سوق الخان يمتلئ بالباعة السوريين («السفير»)
الأسواق الشعبية نافذة النازحين إلى العمل
بات حضور العديد من النازحين السوريين إلى الأسواق الشعبية اللبنانية، للوقوف خلف بسطاتهم التجارية منظراً مألوفاً. ويبيع النازحون على بسطاتهم ألبسة وفاكهة وطيوراً وألعاباً للأطفال ومكسرات، وهي تدر عليهم مبلغاً من المال وإن كان زهيداً، لكنه يسدّ جانباً من حاجتهم، وفق بائع العصافير والطيور النازح من حلب نادر العلي.
يعرض العلي داخل أقفاص من خشب أو حديد عشرات طيور الحسون، الفري، الحجل، الببغاء، طيور الحب، الكنار وغيرها، وقد تمكنّ من نقلها بصعوبة من حلب وعلى مراحل عدّة، وقد أتى القصف على العديد من الطيور، في حين نجا بعضها.
يجول العلي على الأسواق الشعبية وغلته اليومية لا تتجاوز العشرين دولاراً أميركياً، «يذهب نصفها مصاريف، والنصف الآخر نسدّ به جانباً من حاجات العائلة التي تقطن في غرفة صغيرة من دون شبابيك».
وقد بدأ النازحون السوريون بالانخراط في الحياة اليومية اللبنانية، محاولين التأقلم مع واقعهم الجديد، لتأمين جانب من قوت عائلاتهم، إضافة إلى مازوت التدفئة، في ظلّ النقص الحاد للتقديمات التي تؤمنها العديد من الجهات المانحة.
يجمع النازح من ريف دمشق جاد القصيبي داخل سيارته العتيقة، أنواعاً عدّة من المكسرات، ومنها البندق والفستق والبزورات والتين اليابس والزبيب وغيرها من الحلويات المجففة، ويقصد الأسواق الشعبية من البقاع وصولاً إلى الجنوب. يقول: «أجوب أربعة أسواق أسبوعياً، وقد بتّ أعرفها جيداً. البيع مقبول، لكنّ غلاء البنزين وضريبة البلدية في السوق، تحدّ من أرباحنا، إذ يراوح الربح اليومي بين الـ20 والـ30 دولاراً، يذهب نصفها مصاريف وما يبقى والحمد لله يجنبنا العوز، لا سيّما أنّ ما تقدمه لنا الجهات المانحة غير كاف وأشبه بالتسوّل المنظّم».
ويشير تاجر الألبسة والقطنيات سامح العبودي من إدلب إلى أنّ «المضاربة في الأسواق الشعبية خفضت الأسعار إلى أدنى حد، فالربح لا يتجاوز الـ8 في المئة وكل ما نجنيه لا يكفينا لشراء صفيحة مازوت للتدفئة، لكن ما نحصّله خلال تجوالنا أشبه ببحصة صغيرة تسند خابية». يضيف: «المدخول الشهري من تجارتي لا يتجاوز الـمئة دولار أميركي، لكنّ مبلغاً كهذا، مع المساعدات التي نحصل عليها، يرفع عن العائلة جانباً من العوز».
تأخذ أم طلال النازحة من ريف دمشق، وهي أم لسبعة أطفال، من زاوية صغيرة في سوق الخان الشعبي الواقع غرب حاصبيا، نقطة لجذب الزبائن، وهي وفق قولها، «بصّارة»، تكشف الأسرار وتعرف الغيب من خلال قراءتها للكف.
تقول إنّ «عشرات المواطنين يلجأون إليها، وكل تبصيرة بدولار أميركي، وبعض الزبائن يدفعون البخشيش إذا أعجبهم ما أقوله لهم»، وتشير إلى أنّ «التبصير هواية عند البعض، وهو خدعة تدرّ علي بعض المال، انفقه لسداد حاجات أطفالي الذين يعيشون ظروفاً قاسية في خيمة صغيرة لا تقينا برد الشتاء».
تعليقات: