\"حماية الطبيعة في لبنان\" في إبل السقي وكفرزبد وشاطئ القليلة

البيئة المصانة مدخل الى تنمية قابلة للاستمرار
البيئة المصانة مدخل الى تنمية قابلة للاستمرار


تقليد موروث تحييه "حماية الطبيعة في لبنان"

ويتبناه "الاتحاد العالمي للمحافظة" و"المجلس العالمي للطيور"

"نظام الحمى" في إبل السقي وكفرزبد وشاطئ القليلة:

موارد البيئة المصانة مدخل الى تنمية قابلة للاستمرار

تتابع جمعية حماية الطبيعة في لبنان LNPS تكريس نظام تراثي اعتمدته شعوب شبه الجزيرة العربية، قبل الإسلام وبعده، ومارسته القرى والبلدات اللبنانية كتقليد موروث لاستخدام الأراضي بما يضمن الاستفادة القابلة للاستمرار من الموارد الطبيعية بما يعني الاستثمار الرشيد للموارد والمحافظة على قدرة البيئة على تجديد مواردها، والمعروف باسم "نظام الحمى" القائم على التصنيف التقليدي للأراضي، وفق استخداماتها، الذي كان لا يزال معتمداً في لبنان حتى خمسينات القرن الماضي، ولا يزال في ذاكرة الفلاحين والرعاة الذين كرّسوا سلوكيات تعامل مع "الحمى المزروع" و"الحمى الحرجي" الخاص وفي المشاعات و"الحمى المائي" و"حمى موئل السكن" و"أراضي الرعي" الخاص وفي المشاعات بحيث يحصر الرعي في أراض محددة ويحظر دخول القطعان الى مواقع "الحمى"، خصوصاً في مواسم الإنتاج في "الحمى الزراعي" وقبل نمو الشجر وارتفاعه في "الحمى الحرجي"، وفي كل المواسم في "الحمى المائي" المخصص لمياه الشفة وفي "حمى موئل السكن".

ويسجل لجمعية حماية الطبيعة في لبنان نجاحها حتى الآن، متعاونة مع السلطات المحلية والسكان المقيمين وقطاعات الإنتاج استعادة نظام الحمى في مواقع محددة في إبل السقي وكفرزبد وشاطئ القليلة وسعيها الى إعادة تكريس النظام الموروث في استخدام الموارد وتصنيف الأراضي وحمايتها في جرود الهرمل وحوض نهر العاصي وتكريس سلوكيات هادفة الى المحافظة المنصفة على الطبيعة والاستخدام القابل للاستمرار لمواردها الضامن لخفض مستوى الفقر وتأمين التنمية وصون البيئة في آن، وتطوير "مفهوم الحمى" التقليدي الموروث ليتلاءم مع تطلعات الألفية الثالثة وحاجات التنمية.

كما يسجل لتجربة LNPS التي لا يتعدى عمرها 5 سنوات أنها تلاقي دعماً من هيئتين دوليتين بارزتين هما الاتحاد العالمي للمحافظة على الطبيعة ncuI والمجلس العالمي للطيور l'tnI efiL driB بحيث رأت ncuI في "الحمى" نظاماً ضامناً لخفض مستوى الفقر في منطقة آسيا الوسطى الغربية وشمال افريقيا لاعتمادها المقاربات المنسجمة مع التقاليد ANACSEW فيما اعتمد المجلس العالمي للطيور "مفهوم الحمى" في استراتيجيته عبر ربط الحمى بالمناطق المهمة عالمياً للطيور.

جديد "الحمى"

وفي جديد "الحمى" أن l'tnifiL driB يصدر غداً كتيّباً بعنوان "استراتيجية الحمى" معتمداً استراتيجية ربط النظام بالمناطق المهمة للطيور مستنداً في ذلك الى تجربة إبل السقي وكفرزبد والقليلة وورشة العمل التي عقدها مع LNPS وncuI بدعم من الوكالة السويدية للتنمية الدولية CDS في بيروت وفي حمى كفرزبد في آذار/ مارس الماضي بمشاركة خبراء من السعودية والبحرين وقطر واليمن والأردن وسوريا ولبنان وخبراء أوروبيين وأميركيين متخصصين في حماية الطبيعة والمحميات الطبيعية حيث تمت دراسة وسائل إعادة إحياء "الحمى" كوسيلة لحماية الطبيعة والموارد وخدمة التنمية المستدامة. وأنتجت الورشة استراتيجية عمل عبر "خارطة طريق" من 9 نقاط تبنتها efiL driB في استراتيجيتها لحماية معابر الطيور المهاجرة بمشاركة السكان المحليين.

من جهته، يصدر الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ncuI في نفس الوقت كتابه "الحمى نمط حياة" المتضمن هو الآخر استراتيجية ربط "الحمى" بالتنمية المستدامة وببرنامج الاتحاد للحد من الفقر في منطقة الشرق الأوسط، معتبراً أن "الحمى" يخدم هذا البرنامج.

وتنص "خارطة الطريق" التي أقرّتها ورشة لبنان على اتفاق المشاركين على استخدام الخارطة والترويج لها ودعمها لتكون إطار عمل يتيح توفير وسائل مؤازرة ومتممة لتقدم وتطور المقاربات التقليدية المعتمدة للمحافظة على الطبيعة، مثل مفهوم الحمى وذلك عبر العمل من أجل صوغ رؤية واضحة لمفهوم الحمى وتعزيز الأطر القانونية والسياسية وتحسين طرق تنفيذ مشاريع إعادة إحياء الحمى والترويج لمفهوم الحمى لدى صنّاع سياسة المحافظة على الطبيعة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي وإنشاء شبكات لربط مبادرات الحمى محلياً وإقليمياً ودولياً ورفع مستوى الوعي البيئي والثقافة البيئية وزيادة الموارد للعمل على تطوير مفهوم الحمى وتقدمه واستمرار التعاون بين الهيئات الشريكة لتحديد الخطوات اللاحقة وتوزيع الأدوار والمسؤوليات لتطوير مفهوم الحمى.

شراكة الناس في التنمية

ويقوم مفهوم الحمى على إحياء نظام تقليدي اتبعته المنطقة قبل الإسلام ومعه وبعده.

ويسمح نظام الحمى باستفادة ناس المحيط عبر تنظيم استخدام الموارد والاستعانة بخبرتهم في إدارة هذه الموارد بما يضمن استمرارها وبالتالي استمرار الاستفادة منها. وهذا ما لا يزال قائماً، على سبيل المثال لا الحصر، في "حمى الوعود" في المملكة العربية السعودية حيث ترعى الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها هذا الحمى بالتعاون مع سكان المحيط الذين يديرون الحمى منذ أكثر من ألف عام ويحافظون على الموارد، ومن ضمنها الحيوانات البرية، خصوصاً الوعل جنباً الى جنب مع اعتمادهم تربية المواشي والرعي.

حمى القليلة

وبتعاون LNPS مع السلطات المحلية أعلنت بلدية القليلة جنوب صور "حمى القليلة البحري" عام 2006 بهدف حماية الشاطئ والبيئة البحرية والطيور، وتوفير فرص عمل لصيادي الأسماك الذين تأثروا بحرب تموز ـ آب 2006 وخسروا قوارب الصيد ومعداته.

وأمنت الجمعية بالتعاون مع شركائها قوارب حديثة للصيد والمعدات اللازمة ودربت الصيادين على مراقبة الطيور وكيفية حمايتها وهيأتهم لإدارة زوار الحمى والإرشاد السياحي وتأهيل مركز للحمي ومخزن لمعدات الصيد ومنشآت لرواد الشاطئ من أبناء البلدة ومحيطها شملت مرافق صحية وخدماتية ملائمة.

وتعمل الجمعية مع المجلس البلدي ونساء البلدة على تفعيل التنمية الريفية عبر إنتاج "المونة" والحرفيات واستخدام الموارد الطبيعية والإنتاج المحلي.

وتنسق LNPS لدعم مشروع حماية سلاحف المتوسط التي يستقطبها شاطئ القليلة والتي تحظى بعناية الناشطة البيئية منى الخليل وفريق متطوع، وتأمل بالتنسيق أن ينخرط السكان المحليون في حماية هذه السلاحف، خصوصاً أن بينها سلاحف المتوسط الخضر المهددة، كما تأمل أن يتوسع حمى القليلة الى حمى المنصوري على الشاطئ لتأمين البيئة الملائمة والموئل الآمن والضروري لتكاثر السلاحف البحرية وضمان استمرارية النوع جنباً الى جنب مع استمرارية استفادة أبناء القليلة والمنصور وجوارهما من الموارد البحرية والتمتع بالشاطئ واستقطاب السياحة البيئية التي تؤمن موارد اقتصادية تحتاج لها المنطقة.

جرود الهرمل وحوض العاصي

وتعمل LNPS مع الهيئات الشريكة على دراسة حمى جديد في جرود منطقة الهرمل ومستلزمات حماية غابات المنطقة بالتعاون مع السكان المحليين، خصوصاً أنها مميّزة بشجر اللزاب والأرز والشوح وغنية بالأزهار البرية والنباتات والحيوانات البرية، إضافة الى المواقع الطبيعية التي لا تزال الى حد بعيد، طبيعة بكراً قابلة للاستثمار وبمناظرها الخلابة وتنوعها البيولوجي ومناخها ومواردها في السياحة البيئية وفي الإنتاج الطبيعي تربية النحل للعسل وتنظيم الرعي وتسويق الألبان والأجبان وإنتاج المأكولات الريفية وتشجيع زراعة الأشجار المثمرة.

وتسعى الجمعية مع البلديات المعنية في حوض نهر العاصي، الى رفع التلوث عن مجرى النهر، وتشجيع السياحة البيئية، والتقى وفد من LNPS و"جمعية مدى" فاعليات البلدات ورؤساء البلديات المعنية الذين أبدوا استعداداً لإعلان "حمى" والتعاون والعمل لإنجاح المشروع لاستفادة ناس المحيط والمحافظة على الطبيعة في آن.

سرحال: الحمى مدخل

الى تنمية قابلة للاستمرار

ويشدد منسق مشروع "الحمى" في جمعية حماية الطبيعة في لبنان الدكتور أسعد سرحال على أن العودة الى مفهوم "الحمى" وتطبيقه يشكل مدخلاً الى تنمية قابلة للاستمرار، ويرى في اهتمام المجالس البلدية في لبنان بحماية موارد البلدات الطبيعية ومشاعاتها بطريقة مستدامة تؤمن فوائد اقتصادية لسكان البلدات وتضمن حماية الطبيعة في الوقت نفسه، مؤشراً لنجاح مشروع الحمى وأهميته وضرورة إحياء مفاهيمه.

ويؤكد أن نظام الحمى لا يهدف إلا الى ما يصبو إليه السكان وما ترغب فيه السلطات المحلية ويرى في النظام رديفاً للمحميات الطبيعية التي تتولاها وزارة البيئة واللجان المحلية المتعاونة في أملاك الدولة، وميزة الحمى في البلدات أنها تدير المشاعات البلدية بشراكة البلدية والجمعيات الأهلية والقطاعات المحلية المعنية والمؤسسات الدولية لتحقيق استراتيجية الحماية والاستفادة المستدامة من الموارد الطبيعية.

ويلفت الى أن تجربة "الحمى" منذ خمس سنوات تثبت يوماً بعد يوم أنها تجربة رائدة تبشّر بالخير على الرغم من بروز العديد من العقبات، كما تبيّن التجربة على الأرض وأبرزها مرتبط بنقص المعلومات عن تاريخ الحمى لذلك تركّز الجمعية مع شركائها على مزيد من البحث والدرس للوصول الى وسائل أجدى لتأسيس الحمى وإدارتها وتطويرها والاستفادة من تقاليد إدارة هذا الإرث وتوفير الوسائل العلمية الحديثة الملائمة مع السكان المحليين في لبنان والعالم العربي، مع الأخذ في الاعتبار تطوّر المجتمعات، والأمل أن نصل الى "الحمى العصري" المبني على العلم البيئي، الاقتصادي والاجتماعي وعلى خصوصيات المجتمعات المحلية وعاداتها وتقاليدها، والملائم لمتطلّبات القرن 21 وتحديات الألفية الثالثة وأهداف الحماية والتنمية.

تعليقات: