الأم الغالية المرحومة الحاجة منيفة عبد الرسول يونس (أم حسين غريب)
بسم الله الرحمن الرحيم،
أبى شهر كانون أن يودعنا من دون أن يرمينا بفاجعة ويجللنا بسواد الحزن والخسران ، فاختار منا القلب وينبوع الحنان.
هكذا وبكل رضى، وبقلب ملؤه الإيمان والتسليم التام لمشيئة الرحمّن ، أسلمت الوالدة الغالية ، الروح راضية مرضية ، ويممت شطر الملأ الأعلى علها ترتاح من وجع السنين المقيم ، فأورثت في قلوبنا سويداء لا تزول إلا بزوال الروح . أماه يا نبع الحنان ، يا أم الصابرين ، يا شقيقة الآلام .
يا أول حرف من حروف الحب والعطاء .
يا أول بهجة أبصرتها مع نور الولادة .
يا أول حيز شهد تكويني ، وبعثَ الروح في شراييني .
كيف لهذا الجسد الناحل أن يحتمل كل هذه الآلام ، بل كيف لهذا القلب المتعب أن يتسع لكل هذا الحب وهذا الإحترام .
أمي يا أول كلمة ، يوم نطقتها ، ملكت كل أسرار الهناء . في يوم رحيلكِ صار الحزن طودا بحجم الفاجعة ، وبعدكِ أمست مواسم الجنى عقيمة لا ربيع فيها ولا نماء تشرق شمس صباحاتنا كئيبة باهتة ويرخي الليل ستائره الحالكة على الأمكنة التي حوت أنفاسكِ الطاهرة .
أماه ها هو حزن الفراق بلا وداع ،يعرش كدالية على جدران حياتنا ، ويجدد له في قلوبنا مجالس للعزاء ما زالت تتواصل من يوم عاشوراء إلى عصر الظهور . يا من الجنة تحت قدميك كيف تصير الأم مجرد صورة تعلق على الجدار ، أو مجرد ذكرى في الوجدان تضطرم نارها في القلوب وعلى الوجنات ، أو سيرة تعطر حكايا نساء الحي وكل الأحياء ، عن أم إستثنائية في الحب ومثال للعطاء .
أماه أيتها المؤمنة الطاهرة سامحيني يا أمي ، فكلما أردت تنفيذ وصيتك بعدم الإستسلام للحزن ، يحترق قلبي شوقا وشغفا باللقاء ، فأعود وأسترجع وأحتسبك في ضيافة الرحمن ، تجللك شفاعة أم المصائب زينب عليها السلام .
في معراج الروح إلى الملأ الأعلى ، لستِ وحيدة ، فلا تستوحشي من غربة السفر الطويل ، فالقافلة طويلة ، والأحبة راحلون منهم من سبق وأكثرهم ينتظرون وما بدلوا تبديلا .
اللهم يا غفور يا رحيم إنّا استودعناك أغلى أحبابنا ومنبع الدعاء لنا ، فأكرم بحق لا إله إلا أنت ، وبحق حبيبك محمد ، صلى الله عليه وآله ، وفادتها واغفر لها ، وأنزلها منزل صدق عند أنبيائك والصديقين ، إنك أرحم الراحمين .
أما أنتم، يا أهل المؤاساة والكرم يا أهلنا في الخيام،
عظّم الله أجوركم، ورحم موتاكم، وأطال في أعماركم، وأبعد عنكم كل مكروه وسوء.
لكم الثناء ولكم الشكر بإسم العائلة على مشاعركم الكريمة ومواقفكم النبيلة ومشاركتكم في تخفيف وطأة المصاب الجلل الذي أصاب العائلة.
إنّا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* حسين علي غريب - برلين
سجل التعازي بالأم الغالية المرحومة الحاجة ام حسين غريب
تعليقات: