من الموائد الرمضانية
البعض يصرّ على إتمام الفريضة على الرغم من مخاطرها على صحته
كثيرون هم مرضى السكري الذين يتمسكون بإتمام فريضة الصيام، على الرغم من النصائح الطبيّة والدينيّة على حدّ سواء، والتي تقول بجواز عدم صيام مرضى السكّري. لذلك فإن هؤلاء ملزمون بالتقيّيد بإرشادات صارمة تقيهم من أيّ تأزّم صحّي خلال صيامهم. وفي هذا الإطار، نظّمت مختبرات «سانوفي ـ أفنتيس»، الأسبوع الماضي، لقاءً للإعلاميين وقد حمّلتهم التوصيات التي يجب أن يتّبعها مريض السكري خلال شهر رمضان. وتأتي هذه التوصيات مبنيّة على تلك التي أوصت بها «اللجنة الاستشارية لرمضان والسكري»، والتي حملت اسم Diabetes and Ramadan Advisory Board وكذلك على توصيات نتائج دراسة EPIDIAR الوبائية. وقد شارك في اللقاء مدير البرنامج الوطني للسكري ورئيس الجمعية اللبنانية للسكري الدكتور محمّد صنديد، ورئيس قسم الغدد الصماء والسكري في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور إبراهيم السلطي ورئيس الجمعية اللبنانية للغدد الصماء والسكري والدهنيات الدكتور إيلي غاريوس.
العوارض الجانبيّة
إن ما يقلق الأطبّاء والمتخصّصين في ما يتعلّق بصيام مرضى السكري هو احتمال حدوث هبوط السكر في حال صام المريض بين 12 أو 14 ساعة في اليوم، وهذا يعتمد على موسم السنة الذي يحلّ فيه رمضان. أما الاحتمال المعاكس والوارد أيضاً هو ارتفاع معدّل السكر إذا لم يتناول المريض الدواء بشكل منتظم. الأمر الذي يؤدي هذا في بعض الأحيان إلى ما يسمّى بالسبات الحمضي الكيتوني (Ketoacedosis) أي الإغماء والسبات بسبب ارتفاع السكر أو انخفاضه.
إلى ذلك، تأتي المشاكل الناتجة عن نقص المياه والأملاح بشكل خاص إذا ما كان المناخ حاراً (وهذا ما ينطبق على الصيام في فصل الصيف كما هي الحال هذا العام)، من دون أن ننسى الخطر المحدّق بمريض السكري المعرّض للجلطة وكذلك الاشتراكات الوعائية.
وهذه التعقيدات جميعها دفعت بـ«اللجنة الاستشارية لرمضان والسكري» إلى إجراء دراسة EPIDIAR بين العامين 2001 و 2004 بالتعاون مع مختبرات سانوفي ـ أفنتيس. وقد تم نشرها في العام 2005 في الجريدة الطبيّة العالميّة Diabetes Care. وتعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها من ناحية الحجم إذ ضمّت 13 بلداً (لبنان، مصر، الأردن، الجزائر، بنغلادش، الهند، أندونيسيا، ماليزيا، المغرب، باكستان، السعودية، تونس وتركيا) وشملت 12914 مريض سكري يعالجون من قبل أطباء متخصصّين في هذا المجال معظمهم من المدن، كما سمحت برسم صورة شاملة عن تأثير الصيام خلال شهر رمضان على صحّة المصابين بداء السكري.
وقد أظهرت الدراسة أنّ نسبة عالية من مرضى السكري يصومون خلال شهر رمضان. وهم يقسّمون على هذا الشكل: 54 في المئة لمرضى السكري من النوع الأول مقابل 86 في المئة لمرضى السكري من النوع الثاني. الأمر الذي يدلّ على ضرورة تثقيف مرضى السكري الذين يرغبون بالصوم.
من جهة أخرى، أظهرت الدراسة زيادة هامة في معدل الاستشفاء بسبب نقص أو زيادة السكر في الدم خلال شهر رمضان بالمقارنة مع أشهر السنة الأخرى.
دعم المريض صحياً واجتماعياً
«يجب إعلام المريض وكذلك أسرته والمجتمع عموماً بأنه لا حرج عليه دينياً إذا ما أفطر في رمضان». هذا ما يشدّد عليه الدكتور محمد صنديد الذي يتحدث عن تداخل العوامل الدينية والثقافية والصحية في عمليّة الصيام. ويرى صنديد ضرورة البحث في محاولة لإيجاد توافق حول طريقة تعامل كل من الطبيب المعالج والأسرة والوسط مع مريض السكري، وكذلك المجتمع الذي غالباً ما لا يتعامل مع الحالة بتفهم وتسامح.
إلى ذلك يرى صنديد ضرورة وضع أسس لرعاية مريض السكري قبل شهر رمضان وخلاله وبعده.. فهذه النتائج تساعد الطبيب المعالج على اتخاذ قراراته وإعطاء النصائح اللازمة لمريضه وتحديد النظام العلاجي المناسب له خلال رمضان، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية للمريض أثناء رمضان، والمعايير التي تسمح له بالصوم وتلك التي تمنعه عن ذلك.
توصيات اللجنة الاستشارية لرمضان والسكري
ويعرض الدكتور ابراهيم السلطي للتوصيات التي قامت بها «اللجنة الاستشارية لرمضان والسكري» والتي تمنع مرضى السكري من الصيام في الحالات الآتية:
[ مرضى السكري من النوع الأول:
ـ الذين يتناولون بين 3 و4 جرعات في اليوم، بشكل خاص إذا كانوا مصابين بالسكري غير المستقر(Brittle Diabetes).
ـ الذين يستخدمون مضخة الأنسولين ( Insulin Pump).
ـ الذين يتناولون أكثر من 3 أو 4 جرعات أنسولين في اليوم ويعانون من حالة الـ Ketoacedosis أو الإغماء والسبات بسبب ارتفاع السكر أو انخفاضه.
ـ الذين يعانون من هبوط مستوى السكري في الدم (Hypoglycemia).
ـ الذين يعيشون بمفردهم، والذين لا يجدون من يساعدهم في حال تعرضوا لمشكلة في الكلى أو القلب أو لجلطة.
ـ النساء الحوامل أو اللواتي يرضعن، حتى وإن لم يكنّ مصابات بالسكري.
وتكون نسبة الخطر أخفّ بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون الأنسولين والدواء بطريقة منتظمة، ولم يحصل لهم هبوط في الدم، بالإضافة إلى عدم تناولهم أكثر من جرعتين في اليوم. لكن وعلى الرغم من ذلك، يفضّل عدم صيامهم.
[ مرضى السكري من النوع الثاني:
يستحسن عدم صيام الأشخاص:
ـ المصابين بقصور كلوي ومشاكل في الشبكية والجهاز العصبي.
ـ الذين يعانون من حالات هبوط في معدل السكري دون الشعور بذلك (Hypoglycemia Unawareness).
ـ الذين أصيبوا بجلطة في القلب أو جلطة دماغية.
ـ الذين عانوا قبل فترة زمنية قريبة من ارتفاع معدل السكري، أو من كان معدّل السكري لديه في أوّل الشهر يفوق الـ300 أو من يتناول جرعات متعددة من الأنسولين (Multiple Injections).
إلى ذلك، هناك حالات مرضية غير مرتبطة بالسكري نفسه، ولكن من المستحسن إذا وجدت عند مريض السكري بشكل خاص أن يمتنع عن الصيام. وهذه الحالات هي:
ـ القرحة المعوية، خاصة إذا كانت نشطة (Active Ulcer).
ـ مشاكل في وظائف الكلى.
ـ الإصابة بالسرطان.
ـ أمراض قلب أو من تعرّض لجلطة حديثاً.
ـ جميع حالات الاضطرابات العقلية والأمراض النفسية.
ـ مشاكل في وظيفة الكبد.
من هنا، يؤدي الطبيب دوراً مهمّا إذ أن عليه إرشاد المريض ونصحه في حال أصّر الأخير على الصيام، بأن هذا الصيام ينبغي ألا تطول مدته. كما عليه أن يثقفه حول كيفيّة توزيع الوجبات وينصحه بتخفيف الحركة البدنية خلال النهار وزيادتها في الليل. ومن الأمور البديهية أيضاً الامتناع عن تناول المأكولات المحظور تناولها أصلاً خارج الصيام كالحلويات. ويتوزع إرشاد الطبيب على مستويات عدة:
1ـ الأدوية والعلاجات
ـ إذا كان العلاج يرتكز على حبة واحدة في اليوم بجب تناولها عند الإفطار.
ـ أما إذا كان العلاج يرتكز على أكثر من حبة في اليوم فيجب أخذ الجرعة الكبيرة قبل الإفطار والجرعة الخفيفة عند السحور.
ـ لمرضى السكري من النوع الثاني يجب استعمال أنسولين متوسط المفعول على أن يعطى عند الإفطار.
2ـ أسلوب الحياة
لتجنّب هبوط في الدم يجب:
ـ تناول السحور في وقت قريب من وقت الإمساك (الشروق).
ـ تغيير في جدول وكمية وتركيبة الأكل للتكيّف مع الأدوية التي يتناولها المريض.
ـ خفض النشاطات البدنية خلال النهار إلا أنّها ضرورية ساعة بعد تناول الإفطار والتشجيع على ممارسة الرياضة الخفيفة.
ـ المحافظة على نوعية الأكل نفسها الذي كان يتناولها قبل شهر رمضان.
تعليقات: