سوء معاملة للعاملات الأجنبيات وتزوير ورشوة

قلة من العاملات الأجنبيات يحصلن على إجازة أسبوعية
قلة من العاملات الأجنبيات يحصلن على إجازة أسبوعية


استعبـــاد وســـوء معاملـــة... والقيّمـــون غيـــر مهتمّيـــن إلا بـ «سمعة لبنان»

بين الرشوة والابتزاز والتزوير، وقعت بعض مكاتب استقدام العاملات الأجنبيات في شرك المساءلة العلنية، والسبب هو «تلطيخ سمعة لبنان»، أما سوء معاملة العاملات الأجنبيات فقضية أخرى، تطرح من باب رفع العتب!

عاملة أجنبية تقفز عن شرفة المنزل، وأخرى تنتحر بمادة سامة، وأخرى تفضل الاختفاء... إنها العبودية التي يرى البعض أن العالم قد تخطاها منذ سنوات طويلة، لكنها لا تزال تقبع في زوايا الكثير من البيوت اللبنانية، وتتآلف مع الثقافة «العنصرية» السائدة، والفوضى القائمة في مجال تنظيم قطاع استقدام العاملات، لتصبح واقعاً خارج المساءلة والمحاسبة القانونية.

ففي لقاء تنسيقي بين وزارة العمل والامن العام ومكاتب استقدام العمال في لبنان، عقد أمس في فندق روتانا ـــــ الحازمية، طرحت قضايا الفساد المتزايدة بين جدران وزارة العمل، والتي تفيض تزويراً بالتكافل مع بعض مكاتب استقدام العاملات الأجنبيات، وكانت اللائمة تقع على كل المجتمعين مداورة، لكن من دون التطرق الى دور الأجهزة الرقابية وتقاعسها في القضاء على هذه الظاهرة، ومع ذلك كان الكلام العنصري تجاه العاملات الأجنبيات مباحاً حتى على لسان موظفين حكوميين شرحوا الواقع لكن من زاوية التحذير من خطر «الخادمات»...

ممارسات غير قانونية

وعرضت رئيسة مكتب شؤون الجنسية والجوازات والأجانب العميدة سهام حركة ما يحدث من مخالفات قانونية من مكاتب استقدام العاملات، ومنها الاعلان عن العاملات وأسعارهن كأنهن سلعة، والإعلان في الصحف «بوقاحة» عن وجود عاملات جاهزات مع اقاماتهن وإجازات عملهن (التي يجب قانوناً إنجازها قبول وصول الخادمة الى لبنان). فضلاً عن استقدام العاملات على اسماء كفلاء وهميين بغية المزيد من الربح لـ«بيعها» بمبلغ اكبر او تشغيلها بأجر يومي او شهري. إضافة الى وجود موافقات مسبقة لعاملات دون الثامنة عشرة، وتسليم المستدعي مستندات الطلب ومن ضمنها إفادات راتب ووظيفة وهمية.

وأشارت حركة الى أنه «عند عدم رغبة الكفيل بالإبقاء على العاملة، يطلب منه مكتب الاستقدام التنازل عنها لآخر دون أن يقترن هذا التنازل بتعهد وتسجيله في الامن العام. ويتم توقيع الكفيل على تنازل ابيض، دون ذكر المتنازَل له، وتصديقه لاحقاً امام كاتب بالعدل. إضافة الى التعامل مع كتاب بالعدل حصريين من دون حضور صاحب العلاقة...».

رزوق: تلطيخ سمعة لبنان!

أما المدير العام لوزارة العمل بالإنابة عبد الله رزوق فتوجه بكلمته المتعالية الى اصحاب مكاتب الاستقدام وموظفي وزارة العمل وقال: «انتم الحصن المنيع الذي يقف حائلاً دون تلطيخ سمعة لبنان وإدارته بأسوأ النعوت من منظمات المجتمع الدولي والمجتمع العربي والرأي العام اللبناني، ومن هذه النعوت تجارة الرق وغيرها». وقلب رزوق المعادلة، واضعاً اللوم على العاملات في مخالفة القانون، ولم يتردد في القول «إن العاملات الأجنبيات في المنازل تكوّنت لديهن الجرأة لمخالفة القوانين والانظمة وفي أغلب الاحيان بمساعدة وسطاء محليين ومن بلد المنشأ»!، وأضاف «لن تنقصنا الصراحة لنقول إن فلتاناً خطيراً تشهده سوق العمل اللبنانية، هذه السوق التي لا نعرف عن مضمونها ومكوناتها إلا اليسير، فانعدمت لدى المسؤولين القدرة على الاستيعاب والإمساك بقواعد السلوك للعاملات الاجنبيات». أما الأكثر غرابة، فكان اعتبار رزوق أن اللبناني هو ضحية العاملات لا العكس قائلاً: «على المواطن اللبناني أن يدرك جيداً المخاطر التي يمكن أن تنتج من هذا الكمّ الهائل من «الخدم» الموجودين على الاراضي اللبنانية»!

حوادث يومية

وأشار رزوق الى أن حوادث كثيرة يومية «سجلت لدينا وهي مخالفات لأصول تنظيم طلبات الموافقة المسبقة وتقديمها، وأقصد هنا الخط والمعلومات الواضحة، والخطير في الأمر استعمال الحك والشطب والمحو لمضامين الطلب والتوقيع عن اصحاب العلاقة، والخطوط غير المقروءة واستقبال صور المستندات المرفقة بالمعاملة دون التقيد بالمذكرات الصادرة لهذه الغاية، اضافة الى قضية التنازل عن العاملات الأجنبيات التي أصبحت عملاً تجارياً بحتاً». كذلك اشار الى أن «هذا العمل يوصف بالرشوة والابتزاز، ويقع تحت طائلة المسؤولية وعقاب القانون».

إلى النيابة العامة

وقال رئيس ديوان وزارة العمل علي فياض، إن «الوزارة قامت ولا تزال بدورها بالتنسيق مع الأمن العام لإلغاء تراخيص مكاتب الاستقدام المخالفة او تجميد التراخيص لعدد آخر، لكن عدداً من المكاتب لم يلتزم بهذه الإجراءات، واستمر بارتكاب مخالفات خطيرة وصلت الى حد التزوير، وهو ما حدا وزير العمل بالوكالة إلى احالة ملفات هذه المكاتب الى النيابة العامة». ولفت الى ان «بعض العاملات يتعرضن للمضايقات والضرب وعدم دفع الرواتب»، محمّلاً مسؤولية ذلك الى اصحاب المكاتب وأصحاب المنازل.

من المسؤول؟

أما رئيس مصلحة القوى العاملة في الوزارة فوزي الحاج حسن فلم يرَ فارقاً بين المشكلات قبل إنشاء نقابة مكاتب الاستقدام وبعده، داعياً الى تفعيل رقابة الوزارة والأمن العام على مكاتب الاستقدام.

وأشار رئيس نقابة مكاتب الاستقدام علي الأمين، الى عدم التزام المكاتب مع النقابة، وأخذ على الوزارة المدة الطويلة التي يتطلبها التوقيع على الاجازات المسبقة لاستقدام العاملات.

--------------------------------------------------------------------------------

17ساعة

هو معدل عمل المساعدة المنزلية من التابعية السريلانكية في لبنان، بحسب مسح لـ 70 عاملة سريلانكية أُجري لمنظمة العمل الدولية، إذ تبين أن متوسط ساعات العمل يتراوح بين 16/17 ساعة في اليوم. ولوحظ أن العديد منهن يبقين «متأهبات» طوال 24 ساعة، للطبخ والتنظيف حتى ساعة متأخرة من الليل عند استقبال الضيوف، أو للاعتناء بالأطفال ومساعدة المسنّين.

وكانت الحكومة السريلانكية قد حددت في العقد النموذجي الذي أعدّته لرعاياها ما لا يزيد على 12 ساعة عمل في اليوم، تتخللها فترات راحة ملائمة.

--------------------------------------------------------------------------------

100 دولار

تجني العاملات الأجنبيات أجوراً متدنية جداً، لكنها تختلف بحسب بلد المنشأ، ويتراوح متوسط الأجر بين 250 دولاراً للعاملات الفيليبينيات، و100 دولار للعاملات السريلانكيات والأفريقيات. هذا الراتب الشهري الذي تجنيه المقيمات داخل الأسر يضاف اليه المأوى والمأكل والملبس في بعض الأحيان، إلا أن ذلك يكون على حساب حرية العاملة.

أما اللواتي يعملن لحسابهن الخاص فيجنين قدراً أكبر من المال، وقد يبلغ دخلهنّ 500 دولار في الشهر أو أكثر، لكنهن يجازفن بالعمل غير المشروع أو يتحملن تكاليف إجازة العمل والإقامة كل سنة، فضلاً عن المأوى والمصاريف اليومية.


تعليقات: