ريما خشيش.. شدو بألحان زكي ناصيف في «الأسمبلي هول»


بذكاء وثقة، تقدّمت ريما خشيش في حفلها في «الأسمبلي هول»، الجامعة الأميركية ليل أول أمس الأحد، في انتقاءات غنائية، شارفت أن تكون مسكوبة على قياس صوتها، مراعية فيها مساحة صوتها، و«المدّات» العالية فيه، كذلك حساسيته وملاءمته لمثل هذا النشيد الداخلي الذي انتشر عذباً في أرجاء القاعة وفضائها، وفي رؤوس وأفئدة جمهورها.

أطلت ريما بالأسود الأنيق في استهلال مفارق إلى حدّ، حين غنّت: «هلا يا ريم الفلا» لسميرة توفيق من كلمات وألحان زكي ناصيف. خشيش أوضحت إثر تأديتها الأغنية بأنها ما كانت تُغنّي لتوفيق لو لم يكن الحافز المؤثر هو ناصيف نفسه صاحب اللحن الشجي الذي استهوى خشيش.

أنا شخصياً، أحسست بنوع من الأمان والثقة، لدى مرأى الفرقة الموسيقية المصاحبة، والمقتصرة آلاتها في الغالب على الشرقية منها، وفيها أنطوان خليفة (كمان) عفيف مرهج (عود) أنطوان ديب (أكورديون) رائد الخازن (غيتار) رودولف فيلدر (كونترباص) سلمان بعلبكي (رق) ومارون أبو سمرا (إيقاع).

كما بدا من برمجة الأغاني، أن حصة الألحان الكبرى كانت للراحل زكي ناصيف، في التفاتة تكريمية من المغنية، تُذكّر بإنجازاته الفنية على صعيد الألحان والغناء، كما كانت فرصة لها، للغرف من نبع عطاءاته الرقيقة التي تُناسب رقة صوتها وحالاته التأملية في كثير من الأحيان. «فيه وردة» كلمات مصطفى محمود وألحان زكي ناصيف، غنّتها ريما كأعذب ما يكون الغناء، فيما التغريد على العود من عفيف مرهج جاء ليحاكي عذوبة الصوت، وليصنع من الغناء والموسيقى كُلاً متكاملاً. في أغنية «رايحة قابل حبيبي» للمطربة صباح من كلمات ميشال طعمة وألحان عفيف رضوان.

بدا أداء ريما خشيش شخصياً خاصاً وغير مُقلِّدٍ، محتفظاً برهافته وإمكاناته بما أن صوت صباح أعرض ومكوناته مختلفة. المرافقة الموسيقية في «رايحة قابل حبيبي» جاءت من الفيولون بين يدي أنطوان خليفة، الذي أرسل نغماته في هدوء الواثق والمبدع الحقيقي. خشيش استهلت الأغنية بموّال لصباح: «لمّا لمحتو طلّ صرت ملبّكة.. وعرفت قصدو وقلت بدو يشتكي»، فكانت «ضربة مُعلّم» على ما يقولون، لمّا بانت شجاعة الصوت الحساس في خوض عالم المواويل الصعب، الذي لا تقدر عليه غالبية المطربات، فلاقى موّال ريما استحسان الجمهور وتجاوبه.

«بتكنّ بكنّ.. بتجنّ بجنّ» من كلمات قاسم حميّة وألحان زكي ناصيف، غنتها خشيش مع أداء مسرحي مهضوم ولذيذ، استعملت له ريما كل الإيماءات الداخلية من غوى ودلال لائقين بعاشقة مشاكسة ومُعاندة.

في حفل خشيش كنت أهنئ نفسي وذائقتي من اختيارات ريما، في ذلك الشدو الذي يُشعرك بالاكتفاء موسيقياً وطربياً مع صوتها المطواع. كما قدّمت ريما «بيكفيني» من كلمات وألحان ربيع مروّة، وتميل الأغنية إلى الرومانسية الخالصة مع ما سمحت به لصوت المغنية من إرسال المدى الصوتي الذي يلائمها. «عيونك سرقوا قلبي منّي» وهي أغنية غير مُدرَجة في البرنامج غنّتها خشيش مُصاحبة بالصوت الداخلي للكونترباص الذي قارب الصوت البشري في ملامساته الخفيفة الحساسة. «عدروب المحبوب» لزكي ناصيف، ثم «الغاوي ينقّط بطقيته» لصباح غنتها ريما واستهلتها بموّال جميل، وصاحبَها عزفٌ على العود، فاهمٌ لطبيعة الأغنية، رقيق وغير معربد.

بكل الأنوثة حضرت ريما إلى المسرح، فقابلها الجمهور بكل الرضى والإذعان والتفاعل مع الصوت الذي نشر ذبذباته الأنيقة والحساسة. الفرقة الموسيقية في الحقيقة حملت سواسية مع المغنية، رغبة الارتفاع بالأغنيات إلى مستواها المطلوب، وكانت شريكاً أساسياً مع خشيش في «تنكيه» الحفل ومنحه اكتماله ونضجه. غنت ريما أيضاً «يا حبيّب» بأجوائها الكنسية التأملية، و«أحبّه مهما أشوف منه» لمحمد عبد الوهاب بجذر الفالس الذي تحمله الأغنية، ثم كانت أغنية: «أحبك ياني» من ألحان فريد الأطرش وكلمات عبد العزيز سلام، و«دمعة وزهرة» كلمات أسعد سابا وألحان زكي ناصيف.





تعليقات: