الحاج محمد خليل عطوي وزوجته الحاجة زكية ابو عباس من بين الشهداء ضحايا مجزرة الخيام
بعد قيام العدو الاسرائيلي وعملائه بارتكاب مجزرة الخيام في آذار العام 1978 التي ادّت الى استشهاد حوالي 70 شخصاً من العجائز والنساء والى يومنا هذا لم يكن هناك اي تحرك قانوني او حقوقي من اجل ملاحقة مرتكبي الجريمة وفقاً لما يتماشى مع القوانين والشرائع المعمول بها محلياً ودولياً.
ولما كنا كخياميين معنيين بالحفاظ على ذاكرتنا وتاريخ شهدائنا وحقوقهم المادية والمعنوية فكان لزام علينا ملاحقة المجرمين اللذين ارتكبوا تلك المجزرة بكل الوسائل القانونية وفقا" للقوانين المحلية والدولية .
ان الفكر القضائي يتضمن تدابير تتوخى هدفاً مزدوجاً وهو المحاسبة على جرائم الماضي ومنع حدوث الجرائم المستقبل. وفي حال لم يكن هناك من جهة تتولى تطبيق العدالة وتمارس السلطة على ملاحقة المجرمين فان على المجتمع المدني والمعنيين بالضحايا واهلهم العمل على تطبيق عدة نقاط تشكل شكلاً من الملاحقة والعقوبة لهم ومن بينها :
- نشر ثقافة الديمقراطية من خلال ارساء فكرة المحاسبة ومكافحة الافلات من العقاب.
- وجوب اعتبار ان هناك واجبا" اخلاقيا" في التذكر والاعتراف بالضحايا كضحايا وعدم نسيانهم والاعتراف بالناجين من المجازر واعتبارهم شكلا" من اشكال اعادة الاحساس بالظلم والاهانة واعتبار مواجهة الماضي واجبا" اخلاقيا" .
ان مواجهة الماضي تخلق نوعا" من الردع , فالتذكر والمطالبة بالمحاسبة هما وحدهما الكفيلان بالحيلولة دون ارتكاب افعال شنيعة في المستقبل .
تخطي القيود العملية في اعتماد اجراءات قضائية خاصة للملاحقة في جريمة كمجزرة الخيام , اما بسبب وجود نظام قضائي ضعيف او بسبب نقص الادلة الجنائية او وجود عدد كبير من مرتكبي الجريمة او عدد كبير من الضحايا او عراقيل قانونية مختلفة مثل قوانين العفو ومرور الزمن , الا ان هذه القيود لا تعتبر كعذر يبرر عدم القيام بأي شيء فلربما تحسنت تلك الاوضاع مع مرور الوقت وعلى سبيل المثال :
- القيام بعمل محاكمات سواء مدنية او جنائية امام محافل وطنية او دولية.
- البحث عن الحقيقة وتقصي الحقائق سواء من خلال تحقيقات رسمية وطنية مثل لجان التحقيق المحلية او لجان التحقيق الدولية او آليات الامم المتحدة او جهود المنظمات غير الحكومية .
- التعويض سواء اكان رمزي او عيني او اعادة تأهيل .
- الاصلاح المؤسسي من خلال ازاحة مرتكبي تلك الافعال من المناصب العامة والاجتماعية .
- اقامة النصب التذكارية واحياء مناسبات الذاكرة الجماعية .
- فهم المبادرات التي تستهدف ارساء المصالحة من خلال عدم اعتبار مفهوم "المصالحة" من باب طي صفحة الماضي او للعفو والنسيان كون المدافعين عن حقوق الانسان نادرا" ما يقبلون المفهوم الخاطئ للمصالحة كون المصالحة الحقيقية يجب ان تكون مرتبطة بالمحاسبة والعدالة والاعتراف بالجرائم الماضية اذ ان الافراط والتركيز على المصالحة قد يؤدي الى الفشل وخيبة الامل للذين يسعون لارساء السلام والثقة الوطنية بين الخصوم القدامى.
ومن هنا فاننا نجد العمل بالتوصيات المذكورة يعد جزءا" من عملية متابعة المحاسبة والملاحقة للمجرمين اللذين تسببوا في مجزرة الخيام ,وعلى الرغم من ان الدولة اللبنانية لم توقع على معاهدة انشاء المحكمة الجنائية الدولية الا ان ذلك لا يمنع الدولة اللبنانية من اتخاذ الاجراءات اللازمة لمتابعة تلك الجريمة للتحقيق امام المحافل الدولية كانشاء لجان تحقيق دولية , كما وانه لا يمنع الملاحقة امام المحاكم اللبنانية كجزء من مبدأ عدم نسيان الماضي وهذا جزء من عملية الردع المستقبلية لكل من يفكر بالقيام باعمال مشابهة .
مجزرة الخيام هي ارث يجب على كل خيامي ان يأخذ نصيبه منه كي يبقيه في الذاكرة وثأر لا ينسى الا بالمحاسبة والعدالة .
* المحامي خليل ادريس
المصادر : - منظمة العدل بلا حدود
- التحالف الدولي للمحكمة الجنائية الدولية
- صحيفة هآرتس .
تعليقات: