أكتب ولا أشكو لأحد، لأن الشكوى الى ما دون الله تعالى في عالم التوحّش المالي والصحي هو اذلال ذاتي لكياني ووجودي.
ما هو الفارق في التعب والجهد والتحصيل العلمي الذي يتكبده الحاصل على شهادة الدكتوراه للتعليم الأكاديمي الجامعي العالي، وبين الحاصل على شهادة الطب لمعالجة صحة الانسان! أرى أن الجهد المتواصل والمضني الذي يقدمه الأستاذ الى طلبته يفوق أضعاف الأضعاف ما يقدمه الطبيب.
أبعد ما يفكر به الأول خلال مزاولته عمله هو كمية المردود المالي المؤجل لأتعابه، دون التمييز بين الطالب المعوز والطالب الموفور. في حين أن الهدف الأول والأخير للثاني هو المردود المالي الفوري والجائر، دون الأكتراث الى ما يمكن أن تؤول اليه صحة المريض المعدم والفقير.
مهما علا راتب الأستاذ الجامعي – هذا اذا كان محظوظا بدخل شهري ثابت ولا يعمل في التعاقد بالساعة في الجامعة اللبنانية "الموقرة" – فلا يتعدى الستة ملايين ليرة لبنانية "موقرة"، تحسم منه مسبقا كامل المستحقات الضريبية المتوجبة عليه.
أمّا الثاني فلا يخضع لأية مراقبة رسمية، سوى التصريح السنوي للمالية العامة, الذي يجعل من الطبيب انسانا معوزا، لا يستطيع تامين لقمة عيشه ب"فضل تضحياته الانسانية اللامتناهية". إلى أن توصّل الامر الى ضرورة انتسابه للضمان الصحي الاجتماعي لأبقائه حيّا.
إن ادنى أجر لمعاينة المريض هو خمسون دولار أميركي "غير موقّر" حتى لو استغرق وقتها الدقائق القليلة. فالداخل الى العيادة متعوب، والخارج منها مسلوب ومنهوب.
إذ لا تقلّ المبالغ التي يحصّلها الطبيب خلال ساعة واحدة من المعاينات في عيادته أو مكان آخر، عن ستماية دولار أميركي "غير موقّر"، في أقلّ تقدير، دون رقيب أو حسيب أو حصول أمر عجيب.
لن تفاجئنا الأحصاءات – فيما لو سمح بحصولها ونشرها – لأن يكون الأطباء هم أكثر روّاد ألعاب الميسر في كازينو لبنان، والذين يبتاعون ويملكون العقارات والبيوت الفخمة، ناهيك عن الشاليهات البحرية والجبلية، والسيارات الفخمة، والجواري و"ما ملكت أيديهم" من الحسان والمعجبات.
المطلوب لفتة انسانية صادقة ومستمرة، وليس عشوائية ومزاجية، من كل طبيب، وليخافون الله.
..
* سعد نسيب عطاالله – لبنان
تعليقات: