انتقلت إلى صور، ووجدت شاطئاً وبحراً ومنزلاً وسريعاً تجاوزت غربتها في المدينة الغريبة
تزوّجت في 8 آذار قبل واحد وخمسين عاماً، ولم تكن تعلم أنه يوم المرأة العالمي، وهي التي لم يُكتب في بطاقة هويتها يومُ ميلادها.
لكن، لا هذا ولا ذاك مهمّ أمام عدم معرفتها الشاب الذي ستتزوج به. وبالرغم من ذلك لم تخالف مشيئة قدرها، ولا هي تقوى أصلاً على معارضة أبيها.
قبلت بنصيبها راضية وفرحة بأنها ستسافر من قريتها الجنوبية البعيدة إلى بيروت لتشتري فستان زفافها، وإلى طرابلس لتختار أثاث منزلها الذي لم تكن تعرفه بعد.
ما كانت تعرفه هو أنّها ستنام على فراشٍ من صوف «الغنمات» التي أهداها إيّاها والدها.
وجاء اليوم. يوم مغادرتها بيت أسرتها. ولم يكن منزلاً عادياً. فهناك حقولٌ وخيولٌ وماشيةٌ ومخازِنٌ وألعابٌ وقصصٌ وإخوةٌ وأصدقاءٌ وأمٌّ وأبٌ منفتح معارض للتعصب المذهبي وترجماته الشعبية، ومعارض للإقطاعي الأبرز في الجنوب، وصديق خصومه في العاصمة.
وانتقلت إلى صور. ووجدت شاطئاً وبحراً ومنزلاً وزوجاً مشغولاً بالعمل وبالسياسة.
وسريعاً، تجاوزت غربتها في المدينة الغريبة: أنجبت عشرة أولاد في خمسة عشر عاماً. وبالرغم من أنّه أبٌ لم يهرب من مسؤوليّاته، ربّتهم شبه وحيدة. وحين تقسو الحياة وتغلبه الظروف تتدخل هي. باعت «الغنمات» وعقاراً هنا وعقاراً هناك. ولم تبخل بشيء. وقد انتظرت عمراً حتى اكتشف أنّها حبيبته ورفيقته والنعمة التي حلّت في حياته.
هذه المرأة أمي، وعيد الأم، بالنسبة إلي، هو عيد أمي.
تعليقات: