مجزرة الخيام.. طالت البشر والحجر

بعد مجزرة الخيام المروعة، كان االمنظر مفزعا: هياكل ابنية، واجهات ابنية متداعية - أرشيف سهيل غصن
بعد مجزرة الخيام المروعة، كان االمنظر مفزعا: هياكل ابنية، واجهات ابنية متداعية - أرشيف سهيل غصن


عندما اتخذ العدو قراره باتكاب مجزرة الخيام، كان قد حسم امره بوجوب ازالة هذه المدينة المزعجة عن الخارطة ، انها خارطة الطريق الى الاحتلال والبقاء

ادخل العدو الخيام على اجندته، وهكذا كان . قصف متقطع بالمدفعية والطيران لكل احياء البلدة ، كان الهدف افراغها من أهلها ، وكان الأمر العسكري المعادي واضحا: الرحيل او الموت.هرب معظم الناس باطفالهم ، وتبقى من تبقى، من جذورنا المعمرة الطيبة

تقدمت اليات العدو وميليشياته نحو بلدة الخيام وسيطرت عليها ، وبدأت تنفيذ مخطط الابادة رصاص عشوائي على البيوت، اعتقال كل المتواجدين في الخيام دون اعطاء فرصٍ لاحد في الهرب ، تجميع المعتقلين في مجموعتين منفصلتين، ضمت كل مجموعة منهما اكثر من عشرين رجلا او امراة اكلت السنين اعمارهم، وجاء الامر العسكري المجرم القاتل الذي مارسه الصهاينة في كل مدن فلسطين عبر عصابات الهاغاناه والارغون : الوجوه الى الحائط ، الايدي الى الاعلى، والرصاص الأجساد، أجساد مباركة مثقلة بالعمر والحب للارض، أجساد مباركة تسقي بدمائها الطاهرة تراب الخيام، في مجزرة تحكي لكل اجيالنا حقد الصهيونية وبشاعتها

لم ينته مسلسل القتل هنا بهذه المجزرة، بل كان المطلوب التفتيش في سراديب البيوت، وتحت الادراج، وفي كل زوايا الحدائق، عن اي شخص يتحرك ليتم قتله ، وسرقة امواله او حتى حرقه ليختفي كل اثر للقاتل والمقتول، وهذا ما حصل، وحتى اليوم لا زالت جثامين معظم الشهداء مفقودة، ومكان دفنها مجهول، لتجهيل القاتل واخفاء جريمته الوحشية، لم يتبق احد، قتلوهم عن بكرة ابيهم ،لا اثر لثيابهم، لعظامهم ، لجماجمهم، لوجوههم الميتة، لبقايا اجسادهم ، كأن رياحاعاتية سحبتهم من هذه الارض، لقد سرقوهم ليسرقوا الحقيقة ويسرقوا الخيام

عندما تمت العودة لبلدتنا، بعد سنوات اربعة تلت مجزرة الخيام المروعة هذه، كان االمنظر مفزعا: هياكل ابنية ، واجهات ابنية متداعية، ممتفحمة أو منخلة بالرصاص، اسطح تم تكسيرها لسرقة حديدها ،الأسلاك الكهربائية منتزعة من اماكنها مع مفاتيحها، اختفت كل الابواب وكل النوافذ ، واختفى معها كل ما دخل البيوت في يوم ما من اثاث جيد او عتيق ، لا قطط لا كلاب لا ماشية ، اماالأ شجار وحتى المعمرة منها مقطوعة من جوف جذورها ،هواءٌ اصفريحتل المكان، وصفير رياح، ليس ثمة أثرلحياة ، بلى ثمة أغصان وأزهار استعصت على القتلة، فتسللت من بين الحصى ونبتت فوق الجذور المبتورة معلنة ان الخيام لا يمكن لاحد ان يعلن موتها الابدي، وانها أقوى من اي احتلال وانها من من رمادها كطائر الفينيق ستقوم

لن ننسى . مجزرة بحر البقر التي ارتكبها الصهاينة في مصر، ثلاثون شخصا قضوا ومثلهم عدد الجرحى انتقلت الى كل كتب التدريس ، ومنها الى دفاترنا واعيننا ، ونحن لن ننسى، يا وطني انها مجزرة، ايها التاريخ انها حقا مجزرة

لا ننسى ، لن ننسى ، من اجل اّباء واجداد اعطوا الخيام حبهم، وتعلقوا بها حتى النفس الاخير، وحتى اخر نقطة دم في جسد هزيل

لن ننسى مجزرة مريعة حدثت في بلدتنا ،ارتكبها الصهاينة اعداء شعبنا ، بهدف ازالة الخيام عن خارطة الوطن، اسمها مجزرة الخيام

* عزت رشيدي ، عضو المجلس البلدي في الخيام

..

.

الشاعر حسن عبدالله نقل صورة المجزرة الى قصيدته الدردارة:

الاربعون تساقطوا مثل الثياب الفارغة

الاربعون تساقطوا مثل الظلال

ولم يسل دمهم وسال

داء المفاصل

والسعال

حملوا اليً الاربعين وكان اصغرهم على باب المئة

حملوا البقايا المطفأة

حُملوا كاكياس معبأة سنين

حملوا الي الاربعين

وكان اكبرهم غلام

يحبو على صدر الخيام

 سهيل غصن على أطلال بيته بعد المجزرة بسنوات قليلة
سهيل غصن على أطلال بيته بعد المجزرة بسنوات قليلة


تعليقات: