إيمان حمصي.. سيّدة القانون رحلت!

ايمان حمصي التي عزفت بأصابعها العشرة.
ايمان حمصي التي عزفت بأصابعها العشرة.


امرأة من نور أنسنَتْ القانون وروْحنته

إيمان حمصي مَن كان مثلك يكذّب الموت

كيف سيسكت القانون بعد اليوم ويتقوقع حداداً بعدما تعلّم بين أصابعها النورانية، ان النغم فرح أبدي والحياة صراع لا بد منه ليبقى الغناء في حديقتها مزهراً، تطرب له الروح ولا ترتوي.

كيف سيلوذ هذا الكائن من وتر وخشب الى الصمت، بعدما كان في جنون أناملها زغاريد وأعراساً، تلقمه بايمانها وتقواها من سر الوجود، عنفواناً وسعادة تقطفها كالومضة وكأنها في هذا الاداء الابداعي، تعلم ان حياتها المسافرة على جديلة نيزك اصبحت خارج نظام الوقت، تعلو فوق جاذبية الارض، مسرعة في اعتلائها فوق قشرة الارض، وبقدر ما تعلو تبدو لنا موسيقاها غذاء للروح، شفافة، باهرة، ولا نسأل ما حدث. فالمرأة التي وهبت نفسها للموسيقى حوّلت مجراها الى الوجع المستفحل فيها بنبل وراحت بها، في تلك الزلاغيط المنبثقة من الأوتار، تهدهد جراحها، وتغني لها اغنية الطفولة التي لا ترى من الوجود الا الرجاء والأمل.

ايمان حمصي لم تدع الوجع يوماً يستأثر بموسيقاها، لم تغمر الأوتار الكارجة من أصابعها كدفق المياه بملامح حزن او دموع أسى تذرفها على شبابها النابض وجمالها العاكس سر ديمومته في أوتار قانونها، هي تلك الفارسة المستقوية على الصعاب ما دامت روحها الغنية بالايمان تنهل من الموسيقى شريان حياة.

ايمان حمصي... هل نتكلم عنك بعد اليوم بصيغة الماضي واللحن المولود من أصابعك، من روحك، من شغفك بالنغم والحياة، حي، لا يذوي، حفظناه بين طيات قلوبنا. فمن كان مثلك يكذب الموت.

..

.

"سيّدة القانون" رحلت...

لُقِّبَت بـ"سيّدة القانون". إيمان حمصي اشتهرت، ليس بكونها من ابرز السيدات الرائدات في العزف على القانون فحسب، انما ايضا بالعزف باصابعها العشر على اوتار جعلتها "تشعبات شرايينها"، وفقا لتقنية خاصة طوّرتها.

ولدت إيمان حمصي في عام 1967، وتعدّ أهم عازفة قانون في لبنان. تخرجت في المعهد الموسيقي الوطني العالي في لبنان في عام 1991، ونالت شهادة الديبلوم في العزف على آلة القانون. وتباعاً، نالت شهادة الديبلوم في الهندسة من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة في عام 1994.

درست الموسيقى العربية الكلاسيكية، ولدى إختبارها الموسيقى الغربية، طوّرت، في الوقت عينه، تقنيتها الخاصة في العزف على القانون، مستعملة عشر أصابع، من دون إهمال الطريقة التقليدية في العزف عبر إستعمال إصبعين.

شاركت إيمان حمصي في العديد من المهرجانات المحلية والعالمية في أوروبا، وآسيا، وإفريقيا كعازفة منفردة (مهرجان البستان العالمي للموسيقى في لبنان، والبحرين، ومعهد العالم العربي، وفي باريس)، كذلك بصفتها عضواً في أوركسترا المعهد الموسيقي الوطني العالي اللبناني. وعزفت ايضا في العديد من التسجيلات تتضمن الموسيقى العربية.

تعاونت مع السيدة فيروز من العام 1999، فعزفت مع فرقتها في عدد لا يحصى من الحفلات الموسيقية في تونس، والكويت، والأردن، والولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا... إلخ

وفي اليونان، عزفت إيمان مع المجموعة الموسيقية "إن كورديس" (EN CHORDAIS) ثلاث مرات: مرة على مسرح "إبيدافروس" القديم خلال الجولة الموسيقية في تموز 2001، ومرتين في إطار "التقاليد الموسيقية في البحر المتوسط" على المسرح الموسيقي في تسالونيقي (2002 - 2004). كذلك شاركت في حفلين موسيقيين للـ"إن كورديس" في بروكسل (أيار 2003) للرئاسة اليونانية للإتحاد الأوروبي.

شاركت ايضا مشاركة فاعلة في مشروع "المديموسيس" MediMuses. وفي إطاره، شاركت في اجتماع القانون العالمي الذي عقد في بيروت - لبنان (2002). وكانت عضوة في المجموعة الموسيقية الشرقية للمعهد الموسيقي الوطني العالي اللبناني التي عزفت في تسالونيقي في عام 2003، وزارت عمّان، والأردن، وتسالونيقي بصفتها محاضرة زائرة في العزف على آلة القانون.

اصدرت في عام 2008 البومها "اللورد قانون" من انتاج معهد العالم العربي في باريس، وتضمن 11 مقطوعة ومعزوفة وتقاسيم مخصصة فقط لآلة القانون، وعدد منها من تأليفها والحانها. كانت تحضر لاصدار البومها الثاني، غير انها اغمضت عينيها قبل ان تحقق مشروعها، تاركة وراءها خلود الحانها.

في عام 2012، كرمها "مسرح المدينة" في اطار مهرجان "مشكال" الذي نظم بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي واغنوستيك للفنون المسرحية. وتسملت في المناسبة "مفتاحا قديما" رمزا لمدينة بيروت.

تسلمت درعين تقديريتين في حفلين خاصين اقامتهما في الكويت والبحرين (مهرجان القرين).

رفضت الخضوع للمرض وآثرت ان تعزف حتى الرمق الأخير.
رفضت الخضوع للمرض وآثرت ان تعزف حتى الرمق الأخير.


تعليقات: