في السابع عشر من شباط، لثلاثين سنة خلت، كتب فيها طبيب الفقراء الدكتور شكر الله كرم رسالته الاخيرة. علمتنا من مطلع الحكاية الاولى حيث كانت الخيام تحترق والجنوب كئيب... علمتنا ان التواصل هو صلة وصلاة... علمتنا ان نحب الورد كثيرا وان نحب القمح اكثر... لقد علمت الصبايا ان الحبر هو عطر الدفاتر، وان الغيوم هي اوراقنا البيضاء... كما علّمت الرجال ان الشمس هي ساعة الفلاحين في مرج الخيام وان القمر هو ساعة العاشقين للصلاة عند الفجر...
ايها الامير مهلا... فالطيور لم تهاجر بعد، والنسور تتهيأ كعادتها قبل الرحيل. فالكل يقول: «أرجوك مهلا»... قالتها الزوجة الحبيبة وقالتها الخيام، كل الخيام...
ايها الراحل...
هل ودّعت الفارس الاول... هل ودّعت عامر كما تحب، هل ودّعت الصبايا، وكل من عهدتهم رجالا... هل اطمأننت الى الحبيب جمال؟ يوم رحيلك تعلمنا ان هناك صلة قرابة بين الورد والوريد اسمها الشهادة... وان هناك صلة ود بين مرجعيون وحرمون اسمها الحرية...
لن نؤلم نومك الهانئ بالحديث عن الاختلالات التي نبّهت اليها باكرا، لكننا سنزف اليك بشرى ابطال المقاومة الذين لقنوا جنود العدو، المختبئين خلف الدروع والحديد في سهل الخيام، درسا لن ينسوه على مدار الايام.... وانت أول من زرع روح المقاومة في النفوس.
أيها الشهيد الامير نم هنيئا، فالخيام في حدقات العيون، ونحن سنقرأ لك قصصا، وفي الطليعة منها قصة الخيام التي كانت تأنس اليك، وقصة أهلها الذين سينهضون من بين الرجال لتكون القيامة بك ومعك، فيبدأ الهتاف وترتفع لغة الصوت، وتضيع الحيرى القاتلة، ونشدّ نحن وإياك الكتف الى الكتف...
نحن ننتمي اليك، كلنا ننتمي اليك،
فمهلا الترحال كي يتمكن الاحبة من غزل الياسمين رداء وعرائس مطر...
مهلا، كي يتمكن النحل من ان يلملم زادا للايام...
مهلا، لنكتب بعض الكلمات من عروق الحجر باتجاه الحرية...
عهدا لك، بأننا سنكمل الحكاية حتى تمتلئ الخوابي بمواسم الرفاه، وحتى تفك المواقد أسرار النار، وتتوهج حرارتها على الجباه. عند ذلك... تهرع النجوم والصباحات الى الخيام ويهرع قلب المحبين الى وجوههم، فيرون فيك أنفسهم وعزتهم وكرامتهم!
تعليقات: