امراضُ القلبِ والشرايين هي السبب الاول للوفاة في العالم وفي لبنان

قنبلةٌ موقوتة، بِعَّدٍ تنازُلي، وقتُ انفجارٍ غيرُ محددِ الامد، اما اليوم أو في الغد أو حتى بعد عام، العلمُ عند الله، شيءٌ واحدَ مُؤكد، ستنفجرُ القُنبلة في أعماقِ شرايينك، مخّلفةً زلازلَ وعواقبَ وخيمةً في جسدك، هذا إذا لم تؤدي بحياتك. لا عوارضَ تُنبهُكَ ، ولا مُؤشرات تهتز... هذا هو مرضُ ضغطُ الدمِ المرتفع.

في كُل عام، لمناسبةِ يوم الصحةِ العالمي، في السابع من شهر نيسان، في ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية عام 1948، تقومُ المنظمة بحملة توعية عن أحد المشاكل الصحية التي تُقلِقُ العالم، وقد اختير موضوعُ هذا العام عن مرض ارتفاع ضغط الدم، لتكلفتهِ العالية على ارواح البشر.

ارقامٌ مقلقة، امراضُ القلبِ والشرايين هي السبب الاول للوفاة في العالم وكذلك في لبنان. كل عام قرابة التسعة ملايين شخص يفقِدونَ حياتهم بسبب مضاعفاتِ هذا المرض. بتقديرات منظمة الصحة العالمية يعاني 40% من البشر فوق الخامسة والعشرين من العمر من ضغط الدم المرتفع، اي تقريباً واحد من كل ثلاثة أشخاص يعاني منه. وكذلك الأمرُ في لبنان، 42% يعانون من مرض ارتفاع ضغط الدم.

ما هو ضغط الدم؟

ضغط الدم هو نتيجة لقوة دفع الدم في داخل الشرايين. يُقاس ضغط الدم ب "ملم زئبق"، ويُشارُ اليه برقمين ويكتبان فوق بعضهما البعض، الرقم الأعلى ويسمى ضغط الدم الانقباضي، وهو نتيجة لضغط الدم الذي يضخه القلب، والرقم السفلي يسمى بضغط الدم الانبساطي، وهو ادنى من ضغط الدم الانقباضي، وهو يقاس بين دقات القلب عند سكونه. معدل ضغط الدم الطبيعي هو 120 ملم زئبق للإنقباضي، و80 ملم زئبق للإنبساطي.

يتغيرُ ضغطُ الدمِ عند الشخص الطبيعي عدة مرات خلال دقائق معدودة، ويكونُ هذا التغيير نتيجةَ مجهودٍ عضليٍ أو فكري عاطفي، ويعتبرُ هذا التغيير طبيعي، لتلبية احتياجات الجسمِ من الغذاء الذي يؤمنه الدم.

لماذا كُنّيَ بالقاتل الصامت؟؟

يُسمى ضغطُ الدمِ المرتفع بالقاتل الصامت، لعدم وجود اي عوارضَ تدلُ عليه، والطريقة الوحيدة والسليمة لكشفهِ هي عبر قياس الضغط بشكل دائم ومنتظم. أما الطريقة الثانية لإكتشافه هي عند حدوثِ مُضاعفاتِهِ، من نوباتٍ قلبية أو سكتاتٍ دماغية، أو فشلٍ كلوي، وصولاً الى العمى، وهذه طريقةٌ باهظةُ الثمنِ على الأجسادِ والأرواح.

اوجاعٌ في الرأس، قصرٌ في النفس، دقاتُ قلبٍ سريعة، رُعاف (نزيف من الأنف)، هذه بعضٌ من العوارض التي يُعاني منها بعضُ المرضى وذلك عند ارتفاع ضغط الدم بشكلٍ كبير.

العوامل المسببة؟؟

لضغط الدمِ عواملَ مسببةً كثيرة، منها عوامل لا يمكننا السيطرة عليها مثل التقدُمِ في العمر، والجنس - فهو يصيب الرجال أكثر من النساء دون الخمسين، أما بعدها ونتيجة لتغير الهرمونات عند النساء بعد مرحلةِ الطمث، تصبحُ نسبة الاصابة عند النساء ذاتها عند الرجال، وتلعب الوراثة دور كبيرفي الاصابة بمرض ضغط الدم.

التدخين، وتناول الأطعمةِ المالحةِ والدهنية، وزيادةُ الوزن، وعدم ممارسة الرياضة البدنية بشكل كاف، هي العوامل التي يممكننا السيطرة عليها، وفي حال التخلي عنها يمكننا ابعاد شبح القاتل الصامت عنا.

كيفَ يُشْخّص؟؟

يشخّصُ المريضُ بمرضِ ضغط الدمِ العالي عندَ قياسِ ضغط الدم في أكثر من مرة، على أيامٍ وفتراتٍ مختلفةٍ وغير متباعدة، ويجب أن يكون معدل ضغط الدم الانقباضي أعلى من 140 ملم زئبق، والانبساطي اعلى من 90 ملم زئبق. قد يقوم الطبيب أيضاً بعمل بعض الفحوصات المخبرية للتأكد من التشخيص الصحيح.

علاجٌ أم وقاية ؟؟؟

ليس هناك علاجٌ لضغطِ الدمِ المرتفعِ وانما يمكن التحكمُ به.

قد يكفي الكثيرين تغييرَ نمطَ حياتهم للسيطرة على ضغط الدم، كالإمتناع عن التدخين، وخفض استعمالِ وأكل الملح، وتقليل نسبة الدهونِ في الأكل، أي في المُجمل باتباع نظامٍ غذائي متوازن، وبممارسةِ التمارينَ الرياضيةِ بانتظام للمحافظةِ على وزنٍ طبيعي.

ومن المهم ايضاً لخفضِ ضغطِ الدم عدم التعرّض للاجهادِ المستمر، الذي هو نتيجة لضغوطاتِ الحياة.

وحينَ لا تنفعُ الاساليب سابقةُ الذِكْرْ في الحَدْ من ارتفاع ضغط الدم، عِندها يستوجبُ العِلاج باستعمال الأدوية الخافضة لضغط الدم، التي يصفها الطبيب، وتُأخذُ هذه الادوية مدى العمر، ولا توقّفُ أبداً.

يجب على مريض الضغط أيضاً السيطرة على الامراض الاخرى التي يعاني منها المريض كالسكري، لأن وجودهما متزامنان يضاعفان نسبة خطرِ الاصابةِ بأمراض القلب والشرايين، وبالتالي الموت.

خِتاماً..

لأمرض ضغط الدم المرتفع مضاعفاتٌ خطيرةٌ ومميتة، ولكن الكشف المُبكر للمرض عبر القيامِ بقياسِ ضغط الدمِ بشكلٍ مُنتظمٍ والتحكُمِ به، يُعطيكَ فُرصة عَيشَ حَياةٍ صِحية ومديدة.

سَيطر على ضغطِ دمِك... احمي حياتْك... حسّْن صِحتْك.