التنصت على الهواتف الخلوية في سجن رومية ليس مفيداً مع وجود الانترنت (محمد شرارة)
من يعرقل تشغيل أجهزة التشويش.. ولماذا؟
علمت «السفير» بأن أجهزة تقنية متطورة تم تثبيتها في محيط سجن رومية، هدفها التشويش على الهواتف الخلوية التي يستخدمها سجناء أصوليون بايعوا «جبهة النصرة» من المبنى (ب) في السجن. لكن لا قرار لدى المعنيين في الدولة لتشغيل هذه الأجهزة، التي كلّفت وزارة الاتصالات نحو 650 ألف دولار.
وثمة تناقض في شأن تبرير عدم تشغيل أجهزة التشويش، إذ يقول وزير الداخلية مروان شربل لـ«السفير» إن «موعد البدء بتنفيذها يحين في وقت لاحق وليس الآن، والسبب ليس جرأة أو خوفا، بل أمور لا نستطيع الكشف عنها»، بينما تشير معلومات «السفير» إلى أن الضغط على الزرّ الأساس لتشغيل الأجهزة أصبح ضرورياً في الوقت الراهن، خصوصاً أن السجناء الإسلاميين يقومون بالتخطيط لعمليات إرهابية ويجنّدون مقاتلين من داخل السجن، عبر مواقع الانترنت.
وفي حين يقول مرجع أمني إن «عدم اعتراض الهواتف الخلوية للسجناء يسهّل لنا التنصت على مكالماتهم ومعرفة خططهم»، تفيد معلومات «السفير» أن السجناء لا يستخدمون الاتصالات الخلوية، بل قفزوا فوقها وباتوا يعتمدون التواصل عبر مواقع الكترونية، خاصة بهم ولا يمكن التنصت عليها في لبنان. لكن تشغيل أجهزة التشويش تستطيع شلّ حركتهم الالكترونية، لأنهم يستخدمون الانترنت من خلال خدمة «الجيل الثالث» (3g).
وحصلت «السفير» على برقية عسكرية موثقة، تؤكد أن «عدداً كبيراً من الموقوفين الإسلاميين قاموا بمبايعة جبهة النصرة علناً من داخل السجن، وسعوا إلى تلقي الفتاوى والتعليمات الشرعية الصادرة عنها، الأمر الذي رتّب على الجبهة واجباً شرعياً لتحرير السجناء في أقرب وقت ممكن، عبر عملية فرار يتم التحضير لها، مثلما حدث في العراق».
وتفيد معلومات موثّقة عن وجود تخوّف كبير لدى القوى الأمنية من وقوع عمليات شغب في المبنى (ب) الذي يضم الإسلاميين، يكون هدفها تشكيل ظروف ملائمة لبدء هجوم مواز من خارج السجن، بينما يستبعد ضباط معنيون في ملف السجون أن يستعين السجناء بعملية أمنية من الخارج لأن محيط السجن يحتضن ثكنة عسكرية للجيش. ويضيف الضباط أن صوَراً موثقة تثبت وجود متفجرات داخل السجن، والمعلومات «التي بحوزتنا تؤكد أن بعض السجناء الأصوليين يتجهزون للفرار عبر استخدام هذه المتفجرات».
وعلمت «السفير» أن تسوية قد أبرمت بين ممثلين عن السجناء الإسلاميين وكل من وزيري الداخلية والعدل، خلال الزيارة التي جرت أمس الأول: وافق المعنيون على طلب الأصوليين بأن ينضم إليهم في المبنى (ب) سجناء إسلاميون شاركوا في قتال الجيش مع الشيخ أحمد الأسير، وغيرهم من المتطرفين.
بذلك، تكون الدولة قد رضخت لطلبات إرهابيين سبق أن قاتلوا الجيش وحاربوه، بدلاً من التضييق عليهم وتجريدهم من كل وسائل التواصل مع من يحمل أفكارهم المتطرّفة، والتي يقومون بتنفيذها داخل السجن عبر إصدار فتاوى تبيح قتل هذا السجين أو ذاك، أو من خلال التنسيق مع مجموعات إرهابية وتجنيد مقاتلين.
وعن تفتيش المبنى (ب) ومداهمته، تفيد معلومات أمنية أن الإسلاميين وضعوا شروطاً لذلك، من بينها ضرورة انضمام سجناء إسلاميين موزّعين في مبان بعيدة عن (ب)، بالإضافة إلى طلبهم الأساس بعدم تجريدهم من هواتفهم الخلوية. وتم تسليم بعض المضبوطات الشكلية، أمس، بينما الممنوعات الأساسية بقيت في المبنى.
وفي حين أكدت مصادر واسعة الإطلاع أن التفتيش «حصل بالتراضي»، نفى شربل ذلك قائلاً: «لقد قمنا بمصادرة الممنوعات. وفي اجتماعنا معهم الأربعاء الماضي، أخبرتهم أنهم ليسوا فوق الدولة، وأن الأعمال المخلّة بالأمن من جانبهم ستقوم بتأخير مواعيد إخلاء سبيلهم، على غرار ما حدث مع الإسلاميين الأربعة المتهمين بقتل سجين».
وتشير برقية أمنية موثقة إلى أن ضعف التدابير الأمنية سمح لسجناء متطرّفين سبق وقاتلوا الجيش، بأن يخططوا ويباشروا بتنفيذ أكثر من عشر محاولات فرار في السنوات الثلاث الماضية، نجح 4 منها. يدل ذلك، وفق البرقية، على وجود تنسيق بين السجن وخارجه، إذ «بدا واضحاً سرعة اختفاء السجناء الفارين وفشل محاولات اقتفاء أثرهم».
وثمة أسئلة لا مفر من طرحها: هؤلاء سجناء قاتلوا المؤسسة العسكرية، واليوم يستكملون أعمالهم الإرهابية من داخل السجن خلافاً لما قاله شربل عن مبالغة تجري بحقهم، فمتى يتم وضع حد لهم أقله من خلال تقليص صلاحياتهم وتكبيل أيديهم عبر شل وسائل التواصل الالكترونية؟ ما الفائدة من مصادرة «ممنوعات» من خلال تسليهما عبر السجناء أنفسهم، أي أنهم اختاروا ما يريدون تسليمه بغية تصويره في وسائل الإعلام؟ من يعرقل تشغيل أجهزة التشويش ولماذا؟ ما هو موقف المعنيين في الدولة والأمن حين نسمع تبني سجناء متطرفين في رومية تنفيذ عملية إرهابية من داخل زنزاناتهم؟
تعليقات: