابق حسين خنجر عبدالله، في مثل هذا اليوم من الثالث من آذار/ مارس من عام 2003م، غادر دنيانا الفانية بعد ان أفنى عمره متنقلا بين مؤسسات الوطن سواء في داخله (مجلس الوزراء، المجلس النيابي، دوائر وزارة الأشغال، مصلحة مياه كسروان، مدير عام وزارة الزراعة، وعضوية المجلس الأعلى للجمارك) أو في سفاراته في مختلف أرجاء المعمورة (سفيرا فوق العادة من خارج الملاك في كل من تونس، ايران، مصر ونيجريا، ومندوب لبنان في الجامعة العربية)، فكان يزرعها أملا وحب وتفانيا في خدمته، وكان يترك في هذا المنصب وذاك أثرا لا يمحى من نبل الأخلاق وعزيمة الانجاز وفن القدوة.

يردد مربي الأجيال الاستاذ/ علي حسين العبدالله (أطال الله في عمره)، في مجالسه بين الفينة والأخرى، "لم أرى في حياتي وها أنا اقترب في عمري من بلوغ القرن، فلم أجد خلالها رجل عصاميا يرنوا من مقام "أبو وابل" الذي تنقل بين مختلف أرجاء مناصب الدولة اللبنانية وفي شتى حقولها المتنوعة ومشاربها المتعددة، فكان نبراسا يهتدى به في استقامة العمل ونزاهة المقصد، وإخلاص الغاية"، كما لا ننسى افتخار الامام المغيب موسى الصدر في أحدى خطبه بمناقبية السفير حسين العبدالله عندما كان سفير الجمهورية اللبنانية في نيجريا.

المرحوم السفير حسين خنجر عبدالله، كان أول خريج لبناني في هندسة الري والتي نالها من فرنسا في عتون الحرب العالمية الثانية، ذلك التخصص الذي كان نادرا في حينه، لذا يمم وجهه شطر نهر لبنان العظيم "الليطاني" فاتخذه قبلة لبوصلة عمله وأبحاثه طوال سنين عمره، فكان مشروع قناة القاسمية في مطلع عهد الاستقلال اللبناني الوليد في عام 1943م، والذي ربط مزارع ساحل قضاء صور، ثمرة فخر له وعزيمة انجاز لقدراته الدافقة، ولم ينسى ابناء بلدته الخيام والجوار لينالهم النصيب الأوفر من العمل والاسترزاق في ساحل صور، فكان أول خروج لأبناء الخيام من بلدتهم في سبيل طلب الرزق، قبل الخروج الى فلسطين، او الى بيروت، ومن ثم طرق باب الغربة في بيادي الخليج ومجاهل افريقيا، وتكرار الأمر نفسه في تيسير سبل العمل الشريف لأبناء بلدته، عندما كان مشرفا على انشاء مطار بيروت في موقعه الحالي والذي كان يسمى حينئذ "مطار خلده الدولي"، .

المرحوم الوزير والنائب السابق حسين العبدالله كان أول وزير في قضاء مرجعيون من خارج الأسرة الأسعدية (1952)، والذي استحقه بسب سمعته العملية التي كانت تسبق اسمه، اينما حلّ او جاء ذكره، حيث تقلد حقيبتين وزاريتين (وزارة البريد والبرق والهاتف، ووزارة الأنباء – طبقا لمسميات ذلك الزمان)، مع ملاحظة أن انجاز الكبل البحري الذي ربط لبنان مع فرنسا تم في عهده، والذي أدخل لبنان الى عالم الاتصالات الحديثة، ومع نهاية عهد رئيس الجمهورية الأسبق بشارة الخوري، اتخذ الموقف الشجاع وقدم استقالته في ذروة غليان الشارع الشعبي، مؤثرا الوقوف مع جماهير الشعب اللبناني، وترك بهرجة المنصب عندما تتعارض مع مصالح الشعب، وقد تم ذكر ذلك بالتفصيل في مذكرات كل من رئيس الجمهورية السابق بشارة الخوري (حقائق لبنانية - الجزء الثالث)، ومذكرات رئيس الحكومة السابق سامي الصلح (احتكم الى التاريخ).

أن رجل بمناقبية المرحوم الوزير والنائب والسفير حسين خنجر العبدالله، لقليل أن يجود الزمان بمثله، ولا نستطيع أن نوفيه حقه في هذه العجالة من الذكرى، فقد كان المثل والمثال لابن الجنوب الذي طلب العلم في الزمن الصعب، وعندما ناله كان ديدنه خدمة وطنه ورفعة شأنه في شتى الميادين والمجالات، الى أن وافاه القدر المحتوم في باريس في صبيحة الثالث من آذار 2003، فعليه رحمة من الله ورضوانه.

..

* الحاج أحمد مالك عبدالله

تعليقات: