المهندس رمزي عواد
استفادت من تجربة النجدة الشعبية الفرنسية وساهمت في رفع المعاناة عن اللبنانيين
عواد: "النجدة الشعبية اللبنانية" طورت عملها وفعّلت عملها التربوي الى جانب تقديماتها الصحية
بمبادرة من مجموعة من الأطباء في أواخر الستينات واستفادة من تجربة النجدة الشعبية الفرنسية قام هؤلاء الاطباء بخوض تجربة كانت ناجحة جداً في أواخر الستينات تحت عنوان رفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين جراء الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة، وبقيت هذه تجربة مستمرة حتى الموافقة على ترخيص للجمعية في العام 1974 بجهد خاص من الشهيد كمال جنبلاط في حينها·
بعدها بدأت النجدة في تأسيس وتنظيم تجربتها بشكل رسمي وانتشر عملها في أماكن مختلفة في الوطن، وجاءت بعدها الحرب الاهلية العام 1975 لتنخرط النجدة أكثر فأكثر في رفع المعاناة عن كاهل المواطنين في كل أرجاء الاراضي اللبنانية، وتأسست لها الفروع الى أن اصبحت من رواد العمل الصحي في لبنان وبقيت كذلك وبتطور مستمر ومتصاعد حتى نهاية الحرب الاهلية في أوائل التسعينات·
أكملت النجدة مسيرتها في الميدان الصحي وطورت عملها حتى اصبحت منخرطة في العمل في قطاعات أخرى، تربوية وتنموية مختلفة وأنشأت المراكز من أجل هذه الغاية ولا تزال حتى اليوم· النجدة الشعبية جمعية ذات منفعة عامة تعمل حسب شعارها الاساسي "معاً من أجل الانسان"، وتحاول ترسيخ كل الامكانيات لاجل خير وتطور الانسان في مجتمعنا مثلها مثل كل الجمعيات التي تعمل في القطاع الاهلي، وهي مؤسسة وتشارك في تشكيل الشبكات الرائدة في مجال العمل من خلال المجتمع المدني، ولذلك هي عضو في تجمع المؤسسات الاهلية والذي يضم حوالى 12 جمعية تتعاون لتفعيل دورها·
المهندس عواد تحدث عن آلية عمل الجمعية فقال: للجمعية ممتلكات عديدة منتشرة في جميع الاراضي اللبنانية وهي عبارة عن مراكز صحية، تربوية ومراكز لإعداد التدريب في ميادين مختلفة ويبلغ عدد هذه المراكز حوالى 18 مركزاً· طبعاً للجمعية تاريخ عريق في العمل الاهلي ونحن اليوم بعد الانتخابات الاخيرة نحاول أن نعيد للجمعية مجدها في هذا المجال ونحاول أن نستفيد من التجربة بإيجابياتها وسلبياتها على أمل أن نقلل من السلبيات ونرفع من مستوى الايجابيات، وهذا يتم بناء لخطة وبرنامج عمل أعدته الهيئة الإدارية لفترة زمنية لا تتعدى الاربعة أشهر، آملين في أن نعيد استنهاض الوضع على جميع المستويات·
من ناحية التمويل فإن الجمعية تعتمد على تمويل ذاتي من خلال إمكانيات الاعضاء واشتراكاتهم وما تؤمنه المراكز العاملة، كذلك هناك التمويل الخارجي عبر المنظمات الدولية والأهلية والتي في العادة تدعم مشاريع متنوعة تساهم بشكل رذيسي في إنجاز تلك المشاريع، نحن نأمل بتطوير علاقتنا مع هذه الجهات لما فيه الخير للمجتمع اللبناني والذي يستفيد من المشاريع بالتعاون بيننا وبين الخارج·
وعن مدى العلاقة والتعاون بين الجمعية والجمعيات الاخرى أجاب: على المستوى الداخلي: نحن على علاقة جيدة بالمنظمات والهيئات الاهلية المحلية، ونتمنى أن تتطور أكثر هذه العلاقة فيما بيننا وهذا في مصلحة الجميع· كذلك نحن نعد خطة في مجال العمل مع الجمعيات والمؤسسات الرسمية والاهلية ومع كل شرائح المجتمع للاستفادة من جميع الطاقات التي تخدم وتساهم في إنجاح أهدافنا ونحن منفتحون بالتعاون مع كل الشرائح في المجتمع متمنين أن تنال دعوتنا هذه الصدى المناسب للمساهمة سوياً في رفع المعاناة عن كاهل أهلنا· كذلك نعمل، ومن خلال خطة نأمل أن ننجح في تنفيذها، في إعادة هيكلة الفروع المنتشرة وتفعيلها أكثر لتساهم في أماكن تواجدها في خلق الافكار والمشاريع للمساهمة مع مجتمعها في تفعيل دوره الانساني والإنمائي·
أما على المستوى الخارجي: كنت قد تحدثت عن وجود منظمات دولية وأهلية، ورسمية عديدة تساهم في تمويل المشاريع المقترحة ونحن كنا جزء من هذه العلاقات، ولا نزال نعمل اليوم على توطيد وتوسيع شبكة العلاقات هذه، مع المنظمات الدولية في انطلاقة جديدة نتمنى أن نوفق بها· والحقيقة أن الامانات الموجودة في الجمعية المختصة في هذا المجال (أمانة شؤون العلاقات العامة - أمانة شؤون الدراسات والتدريب) قد قطعت شوطاً لا بأس به في التحضير لإطلاق ورشة اتصالات والتعاون الخارجي والداخلي·
أما الخطة الاخرى فهي البنية التحتية للمؤسسة وهي بحاجة الى إعادة تأهيل على مستوى المراكز والمؤسسات التي لها علاقة بالجمعية، وإعداد دراسات ومشاريع تتلاءم مع المتغيرات والواقع الحالي لحاجات الناس، من هنا ينصب تركيزنا على أن تكون أمانة الدراسات وأمانة العلاقات العامة محور هذا العمل·
وتحدث المهندس عواد أيضاً عن إعداد مخططات لتفعيل عمل النجدة الشعبية فقال:
الجمعية مؤسسة مستقلة، العناصر المؤلفة منها الجمعية بمجملها تحمل وجهة نظر فكرية وسياسية معينة وكان لها الفضل الكبير في تفعيل عمل الجمعية واستمراريتها، لكن هذا لا يعني أننا غير منفتحين على الآخر، بالعكس نحن جاهزون وبكل سرور أن ينخرط في عمل الجمعية كل أطياف المجتمع اللبناني على قاعدة أنه على المنتسب الى هذا العمل احترام أهداف الجمعية وآلياتها واحترام حرية الرأي والتعبير ووجهة النظر للفرد·
وعن انعكاسات الاوضاع السياسية على عمل النجدة نتيجة مواقف الحزب الشيوعي قال: الجمعية مؤسسة مستقلة، ولا تتعاطى الشأن السياسي· لكن هذا لا ينفي أن هناك مجموعات لها وجهتها الخاصة في السياسة كانت مشاركة بشكل فاعل في تأسيس الجمعية واستمراريتها، وبالتالي في قرارها وهذا أمر متاح ومباح· إذ انك لا تستطيع ولا في أي جمعية، أن تشكل فريقاً منتشراً على كل الاراضي اللبنانية من خلال فروعه المختلفة وأن تمنعه من أن يكون عنده وجهة نظر في السياسة· صحيح أن أعضاء جمعية النجدة الشعبية ينتمون بالأغلب الى وجهة سياسية محددة، هذا واقع يفترض أن تستفيد منه او يفيدك الاخر فيه، من خلال موقعه السياسي حيث يفترض أن يقوم بأهداف تغييرية من منطق مستقل ومتجرد لإنجاح برنامج وأهداف الجمعية· لكن هذا لا يعني أيضاً أن هذه وجهة النظر الوحيدة، بل على العكس، أنا أقول يجب أن نكون منفتحين على الجميع، وأن يكون باستطاعة كل مواطن أن يكون عضواً في النجدة الشعبية وهو يحمل وجهة نظر سياسية أخرى ومسؤول عنها، ونحن نحترم وجهة نظره··
خاصة أن هنالك جزء أساسي في عملنا وهو احترام الحريات العامة واحترام الفرد والجمعيات·· فلا تستطيع بالتالي أن تشترط في مكان ولا تشترط في مكان آخر·· نحن نشترط في هذا المنطق، وأي فرد يريد أن يعمل من أجل الغاية المنشودة "معاً من اجل الانسان" نرحب به ونقول له أنه يحمل وجهة نظر سامية·
هذا الكلام قد يبدو تنظيرياً، لكننا نحاول قدر الإمكان ان نفعّل هذا الامر، وان نخفف من تأثيراته السلبية التي تأتي ليس فقط من الطرف الذي تحصل عليه النجدة الشعبية أحياناً، ولكن أيضاً من المجتمع الذي يضعك دائماً في خانة محددة، بينما أنت تبغي أن تكون موجودا ومنتشراً على مستوى كل شرائح المجتمع·
ورداً على سؤال حول الإنجازات التي حققتها النجدة الشعبية أجاب: النجدة الشعبية من أهم إذا لم نقل من أولى الجمعيات التي تمتلك مراكز وموجودات على الصعيد الوطني· فمستشفى النجدة الشعبية في النبطية التي لعبت وتلعب الدور الكبير في الجنوب على مدى عشرين سنة تقريباً ولا تزال، مساهمة في القطاع الصحي بشكل أساسي والتي كان لها دور كبير أثناء العدوان في 12 تموز، حيث أمنت مساعدات صحية في عمليات الطوارئ وتطبيب الجرحى ورفع المعاناة على المواطن والاهتمام به· آضف الى أنه لدينا مستوصفات منتشرة في جميع الاراضي اللبنانية تساهم مساهمة مباشرة في مساعدة المواطن وتحتل مساحة لا بأس بها في الرعاية الصحية·
أضاف: أما على الصعيد التربوي لدينا مدرسة في برجا، صحيح أنها متواضعة وبحاجة الى إعادة تأهيل وتطوير خاصة انه يوجد معها مساحات كبيرة من الاراضي يمكن الاستفادة منها، لذا فإن خطتنا للعام الدراسي المقبل، أن تطل المدرسة بحلة جديدة وبمستوى تعليمي وتربوي مرموق يساعد في تطوير المستوى العلمي للتلامذة·
كذلك لدينا تعاون مع منظمات ومؤسسات دولية، ونعمل الآن مع مؤسسة (Africa 70) الإيطالية على مشروع بقيمة 1.300.000 يورو في منطقة مرجعيون بالتعاون مع 35 تعاونية زراعية ووزارة الزراعة اللبنانية، وهذا المشروع ممول من وزارة الخارجية الإيطالية حيث نأمل أن يسد حاجيات الناس على المستوى الزراعي·
يوجد أيضاً لدينا مراكز للتدريب والإعداد في مراكز عديدة، ونحن اليوم شركاء مع اتحاد النقابات الايطالي في مشروع تدريب حول المهن الحرة·
وأجاب في رده على سؤال حول كثرة مشاغله وأعماله الخاصة، والأعباء الجديدة التي زادتها مسؤولية رئاسة النجدة الشعبية: طبعاً أنا أعمل في الشأن العام، وهذا الوجود في جمعية النجدة الشعبية جزء أساسي اليوم من عملي في الشأن العام، وهذا الوجود في جمعية النجدة الشعبية جزء أساسي اليوم من عملي في الشأن العام، وأنا أكرس له الوقت المطلوب شرط أن لا يتعارض مع عملي الخاص وأحاول أن أوفق بين الاثنين·
العمل في الشأن العام له أهداف وآليات، من هنا ليس المهم الآلية التي نعمل من خلالها، المهم أن هذه الآلية توصل الى الهدف نفسه، وهو رفع شأن المواطن في جميع الجوانب والاهتمام في نطوير المجتمع بما يتلاءم مع الحاجات المطلوبة ومع حاجات التطور والنمو بشكل عام·
لذلك أقول إن هذا العمل بالنسبة لي يوفر من زاوية معينة سعادة واطمئنان وتحقيق الذات من خلال ما تقدم وما يتفاعل مع الآخر·
وعن أوجه التوافق أو الاختلاف بين عمله السياسي وعمله الإنمائي في الجمعية قال: أنا أعتبر أن الأمران مكملان لبعضهما وبالتالي نعود الى ما ذكرناه سابقاً أن الآلية ليست مهمة بل المهم هو الهدف وأعتقد أنك تستطيع أن تنخرط بنسب مختلفة في المجالين·
طبعاً إن الأولوية اليوم لاستنهاض عمل الجمعية نتيجة وجودي في مسؤولية مباشرة على مدى السنوات الثلاث المقبلة وهذا يتطلب مني جهداً أكبر في العمل من خلال الجمعية تحقيقاً للأهداف المطلوبة في تطوير المجتمع المدني وخلق فرص جديدة في عمل المؤسسة·
وختم رداً على سؤال حول خوضه الانتخابات النيابية:
في موضوع ترشيحي للانتخابات في العام 2005 أريد أن أوضح وبكل صدق، أنني لم أكن أخطط أو أعمل لخوض الانتخابات السابقة، وهي لم تكن ولا تزال مشروع شخص أو سياسي بالنسبة لي ولا تدخل في أولوياتي، لكن الظروف في وقتها وقرار الحزب في الترشح هو الذي جعلني أشارك في هذه العملية·
أما أن أعود وأكرر هذه التجربة فهذا رهن بالمتغيرات التي ستحصل في وقتها أي بعد سنتين ولكل حادث حديث·
تعليقات: