جمع الحشائش البرية .. حكايات في ربوع قرى راشيا
من موسم الى موسم ومن السهول الى الجبال والوديان، تلاحق عشرات العائلات في قرى راشيا حشائش الطبيعة البرية، سعيا وراء رزق مقسوم، أو حبا بالطبيعة التي باتت ملاذا آمنا من السموم.
لائحة خيرات الطبيعة تطول وأكثرها في ربوع قرى راشيا "المشا والقرص عنة والزويتي والثومية والدردار والفطر البري، والقرة والجرجير والكرات والسبانخ البرية والهندباء والبقدونس البري من تحت أجباب السنديان والملول بالإضافة إلى البلعصون وكف الدب"، اسماء تختلف تسميتها بين قرية وقرية او قضاء وقضاء لكنها من قرى راشيا وجبالها وسهولها باتت معلما بارزا للنقاء والنظافة وخلوها من سموم المبيدات الزراعية ونفث معامل الانتاج ومصانع الحديد.
أبو ماهر مشهور واحد من هؤلاء الذين أحبوا الطبيعة وألفوا رائحة الحشائش البرية والتراب الأحمر، فبات على موعد شبه يومي مع خيراتها بعد أن كانت تستهويه زائرا غير مقيم، فلا ضير أن يضيف الى مدخوله الشهري بعضا من تلك الخيرات، طالما انها لا تحتاج الى رأسمال أو إذن بمزاولة المهنة أو حتى محلا للبيع. فزبائنه كثر ويعرف أين تسوق بسعر جيد، لا سيما المشا والعكوب حيث الطلب كبير خاصة في زمن الخوف من اللحومات والدواجن والاسماك واحتمال فسادها، وفي ظل غلاء لا يرحم ولا يفسح في المجال لالتقاط الانفاس لشراء بعض ما تحتاجه البيوت.
أبو ماهر يغزو السهل في مستهل كل موسم وما ان تقسو خيرات الطبيعة يتسلق الجبال المحيطة ببلدته كوكبا لا سيما الى جبل عربي والحما وصولا الى تلال قرى البقاع الغربي بسيارته وعدته التي تعتمد على بضعة اكياس وآلات حادة فيما ابناؤه يتكلفون مشقة نقلها وتحضيرها الى السيارة وبالتالي توزيعها.
مهنة جمع الحشائش البرية لها حكايات مع أبو سعيد محمود الذي يقصد تخوم جبل الشيخ وتلال الرفيد والبيرة وصولا الى مشارف كامد اللوز والمحيدثة، فيأتي بما تشتهي العين من جمال الأخضر اليانع وما يشتهي المذاق من طعم ، فيما زبائنه ينتظرون وصوله الى مفرق المحيدثة- الرفيد ليفرش أكياسه المجهزة باصناف " الحشائش" التي تتوزع تحت خيمة صغيرة، معتبرا أن مشقة الجبال وشموسها، خير من مذلة العوز وانتظار الدولة أن تكفل لنا العيش بكرامة دون أن نقف الى الأبواب دون جدوى.
راشيا ـ عارف مغامس
تعليقات: