ترانيم و قصائد عاشق لم يبلغ الحلم‎

في منزل الشهيد علي حسين خضرا
في منزل الشهيد علي حسين خضرا


انه موسم الحزن الأول، حيث تفتحت فيه الاعين ثم أغلقت على عذابات. فالأرض حبلى بأجيالُ تموت بلا امهات.

سلوني من أنا؟

- عاشق لم يبلغ السادسة عشر. تشابكت فوق رماد عينيه الاسقف والجدران، و مواهب متعددة في الهندسة.. وهندسة المكان.

لم يبق في مساحة القلب مكان لطعنة، فالعبقرية بدّلت أمكنتها، والرعب ظهر في قبحه المطلق في أرجاء المكان.

سلوني من أنا؟

- أنا من غدت والدته امرأة صامتةً لهول ما حدث. وحبيبتي أصبحت حبيسة الجدران.

يا قسوة من أرقني، و زاحمني أو يكاد يفعل، ثم انتسب الى قائمتي. قائمة العلم والمعرفة و البرهان. و قائمتي سيرة كتاب و بقية أسرار. أصداءُ تشهد أقدار.

أنا من النهر ولوج، و من الترب ارتعاش، و في أعماقي كنزُ مخبوءُ للعلم، و الحلم، والحب، و الحياة.

كتناثر جسدي المتوقد لم يغب شخصي، فقد أيقظت الحزن في بساتين تولين و مساكب نعناع الخيام. و أضحيتُ ضمير الكائنات جميعها و لغاتها، فأضحت تصدر أصواتها من مآذن قبريخا، و أجراس كنائس الخيام.

أنا من يؤمن أن كل حي موهوب بالكلام، و أن الفكر الحق هو الذي يواجه بجرأة المسلمات لا صناعة للقتل أدوات.

أنا من الطبيعة أحمل رونق و أطهر ثياب.

أنا ضوء الشمس الدافىء الساطع يتدفق كحالة الندى على رؤوس الجبال.

أنا صاحب القلب المصفى كالعطر الذي يفوح عالياً من قلب وردة بيضاء.

أنا من آمل أن يحيا بالنعمة حياة تفيض بالسكينة و الفضيلة و الاتزان.

أنا صاحب سيرة ذكريات حلوة، و كتاب هاجمه الصمت و اغتالته في الفتن أمهات.

أنا صاحب الأزمة الاشد التي لا تشبه أخريات.

أنا صاحب الحقيقة حينما يعبث بعالمي اليباس.

أنا صاحب أحلام هندسية ونظريات في الرياضيات.

أنا من المدن المصابة، حيث جحيم السماء يهتز أمام جحيم البشر و الادوات.

أنا هيئة الصبر الثابت يطوي وحشة الصمت، و يضيء أنوار.

بأي الذكريات احتفظ،

فيا عجباً من موت شعور فيما نمت أشعار.

و يا عجباً لصمت كثيرنا فيما بكت أحجار.

كلمات منثورة على أشلاء الشهيد الشاب علي خضرة، ابن الستة عشر عاماً، الذي قضى نحبه، و هو يجلب من الصيدلية الدواء، في التفجير الارهابي الآثم الذي وقع في محلة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية

تعليقات: