أرشيف
داخل غرفة صغيرة لا تتعدى مساحتها عشرة أمتار مربعة، غطت نوافذها شوادر بلاستيكية لحمايتها من الرياح والبرد، تحلق العديد من الأطفال السوريين النازحين طلبا للدفء حول صوبيا عتيقة تعمل على الحطب، في منطقة جبلية قابعة عند أقدام جبل الشيخ. المجموعة النازحة من أطفال تتراوح أعمارهم بين العام والعشرة أعوام، عمل ذووهم على جمعهم من عدة منازل مجاورة، لتمضية سهرة جماعية دافئة حسب «برنامج تدفئة شهري»، بدأت عدة عائلات سورية نازحة اعتماده، في محاولة لا بد منها لتوفير وقود النار الذي يصلهم بالقطارة.
النازح أبو جعفر محمد الدليبي من حلب، الذي يمضي عدة ساعات في جمع كومة من الحطب، قال: «لقد اتخذت مع جيراني النازحين في هذه البلدة الجبلية التي ترتفع 1550 مترا عن سطح البحر، قراراً يقضي بتجميع الأطفال في منزل كل منا وبشكل دوري. وذلك في محاولة لتوفير وقود النار، الذي بات نادراً في محيطنا». لقد فقد الحطب من الحقول المجاورة «بسبب كثرة الطلب عليه من النازحين، كذلك المازوت فما يصلنا منه في الشهر، لا يكفي سوى ليومين أو ثلاثة فقط،، وهذه الحاجة الماسة للمحروقات، جعلتنا نفكر بطريقة لمقاومة الصقيع، في ظل النقص بالوقود. فكان قرارنا إشعال النار مداورة بين العائلات المشاركة في برنامجنا، الذي أطلقنا عليه برنامج التدفئة الجماعية». يضيف: «نجتمع مع عائلاتنا ليوم واحد أسبوعيا في منزل، ومن ثم ننتقل وبشكل دوري إلى منزل آخر، وهكذا تكون اجتماعاتنا بالتساوي ومداورة بين العائلات المشاركة في البرنامج، على أن تضم كل مجموعة ما بين 5 إلى 7 عائلات».
ربة العائلة حسنية العويش من بابا عمرو، تجلس في غرفة ضيقة إلى جانب أحذية الأطفال، وبعض الحاجيات المنزلية المبعثرة بشكل عشوائي «البطانيات أرخص وسيلة لمقاومة البرد، لكنها لا تصلح على مدار الساعة، عندنا مشكلة تدفئة لم نتمكن من تجاوزها بسبب قلة المساعدة، تصلنا صفيحة أو صفيحتان من المازوت فقط في الشهر، هذا ظلم من الجهات المانحة. لقد اعترضنا وتقدمنا بعدة احتجاجات، الكل يتنصل ويضع المسؤولية عند غيره، لجأنا إلى برنامج التدفئة الجماعية، نجحنا في توفير المحروقات. ولكننا لم ننجح في طرد البرد عن أطفالنا، لقد مرض عندي 3 أطفال بسبب البرد، نقلناهم إلى المستشفى على وجه السرعة فكانت الفاتورة بحدود المليوني ليرة غطت الجهات المعنية 75 في المئة من المبلغ والباقي جمعناه من بعضنا البعض».
تعليقات: