أرشيف
كتاب مفتوح
دولة رئيس مجلس النواب معالي الأستاذ نبيه بري المحترم
في إحدى رسائلكم البليغة إلى اللبنانيين تفضلتم في ما حرفيته:"...إن بناء هذه الدولة يعتمد أولاً، وقبل كل شيء، على التربية بطريقة مرنة قادرة على التكيف والمشاركة. بمعنى أن التربية يجب أن تعدّ الذين يتعملون اليوم ليكونوا أولاَ لبنانيين، وثانياً لسوق عمل متطور، وهذا يعني إدراك العلاقة بين التربية وبين التربية الوطنية وبين تنمية الموارد البشرية".
كان ذلك يا دولة الرئيس منذ ما يقرب من عشرين عاماَ، ولأننا من الذين آمنوا بهذا الخطاب الوطني والموضوعي تطوعنا للعمل في المرافق التربوية في وقت كانت فيه المدارس بأشد الحاجة لمن يسد الفراغ الكبير في الهيئة التعليمية، وكان هدفنا من ذلك المساهمة في إنهاء ذيول نتائج الحرب الأهلية والحفاظ على تماسك مجتمعنا وبناء أجيال من الطلاب المؤمنين بسيادة لبنان وحريته واستقلاله، وقبلنا خلال مسيرة عملنا الطويلة والشاقة، وفي أصعب الظروف الأمنية والإقتصادية والإجتماعية، أن نكتفي بالقليل الذي يساعدنا في العيش الكريم وعلى البقاء عند وعدنا لطلابنا بأن نحافظ على إيماننا بهذا الوطن، وبرسالتنا الوطنية والإنسانية.
أنتم من قال يا دولة الرئيس:"...أن ترسيخ السلام الأهلي وبناء المجتمع المدني يتطلب الثقة بالدولة الحاضرة، لأن فقدان الثقة (بها) سيطرح الثقة بالكيان وبقائه كضرورة لبنانية...".
ها نحن يا دولة الرئيس على وشك أن نفقد ثقتنا وإيماننا بهذا الوطن، فبعد كل التضحيات التي قدمناها كمتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي لسنوات طويلة، وبعد أن عملنا بأقل من الحد الأدنى للأجور وبأجر الساعة الذي لم يتجاوز الأحدى عشرة ألف ليرة لبنانية، وبعد أن إرتضينا قبض بدل أتعابنا بالتقسيط المريع، وبلا أية ضمانات صحية وإجتماعية، وبدون أية منح مدرسية أو بدلات نقل، بل وبدون إجازات سنوية أو مرضية أو عائلية أو منح ولادة أو وفاة وخلافه...
ها نحن يا دولة الرئيس نقف في العراء، فلا ملاك التربية والتعليم يعترف بأبوته لنا، ولا نحن معترف بنا كهيئات تربوية وتعليمية، بل ليس لدينا أبسط الحقوق المادية والمعنوية، حتى أن بدل غلاء المعيشة الأخير والذي طال عمال التنظيفات في المدارس لم يعرف طريقه إلينا، وهو ما يدفعنا للعمل كخدم، ليس سعياً وراء مكسب مادي فقط، بل سعياً وراء تقدير معنوي أصبحنا بحاجة ماسة إليه اليوم بعد أن تعودنا على الإهانة أمام مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية، وعلى يد بعض رجال الأمن من طلابنا، وعلى لسان رئيسة لجنة التربية النيابية المستنكفه عن عقد الإجتماعات الدورية أو الإستثنائية للجنتها...
لن نقبل أن نتسول تشريع ينصفنا ويعترف لنا بحقوقنا في عهدك يا دولة الرئيس، فأنت أكبر من ذلك بكثير، وتشهد عليك مسيرتك الوطنية الطويلة في ذلك.
ها نحن يا دولة الرئيس نقف أمام بابك، وهو الباب الأخير الذي نأمل بأن يعيد لنا إيماننا وثقتنا بهذا الوطن. فنحن طالما كنّا أوفياء له، وطالما كنّا أوفياء لطلابنا وللقطاع التربوي والتعليمي ولمبادئنا، ولكننا لم نلق سوى الإستهتار...
نترك لحكمتك أن تقول الكلمة الأخيرة بعد أن إستنفذنا الكلام والشكوى أمام المعنيين، فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
وتفضلوا بقبول فائق الإحترام والتقدير.
أميمة نصار
اللجنة العليا للمتعاقدين في التعليم الأساسي والروضات
تعليقات: