مغارة الشيخ وهيب


بلادنا مقدسه،واينما تتوجه ترى أو تسمع عن اماكن كهذه، مغر وقبور لأولياء صالحين.

والحديث هذه المره عن مغارة الشيخ وهيب الواقعه في الجليل الاعلى،على مقربة من الحدود مع لبنان غربي مستوطنة سعسع .

بتاريخ 27/2/1997 حالفني الحظ ، بعد أن سمعت أن امراة عجوز من مواليد قرية سعسع، تسكن في قرية الجش المجاوره. وصلنا الى بيتها حيث التقينا مع المرحومه الحاجه ام عادل حسين خليل (95 عام) والتي كانت قد تزوجت مع ابن عمها المرحوم ابو عطا سعيد وهبه من قرية الجش. وبسرعة بدأنا بالحديث عن ايام زمان : الشيخ وهيب، المغارة واحداث 1948 .

تقول الحاجة ان المغارة مكان مقدس والارض المحيطه بها كانت تتبع لاهالي قرية سعسع، غرست بكروم العنب، حيث اعتدنا ونحن صغار ان ننزل الى المغاره لنضع قضبان الدبق عند المساء. تتبلل بالندى لتصبح طريه باليوم التالي ، ومن ثم يضع الاولاد هذه القضبان بين الدوالي لاصطياد العصافير. (ما يسمى بندوا الدبق).

قضبان الدبق هذه كانت تحضر من سوق بنت جبيل في لبنان.

وتضيف الحاجه قائلة : يا ابني حدث ذات مره ان احد الاولاد سرق مجموعه من القضبان من ولد آخر، دعى عليه الى الشيخ وهيب طالبا منه ان يكرسح الذي سرق....

والذي حدث بالفعل ان الفتى الذي سرق اصيب بالشلل في الحال! ومن ثم طلب الولد المصاب من رفاقه ان يعيدوا ومن حصته سبعة قضبان ويعوضوا على الولد الذي سرقت قضبانه. وبعد ان تم ذلك عاد الولد الذي سرق الى صحته! واضافت الحاجه تقول ، وبكل صراحه ان الولد الذي سرق كبر وهو نفسه زوجها فيما بعد والولد الذي سرق منه كبر ايضا وهو نفسه اخو الحاجه (المرحوم ابو خليل محمد خليل) بكلمات اخرى حكت لنا الحاجه قصه عن زوجها الذي سرق في ايام طفولته واخيها الذي سرق منه يومها. ان عائلة وهبه من سعسع هي عائلتها ، وربما الاسم وهبه تيمنا بالشيخ المذكور، والشيخ من العائله نفسها الله اعلم.

استرسلت الحاجه في الحديث : احيانا تبتسم واحيانا اخرى تبكي وقصت علينا المزيد المزيد .

اعتاد الناس ان ينزلوا الى المغاره لوجود عين ماء وان يملؤوا اوعيتهم ويضيئوا الشموع والسراج بين الماعز . حدث ذات مره ان جدي (سخل) مريض (جربان) دخل خلف امرأه الى المغاره ثم خرج في وقت لاحق سليم الجسم في عين الصفصاف .

اضافت قائله انه احد الرعاه رمى بشبابه في المغاره وبعد عدت ايام وصلت الى عين الصفصاف.

محيط المغاره منطقه مستويه تدعى بالمرج، حيث انه في ايام الشتاء الماطره تصبح المنطقه بركه، بحيره صغيره (الماء تبرك) حيث ان اشجار السنديان، الزعرور والعبهر تغمر بالمياه الى حين تعود لتظهر المغاره بعد ان يسمع صوت دوي كالرعد (المياه تغور في الارض) .

عادت الحاجه لتتذكر ان اهل بلدها اعتادوا ان يعملوا اعراسهم في محيط المغاره، يطوفون العريس (تيمنا بالشيخ وهيب) يوفون النذر وينشدون:

يا شيخ وهيب جايين نزورك .. .. .. على بابك ندعق بخورك

عبابك نذبح ذبايح .. .. .. على بابك نطبخ طبايخ

منظر عام للمغاره ومحيطها , شباط 1997

وزفت العريس تحت الشجر وبين الخيل. قالت ايضا انه كل امرأه غير نظيفه تحاول الدخول الى المغاره يصيبها الهلع ويظهر عليها افعى على باب المغاره. (حنش) .

تتحسر الحاجه على اهلها وبلدها وتقول: حدث مره ان حرمه (امرأه) ناقل بولد نامت بالقرب من المغاره حيث تحدث لها الشيخ وهيب : انك حامل لولد واسميه مصطفى ... وبالفعل هذا ما حدث

وعن لسانها ايضا سمعت قولها نقلا عن لسان الحاج حسين ( ايام العثمانيين ) انه عند اليل كانت تسمع دقه فوق الشجر: وعندما كان الناس ينامون بين كرومهم المقوله : لااله الا الله.

وبالقرب من منطقة المغاره تقع عين البديه من الجهه المحاذيه للبنان . وبجانب العبهره يوجد مكان مقدس يدعى بالشيخ عبد الله شرقي سعسع .

ومن الجهه الشماليه للبلده بالقرب من التوته الكبيره على التله يوجد ضريح للست نفيسه ولها اخت في منطقة طبريا تدعى الست سكينه . (الاخوات بنات زين العابدين) .

وبالمناسبه تطرقنا الى احداث 1948 ، والشمس كانت تهوي غربا : يا ابني العلاقه كانت منيحه بين اهل حرفيش واهل سعسع جيره حسنه ، وجيره بالارض : بير اصليب من الجنوب وخلة حيه من الغرب . كانت تصير بعض المشاكل ، لكن الاوادم تحلها .

عام 48 ، اليهود لغموا البلد ، قتلوا 5 ولاد وجمل ، الحاجه تذرف الدموع وصوتها يضعف ، تجمعوا الناس في البلد واجوا علينا من الجوار . احنا سكنا في الحاره القبليه ، القريه هجرت ووصلنا على رميش ، ظليت انا مع اهلي شهرين وبعثولنا من جيش الانقاض امر انو نرجع على سعسع ، وبعديا صار الي صار ...

وفي الختام وبعد هذه الزياره الخاصه ، استأذنا الذهاب من الحاجه ، تركناها تتحسر على ايام زمان والدموع تبلل خديها : يا خالتي رجعتني عشرات السنين الى الوراء ، ذكرتني بأهلي وبولفي . بلدنا اشتهرت بالجبنه ، و ياسيدنا وهيب تجمع الشمل . والحق يقال ان لقائي بهذه الحاجه اثر الكثير عندي ، وبعد حوالي السنتين انتقلت الى رحمته تعالى . اقول انه عندما اتذكر هذا اللقاء ، اقف مع نفسي وعندي اكثر من سؤال ....

فواز مهنى حسين، حرفيش ، 17/4/2006

تعليقات: