قبلة شوق من والدته العائد بعد من الاسر
الجنوب:
تجربة صعبة حفرت في عظامي
لم يصدق المواطن المحرر عباس حمود انه اصبح حراً وبين أفراد عائلته في منزله المتواضع في حي المساكن في صور حيث تقطن العائلات الشيعية والسنية اللبنانية والفلسطينية، فلا ينفك بين الفينة والأخرى من تقبيل يدي والدته. ويصافح أبناء حيه وزواره الذين جاؤوا للتهنئة بالسلامة والإطمئنان إلى صحته، ولا يتردد، بين الحين والآخر، من تكرار السؤال عينه، لماذا تم اعتقالنا؟ أنا لا أفهم سبب ذلك؟، فنحن زوار العتبات المقدسة، ثم يردف قائلاً: "سامحهم الله، فالله وحده يأخذ حقنا".
ابنته فاطمة ( سبع سنوات)، تعانق ابيها، عجزت في التعبير عن فرحتها بعودة أبيها، وهي "الدلوعة" لديه، وقد غلب عليها البكاء أكثر من مرة، فيما والدته ميلا الدر التي تحي تجاعيد وجهها بمعاناتها طيلة مدة إحتجاز ولدها، تمسك بالقران الكريم وتضعه على راس ابنها الوحيد وتتمتم وتقول "إنه بركة الله" لقد عاد وحيدي، وأشكر الله الذي استجاب للدعاء؛ اليوم هو يوم عادل، أشكر كل شخص ساهم في إطلاق الزوار.. ابني روحي، إنه وحيدي الله يطول عمر اللواء عباس ابراهيم".
في الطريق الى منزله الذي يقع في زاروب ضيق يفضي إليه ، إصطفت الكراسي وانهالت على حمود القبلات والعناق من الأحباب والزوار ... والاستفسار عن وضعه خلال الاسر والمعاناة، موجها التحية الى الأبطال الذين قاموا بخطف الطيارين التركيين، إعتبر أن "هذا العمل عجّل بالإفراج عنّا، مع يقيني الكامل، بأن الأتراك لا ناقة لهم في اعتقالنا"، وللأمانة قال حمود "لم يزرنا أي مسؤول تركي خلال الـ 530 يوم من توقيفنا، ويوم الأربعاء الماضي بتاريخ 16 الجاري، وصلنا الى تركيا وأمضينا فترة جميلة بمثابة نقاهة بعد الحجز الطويل لحريتنا".
ويسرد حمود لمستقبليه كيف تم احتجازه ورفاقه، وطبيعة المعاملة التي تلقوها، وطرقة نقلهم من مكان إلى مكان تحت شعار "أنتم ضيوفنا"، إلى أن استقر بنا المقام في مدينة اعزاز.. كنا موجودين داخل معسكر "لواء عاصفة الشمال"، وكنا نعيش عذاباً نفسياً كبيراً، ولم نتوقع العودة إلى الوطن بعد كل الوعود الكثيرة.. إنها مدة طويلة وتجربة صعبة حفرت في عظامي، لن أنساها".
يضيف: "كان القصف يسقط قربنا، أكثر من مرة نجونا من الموت، إنه أكثر ضراوة من القصف الإسرائيلي خلال عدوان 2006 على لبنان.. لا مجال للهرب، ولم يزرنا اي مسؤول تركي خلال مدة اعتقالنا، إلاّ قبل أربعة أيام من وصولنا إلى هنا، حيث أمضينا في تركيا فترة نقاهة مريحة وجميلة".
ويوضح: "لم نتعرض للضرب أبداً، لكن كنا نتعرض لبعض الإهانات وبخاصة بعد مقتل أبو ابراهيم (الخاطف عمار الدايدخي)، تغيّرت المعاملة وأصبحت سيئة".
وعن رغبته في العودة لزيارة المقامات مرة أخرى، أجاب: "طبعاً، سأزور المقامات المقدسة بالطائرة، وليس عن طريق البر".
ووجّه حمود رسالة إلى من تبقى من خاطفيه، قائلاً: "يللي خطفونا لم يبقَ منهم أحد؛ الضيف عند العرب يكرم ولا يهان، أكثر من 500 يوم إحتجاز، ماهو ذنبنا؟، ماهو السبب الداعي لذلك؟.. الله يسامح الناس يللي خطفتنا، لكن حتى الساعة لم أفهم لماذا احتجزنا".
يتابع حمود، "إن الله وحده يأخذ حقنا، لقد قطعوا الدواء عنا"، واصفاً أماكن احتجازهم بأنها أسوأ من سجن أبو غريب ( في العراق).
"لقد قطعوا الدواء عنا، في ليلة من الليالي ضاق صدري وأصبحت أتنفس بصعوبة، نُقلت إلى مستشفى أعزاز لفترة وجيزة، حتى الطبيب لم يعرف أنني من المحتجزين اللبنانيين".
ووجه حمود الشكر الكبير لخاطفي الطياريين التركيين، قائلاً: "إن الذي قام بهذا العمل (نضعه تاجاً على روؤسنا، إنهم أبطال لقد سرعوا في عملية إطلاق سراحنا، ولقد علمت أن عدداً منهم موقوف، سأشارك في اي تحرك يساعد في إخراجهم".
ويرتشف القهوة امام المنزل وبدت والدته
حمود بين عائلته يحيي زواره والمهنئين بالسلامة
تعليقات: