اللافتة الحلّ في أحد شوارع طرابلس (غسان ريفي)
على بساطة تلك اللافتة التي رفعت، أمس الأول، في طرابلس، والتي تقول: «الرجاء من سارق سيارة نيسان باترول خضراء التواصل مع صاحبها من أجل إعادتها لقاء مبلغ ضخم»، فإنّ مضمونها كان أشبه بفاجعة حقيقية لكل مواطن لا ملاذ له غير الدولة.
وعلى بساطة ذاك المفجوع بسرقة سيارته، والذي أراد بحسن نية أن يضع رقم هاتفه الخاص على اللافتة، وأن يتواصل مباشرة مع السارق وإغرائه بالمال لاستردادها، فإن تصرفه جاء انطلاقاً من قناعته بأن لا جدوى من اللجوء إلى القوى الأمنية لتقديم شكوى. لقد حملت تلك اللافتة دلالات وحقائق موجعة، وهي كانت أشبه بإعلان استقالة الدولة من مهامها بشكل كامل، واستقالة المواطن من الانتماء إليها.
لقد كشفت اللافتة أن تواصل الضحية مع الجاني بات أسهل بكثير من تواصلها مع أجهزة الدولة الأمنية التي تلجأ إلى الإجراءات الروتينية من دون أن تقدم نتائج إيجابية ملموسة.
وقد تحولت اللافتة إلى مادة للتندر بين المواطنين الذين سارع بعضهم إلى تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع تعليقات مختلفة، وهي تحاكي بدلالاتها واقعاً أليماً في مدينة باتت تفتقر إلى كل تفاصيل حضور الدولة: سرقات بالجملة من سيارات ومنازل ومتاجر، خروق أمنية يومية، اعتداءات، إطلاق نار في الهواء، تشبيح هنا وخوات هناك...
أما القوى الأمنية فغالباً ما تصل متأخرة بعدما يكون «اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب».
وتبقى اللافتة مصدر حل القضايا العالقة مع الجناة في طرابلس، حتى يأتي يوم ونستيقظ على وطن العدل والمساواة، وإلى أن يأتي ذلك اليوم... تصبحون على دولة!
تعليقات: