موسم الصيد البري يقترب.. والمنع مستمر.. والقانون \"راوح مكانك\"


"القنّاصون" يمارسون قتل الطير و"الصيادون" يدفعون الثمن

"هدية الصبي لما يكبر ساعة وبارودة". عادة تبيّن مدى تعلّق الانسان بالصيد، كهواية مميزة، تخرجك من جدران الاسمنت إلى كنف الطبيعة الخضراء، تنتقل فيها من موقع طبيعي إلى آخر بحثاً عن طريدة، عن طير تهوى اصطياده وعالطاير".

إلى هنا كل شيء يبدو جميلاً، لكن الواقع، ان الصيد في لبنان مختلف عن كل دول العالم، فقانون الصيد البري الذي أقر منذ ثلاث سنوات لا يزال في ادراج وزارة البيئة، لم ينفذ منه شيء بانتظار "الفرج".

والصيادون في لبنان والمقصود هنا، الصيادون ذوو الخبرة والكفاءة وأصحاب الضمير. ليسوا بحاجة إلى قانون، فقانونهم يكمن في وعيهم وادراكهم لهوايتهم التي يمارسونها بكل اقتدار متفادين أي ضرر بالطيور والمزروعات على حد سواء. هؤلاء لهم الحق في أن يستمروا في ممارسة هوايتهم ولهم الحق بقانون ناظم لـ"الصيد" يواجه "الصيادين النشاز" الذين حولوا الهواية إلى "رماية" والصيد الواعي إلى قتل متنقل للطير كل المواسم، لا يميز بين طريدة وطير، لا يعلم أن للطيور مواسم تتكاثر فيها، وإن علم فهو يتابع ممارسة اجرامه وكأن شيئاً لم يكن.

قانون الصيد في لبنان (القانون رقم 580 تاريخ 25/2/2004) يحرص على المحافظة على الموارد الطبيعية والتوازن البيئى. لكنه لا يزال حبيساً في ادراج ادارة في بلد تعود إصدار القوانين ولكنه لم يتمرس بتطبيق أي منها.

"المستقبل" تضيء على بعض جوانب هذا القانون وأهميته، وانسجامه مع واقع الصيد في لبنان وتلتقي مدير عام جمعية حماية الطبيعة في لبنان جخذس أسعد سرحال الذي يرى أن "القانون الذي لم يطبق بعد هو نقلة نوعية، ادخل عوامل كثيرة لم تكن موجودة في القانون القديم المعلق في ما يتعلق بتفسير ما هو ممنوع وما هو مسموح، وهو يساعد الصياد الجديد كأن يدرك أي نوع من الطيور يستطيع اصطياده".

ويضيف: "القانون نظم أوقات الصيد حيث حصر الموسم بالفترة الممتدة بين الخريف والشتاء أي ابتعدنا عن أوقات تكاثر الطيور التي تبدأ في شباط وتستمر في الصيف حيث تربي صغارها". ويعتبر ان "من المهم حتى خلال الموسم أن لا يكون الصيد يومياً وذلك افساحاً في المجال أمام هذا الطير الذي يهاجر من قارات إلى أخرى لأن يكمل موسم الهجرة باعداد وفيرة وهذا يعود إلى وزير البيئة الذي يحدد هذه الأيام".

ويقول "الصيد هواية لها قوانينها وأخلاقيتها، كونك تتعاطى مع مخلوق حي، والاسلام كان حريصاً على هذا الأمر حين قال: "وما من دابة تسير على الأرض وما من طائر يطير بجناحيه إلا أمم امثالكم" أي شبه كل كائن بالانسان وحرم عليه اذية الكائنات من دون سبب".

ويشير إلى أن "القانون تحدث أو بالاحرى منع، حرصاً على أن يبقي الصيد ضمن إطار الهواية، استخدام آلات النداء التي تشكل خطراً على الطيور وعلى الصياد نفسه"، ورأى أن "الصياد المحترف" لم يعد له دور في هذا المجال أي لم يعد يصطاد لأن الخطر أصبح مباشراً عليه نظراً لعشوائية البعض في استخدام السلاح وفي طريقة الصيد، إذ أن الاحصاءات تشير إلى 300 اصابة سنوياً بين قتيل وجريح في صفوف الصيادين".

ويشدد سرحال على أهمية "إعطاء مأموري وحراس الاحراج الصلاحية الكافية لتطبيق القانون ومنع التعديات، وهذا يعود إلى هيبة الدولة وقدرتها على تطبيق القوانين ضمن إطار شامل غير مجتزأ". ويضيف "إلى جانب القانون يجب أن يكون هناك برامج توعية ودورات تدريبية للذين يمارسون هواية الصيد والذين يطبقون القانون على حد سواء". ويشير إلى "صيادين يمارسون الصيد فقط للتسلية وهذا ما يشجع على أن يكون هناك بدائل كالـ"تيرو" مثلاً، كما انه من الجيد أن يكون هناك مزارع خاصة لممارسة هواية الصيد بشكل منظم مما يساعد في الحفاظ على الطبيعة ويؤمن للصياد حقه في ممارسة هوايته".

ويلفت إلى أن "على المجلس الأعلى للصيد البري أن يكون لديه لوحات إرشادية عن الطيور المهددة بالانقراض على المستوى العالمي وذلك لحمايتها كما أن مصير الغابات مرتبط ببعض الطيور نظراً لأهميتها في تأمين التوازن البيئي وذلك ما يؤكد أهمية أن يكون لدى الصياد كل المعلومات التي يستطيع أن يميز من خلالها ما يستطيع اصطياده وما هو ممنوع عليه". ويقول "علينا أن نميز بين الاتجار وبين الهواية، فهناك اتفاقيات دولية تمنع الاتجار ببعض الطيور وبخاصة تلك المهددة بالانقراض أو تساهم بالتوازن البيئي وهذا ما يذكره قانون الصيد".

ويضيف: "نحن متأخرون عن دول العالم كافة في الحفاظ على الطبيعة وتنظيم مواردها، وهذا ما جعلنا ندخل في موضوع الحمى، وايجاد مناطق طبيعية يمنع فيها الصيد للمحافظة على الطيور، والذي يأخذ بعين الاعتبار الانسان والعنصر الاجتماعي والاقتصادي، فحماية الطبيعة يجب أن تترافق مع الاستفادة من مواردها ولكن بطريقة مستدامة".

قانون الصيد البري في لبنان "عصري وجيد" فهو ينطلق من أهمية الحفاظ على الطيور وفي نفس الوقت يسعى جاهداً لاستمرارية هواية الصيد وطبعاً بالطرق القانونية. عبر تحديد موسم الصيد وأنواع الطيور المسموح اصطيادها ويفرض إجراء "الامتحانات" لإعطاء التراخيص لممارسة هذه الهواية. شرط ابتعاد الصياد عن الأماكن المأهولة وعدم إلحاقه أي ضرر بالبيئة وعدم استعماله الطرق المضرة وبذلك يكون القانون قد شمل كل النواحي الواجب اعتمادها للحفاظ على الصيد كهواية وعلى الطير كعنصر مهم وأساسي في توازن الطبيعة.

ويبقى السؤال إلى متى سيبقى هذا "القانون العصري" بعيداً عن التطبيق؟

يبقى في خانة "راوح مكانك" كما القوانين البيئية التي أنجزت وأقرّت ولم تعرف طريقها للتنفيذ بعد؟

والأمل ان نصحو من "الثقل السياسي" سريعاً قبل ان نرى جزءاً مهماً من ثروتنا البيئية أصبح من التاريخ وان نصحو على تطبيق القوانين على ذلك يضع حداً لـ"القناصين" ويحفظ حق "الصيادين" ويساهم في نشأة جيل جديد من الصيادين يمارس "الهواية" و"الرياضة" تحت جناح القانون.



تعليقات: