الهاتف سلاح ذو حدين

الهاتف سلاح ذو حدين
الهاتف سلاح ذو حدين


لقد شاعت الثقافة التكنولوجية في هذا العصر بين جميع فئات المجتمع، وأخذت تدخل وتغزو بسرعة وبسهولة كل بيت. ولعل من أبرز عناصر التكنولوجيا هو "الهاتف النقال"؛أحد أشكال أدوات الاتصال والذي يعتمد على الاتصال اللاسلكي عن طريق شبكة من أبراج البث الموزعة ضمن مساحة معينة. فهذه الهواتف تتميز بألوانها وأحجامها وأسعارها التي تغري الصغار والكبار، ولا تغيب عن البال الأفكار الذكية والمغرية التي تروّج بها شركات الإتصالات والهواتف. وهكذا، فنحن أمام تغيّر هائل في أنماط المعيشة، لا تقتصر على حياتنا فقط بل على محيطنا أيضاً، بحيث بدأت معالم العولمة بالسيطرة على حياتنا اليومية. ظاهرة الهواتف المحمولة لم تعد محصورة في ميدان العمل؛ وخاصة رجال الأعمال؛ بل اتسعت خصائلها لتشمل ميادين عدة، وقد ذاع لها الصيت الأبرز في ميدان الطلاب وكثر النقاش حول دوافع استخدام الهاتف. وهنا يتبادر إلى أذهاننا أسئلة أجوبتها مبعثرة. فما هي الدوافع لإقتناء الهاتف؟ وأي كفة تغلب في إستخدامه: الإيجابيات أما السلبيات؟ وهل ستحل حواجز الحلول لتوعي الناس على هذه الآلة؟

أضحت الهواتف النقالة ذات أهمية كبيرة بين طلاب وطالبات المدارس، وهيمنت على حياة العديد منهم فأصبحت مبرراً يستعمل للرد على تعليقات الأهل؛ فالتواصل مع الزملاء، معرفة مواعيد الإمتحانات، ومتابعة الواجبات المدرسية هي من تلك المبررات. ويعود تكرار الأسئلةمن قبل الأهل مراده هو عدم جعل الهاتف ذات تأثير سلبي على الأداء المدرسي لأولادهم أو حتى في التعاطي الأسري. كما تتعدد الدوافع لإستخدام الهاتف فعلى الصعيد الإقتصادي فإن متابعة أعمال الشركة والموظفين فيها يتم عبر الهاتف، وكذلك متابعة تنفيذ المشاريع والتذكير بالمواعيد والإجتماعات وعقد الإتفاقيات التجارية يجري تنسيقها عبر الهاتف. أما على الصعيد العلمي والتعليمي، فكان للهواتف النقالة الحقبة الأكبر والأوفر لبروزها فعبرها كانت تجري عملية متابعة أحدث ما توصّل إليه العلم الحديث والإشتراك في المواقع والقنوات الإلكترونية العلمية والتعليمية وهذا ما زال جارياً وبوتيرة متزايدة. كما يبرز في هذا المستوى سبب دخيل يعتبره الطلاّب أو الموظفين أمر مهم وهو استخدام الحاسبة والبلوتوث والرسائل القصيرة. وأيضاً يستعمل الهاتف لأسباب ترفيهية كالتواصل مع الأصدقاء والحجز في الفنادق والمطاعم وتخزين المقاطع المسلية المضحكة. أما نتائج الهاتف المحمول فهي في طبيعتها تقسم إلى ناحيتين: ناحية سلبية والأخرى إيجابية. فمن الناحية السلبية، إن الهواتف تستخدم في فكاهات تؤدي إلى مشاحنات وعثرات وخصومات بين الطلاب، والتباهي يولّد الغيرة بين التلاميذ وخاصة عند اقتناء بعضهم الأجهزة المكلفة مالياً مما يرهق ميزانية الأسرة ويفسد شخصية الطفل. كما أن الهاتف يشجع على البقاء فترة أطول خارج المنزل، وإضافة إلى ذلك فهو يحتاج لميزانية خاصة للمكالمات ويساهم في نشر الإشاعات والطرائف ويساعد أحياناً على الغش في الإختبارات. وبالرغم من هذه السلبيات، إلا أن لها بعض الجوانب الإيجابية منها: تربي الطفل على تحمّل المسؤولية وتحثّه على استخدام حريّته بشكل صحيح، وتعزز روابط التواصل الإجتماعي مع الأصدقاء كما يمكن الإستفادة من التقنيات الموجودة به (الآلة الحاسبة، البلوتوث...)، ويعتبر الهاتف أيضاً وسيلة إطمئنان للأهالي على الأبناء في حالة خروجهم من المنزل. وعلى أثر هذه الأسباب والنتائج التي تترتب فيما بعد، لا بد لأي دولة من إعتماد إجراءات وقائية وسياسات بديلة تصب كلّها في منفعة الشباب والتلاميذ بشكل خاص. فمن أكثر السياسات المقترحة في أغلب الدول والتي تعتمد بشكل دوري هي حملات التوعية التي تعتمد على تثقيف افراد المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة ، يمكن الحد والتخفيف منها ولكن على المدى الطويل.وإحدى الإجراءات التي بدأت تعتمد بشكل فعلي في السعودية و الإمارات هي الغرامات المالية الكبيرة التي تخفف من استخدام الهاتف خلال القيادة بخاصة أنها بدأت تلقى رواجاً من قبل دول أخرى. ويلعب الأهل دوراً في طرح الحلول من خلال التنبيه المستمر لأولادهم حول الهاتف، إضافة إلى التنبيه عن التكاليف الباهظة التي ستترتب فيما بعد. كما وتقع مسؤولية انتشار عذه الظاهرة في بلد معيّن عو غياب النقص الوعي والثقافي وغيلب التنسيق بين الجمعيات الناشطة والدولة أيضاً.

ويبقى الهاتف المحمول سلاحاً ذا حدّين؛ فهو أمر ضروري لمن أحسن إستخدامه ومعرفة كيفية إستعمال التطبيقات وعادة سيئة لمن يسيء إستخدامه. فالهاتف، مهما تطور العالم في التكنولوجيا وقطفوا ثمار تعبهم منها، يبقى آلة صغيرة الحجم ولكنها وبفعل الذكاء الخارق لدى العقل البشري ستصبح سلاح فتّاك يهدد أمن البشرية وسلامتها. ولا بد للفرد من تلقاء نفسه أن يضع وقت مناسب لإستخدام الهاتف و عدم جعله ذلك المسيطر على حياته.

* أريج جبر – أمينة الإعلام في تجمع شبيبة عين قنيا

تعليقات: