يؤكد السوريون أن ما يقدّمونه غير متوافر في المطاعم اللبنانية (الأخبار)
مطاعم، مقاه، صالونات حلاقة وحتى وسائل نقل عام. نقل السوريون مهنهم إلى لبنان، وافتتحوها بالعشرات لا سيما في قرى البقاع حيث تقيم النسبة الأكبر منهم. الأسعار المتهاودة التي يتعاملون بها تثير شكوى التجار والمهنيين اللبنانيين في حين تبقى الدولة غائبة حتى عن إحصاء الأعداد
أعداد اللاجئين السوريين على أرض لبنان في ازدياد مطّرد. إحصاءات غير رسمية (حتى الآن) تقول إن أكثر من مليون ونصف مليون سوري دخلوا لبنان من بوابات العبور الشرعية مع بلدهم. منهم ما لا يقلّ عن مليون مواطن هربوا قسراً من الموت والقتل، وعبروا رسمياً بصفة لاجئ، و500 ألف دخلوا لبنان مفضّلين عدم تصنيفهم كلاجئين، وأقل من نصفهم استخدموا مطار بيروت الدولي محطةَ سفر إلى بلاد عربية وأوربية.
وتقول الإحصاءات غير الرسمية إن أكثر من 300 ألف سوري لبنان دخلوا عبر منافذ غير شرعية هرباً من الاشتباكات العسكرية الدائرة في مدنهم وقراهم المتاخمة للحدود مع لبنان بقاعاً وشمالاً.
هذه الأرقام لم تدقق الحكومة اللبنانية فيها، أو تحسم الجدل بشأنها ومدى صحتها، ولا الهيئات الدولية المعنية التي بدأت تقطير تقديماتها الغذائية والطبية. هي مجرد إحصاءات أجهزة أمنية لم تنه تدقيقها بعد. فعلى مدى السنتين الماضيتين، أصيبت الأجهزة الأمنية اللبنانية بشبه عجز عن حصر الأعداد الفعلية للسوريين في لبنان، كلاجئين أو حتى يد عاملة موسمية. وتعرب الأجهزة الأمنية عن اعتقادها أن أكثر من مليون عامل سوري يجب إضافتهم إلى أعداد اليد العاملة السورية الموسمية أو التقليدية في لبنان، التي كانت تقدر سنوياً (قبل انفجار الأزمة السورية) بنحو 600 ألف عامل.
العقم اللبناني واضح في ترتيب أوضاع اللاجئين السوريين، وتوفير داتا واضحة لأعدادهم وانتشارهم، وتالياً دراسة مدى تأثيرهم الإيجابي أو السلبي على الاقتصاد الوطني، واقتصاديات القرى والبلدات التي تحتضنهم. ففي البقاع، حيث اللجوء السوري هو الأكبر نسبيا في لبنان (إحصاءات الهيئات الدولية في البقاع قاصرة عن إعطاء رقم واضح ونهائي) بدأت التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية بالظهور. فعلى سبيل المثال، بات 16% من سكان بلدة المرج من السوريين، وفي سعدنايل 20%، وفي عرسال 32%، وفي مجدل عنجر 17%، وفي برالياس 28%. هذه التركيبة الديموغرافية الجديدة في قرى وبلدات بقاعية، بدأ تتجه أيضاً نحو نمو اقتصادي سوري، مع ارتفاع أعداد المؤسسات التي أطلقوها بعد استشعارهم بأن أزمة بلادهم ستطول، فبدأت المطاعم السورية بالانتشار، وكذلك المؤسسات التجارية وباعة الخضر والفاكهة المتجولون، وصالونات الحلاقة، ومؤسسة حرفية صغيرة ومتوسطة، في القرى والبلدات التي لجأوا إليها قسراً، ما فتح باب المنافسة والمزاحمة بين السوريين، وبينهم وبين اللبنانيين الذين بدأوا أيضاً بتأسيس أعمال تجارية مشتركة مع سوريين متمولين، أو نجحوا في تهريب أموالهم ومعدات مؤسساتهم للاستثمار هنا.
وفي آخر إحصاءات مصلحة الصحة في البقاع، أن منطقة البقاع الأوسط شهدت خلال الأسابيع الماضية افتتاح 260 مطعماً سورياً، ولا سيما في سعدنايل وبرالياس وعلى طريق المصنع الدولية. فيما لم تنجز الإحصائية حول أعداد المطاعم السورية التي افتتحت في البقاع الغربي وراشيا، بينما تشهد منطقة بعلبك نمواً خجولاً في افتتاح مؤسسات سورية. ويكشف أحد العاملين في مصلحة «صحة» البقاع لـ«الأخبار» أن دوريات المصلحة على المطاعم السورية في سهل البقاع، تظهر أن التزامهم القوانين المرعية الإجراء أكثر دقة من تلك التي ينفذها اللبناني، مشيراً إلى أن التقارير التي أعدتها المصلحة لم تلحظ مخالفات لشروط الصحة العامة، ولا في النظافة.
هذا الإقبال السوري على افتتاح مؤسسات وتوفير فرص عمل لسوريين حصراً، بدأ يحدث تململاً في بعض بلدات البقاع. فالمنافسة على أشدّها بين المطاعم اللبنانية والسورية. وأسعار سندويشات الشاورما أصبحت رهن البورصة اليومية للمنافسة غير المشروعة بين الطرفين. ففي جولة ميدانية لمقارنة الأسعار والنوعية والخدمة بين المعطم السوري واللبناني في سهل البقاع الأوسط، يتبين أن الزبون اللبناني يفضل المطعم السوري بسبب السعر الأقل والخدمة الأفضل، وهذا ما فتح المنافسة على مصراعيها، وألزم أصحاب المطاعم اللبنانية بخفض أسعارهم لمواجهة المنافسة السورية. ويقول «الزبون» اللبناني أحمد بو علي إنه يفضل شراء سندويشات الشاورما من مطعم سوري؛ لأنها أرخص وأكثر كرماً. لكن أصحاب المطاعم اللبنانية وجدوا في المنافسة السورية لهم عملاً غير مشروع، ويطالب أحد أصحاب المطاعم في برالياس بإقفال المطاعم السورية فوراً، ويقول إن كل المطاعم السورية تستورد موادها من سوريا، لا من لبنان، والفارق بين الأسعار في البلدين يسمح للسوري بالبيع بسعر أقل.
الواقع التنافسي بين اللبناني والسوري في الطعام على أرض سهل البقاع، ينفيه صاحب مطعم سوري يجد في الهجمة اللبنانية عليهم أنها غير واقعية. ويقول أبو عمار إن مطعمه لا ينافس أي مطعم لبناني، وإن ما يقدّمه غير متوافر في المطاعم اللبنانية هنا، موضحاً أنه افتتح مطعماً في برالياس بعد دراسة أجراها وتبين له أن ما سيقدّمه من أطباق شامية غير متوافر في المطاعم اللبنانية، كالفتة وطبق الغمة المكون من قوائم الخروف وأمعائه المحشوة بالأرز واللحم الناعم والمطيبات. ويلفت أبو عمار إلى أن أغلبية المطاعم اللبنانية في البقاع من السوريين والإدارة فقط لبنانية، معرباً عن اعتقاده أن ارتفاع عدد سكان البقاع بسبب اللجوء السوري «يسمح بافتتاح مؤسسات. فكلما ازداد عدد السكان، تزداد الحاجة إلى افتتاح مطاعم».
الطرطيرة وصالونات الحلاقة
تغزو الأسماء السورية السوق التجارية في البقاع، مثل «بوابة دمشق» و«الشام»، إضافة إلى أسماء المسلسلات السورية. وتتراقص وسيلة النقل الصغيرة، المعروفة شعبياً في سوريا باسم الطرطيرة، على طرقات البقاع الداخلية، مع انتشار مئات عربات بيع الخضر والفاكهة على الطرق ومفارقها. وعدا المطاعم وعربات البيع، بدأت صالونات الحلاقة الرجالية والنسائية السورية بالانتشار. ففي بلدة المرج أكثر من 15 صالون حلاقة لسوريين، وفي سعدنايل أكثر من 5، وفي برالياس افتتح سوريون 6 صالونات حلاقة وبأسعار متهاودة (قص شعر وحلاقة ذقن بـ 3 آلاف ليرة لبنانية).
تعليقات: