مقهى إنترنت في منطقة البقاع
يوماً بعد يوم تزداد «الشبكة العنكبوتية» أهمية لدى الشباب البقاعيين، الذين يمضون معظم أوقاتهم في مقاهي «الإنترنت» التي أخذت طريقها إلى الانتشار السريع، في منطقة نائية ومحرومة من أبسط الخدمات.
ليست هذه المقاهي حكراً على الشباب الذكور، فقد أخذت تستقطب «صبايا» وجدن في «الإنترنت» خير وسيلة لمخاطبة «الحبيب»، بعيداً عن مراقبة «أعين وآذان» الأهل، في منطقة تمتاز بعاداتها وتقاليدها الاجتماعية. كما أنها ليست حكراً على «المتعلمين» ومتخرجي الجامعات والمعاهد العليا الذين يبحثون عن عمل خارج البلاد.
جذبت «شاشة كومبيوتر» أحد مقاهي الإنترنت في البقاع الأوسط الفتى أحمد (16 عاماً)، فأخذ يزور المقهى يومياً بعد الانتهاء من عمله في «كاراج» تصليح السيارات، ويجلس أمام الشاشة الصغيرة بحجمها والكبيرة بمعلوماتها، ويسخّر ما بقي من وقته في «لعبة السيارات» و«الحرب» مع أصحابه الذين يجلسون بجانبه، وكأنهم يشنون حرباً حقيقية على بعضهم.
أحمد لم يتابع دراسته، وهو بالكاد «يفك الحرف» كما يقول، لكنه أصبح يعرف كل «علّة السيارات» ويحفظها عن ظهر قلب، و«العلم بالراس لا بالكراس». ليس «اللعب» هو هدف أحمد فقط، «فأنا أبحث عن عمل بالخليج، وأراسل بعض المؤسسات في الخليج من أجل العمل، وما حدا بعد رد عليي».
لكن اهتمام فاتن (20 عاماً) يختلف عن اهتمامات أحمد. فهي تأتي كل يوم لتقابل «عبر الشاشة» الحبيب الغائب عن عيونها منذ سنوات. «هناك أشياء كثيرة أقولها لحبيبي عبر الكتابة، ولا أحد يستطيع أن يراقبني أو يمنعني».
أما ماجد (30 عاماً) فهو يأتي أيضاً كل يوم إلى مقهى الإنترنت لمراسلة «شركات» عربية وأجنبية، علّه يحظى بوظيفة تنقذه من «البطالة»، بعدما تخرج من الجامعة حاملاً شهادة عليا، «كل يوم ببعت أكتر من رسالة إلكترونية لأكتر من شركة، ولهلق ما وصلني ولا رد، بس ما راح إزهق». ويتابع بحسرة وحزن: «بالبلد صارت الحياة صعبة كتير... وما بقا في مطرح لنشتغل ونعيش، صار لازم نفل. صارلي 4 سنين متخرّج من الجامعة، وما لقيت شغل بعد. لشو بدي ضل هون؟».
«وضع البلد متأزم، وخصوصاً منطقة البقاع، وما إلنا مطرح هون»، يقول سمير المتخرجّ حديثاً من الجامعة اللبنانية، حاملاً شهادة في «إدارة الأعمال»، «لم أجد عملاً بعد، أجلس في مقهى الإنترنت لأكثر من 4 ساعات يومياً أبحث عن وظيفة. وناطر الردود».
انتظار ماجد ورفيقه وليد يختلف عن رفيقهما سمير (27عاماً) الذي يقول: «الله وفّقني، وبعتولي إيميل من السعودية إنو الشركة بدا كون عندها قريباً». أمضى سمير أكثر من شهر في مقهى الإنترنت، «طوّلت بالي كتير.. وبالآخر حصدت وظيفة».
نجاح سمير في نيل وظيفة خارج البلاد، أعطى الأمل لعدد كبير من رفاقه. لقد تحوّلت مقاهي الإنترنت في البقاع الأوسط إلى «سفارة» تعطي تأشيرات هجرة بعد طول انتظار. يتمسك شباب البقاع بالأمل رغم «أوجاعهم»، كما يقول وليد. فحتى أحمد أصبح يكترث ويلاحق «باب» الهجرة، رغم صغر سنه و«علومه» المتدنية، و«الغرقان بيتعلق بقشة».
تعليقات: