انه عيد الحزن قد عاد، فرصة ليست طيبة للناس أعداد. فقد كان المكان يضحك و يغني قبل ان يشهد احزان مكان.
وانت تنظر بعد سنوات، تبدو لك مأساة أجسادهم تسطر العيش الرغيد في المكان. لا تكاد تذكرهم حتى تنتابك ذكريات مظلمة ومؤلمة في آن.
أقاموا هنا ضيوفاً، هنا في هذا المكان. ليس في المشهد ثمة اعياء بل ثمة ما هو أكثر منه اشد ايذاء. لم يكن المشهد مرفقاً بعلامات تشير الى توقف، الى اشارات حمراء. كأني بهم في انتظار ليصبحوا على خشبة المسرح ممثلين في نظرة صامتة الى الفناء. وكأني بأعينهم ثاقبة كأنها سوداء في بحور وجوه حزينة منطفئة تطل على ابراج صغيرة و لكنها سوداء.
وكأني بنسيم الربيع يشيع ببرودته في الاجواء. مجموعة وجوه قد تكدس بعضها على بعض كأنها احجار كريمة على مرأى من أعين غرباء. عندما افاقوا في تثاقل من غشيتهم كان الموت قد أقبل مثقلاً تماماً كالغبار.
لكم حاولوا بناء الجدار لكن صمتاً أبى الا ان يعقب تحديهم الصاخب للأقدار. فأغلقت القبور عليهم أقفالها. أعلنت اقفَالهاعل رؤوس حاسرة و اوصال عارية و ملابس تعسة و بعثرت زجاج. أسماء لا يمكن ان تقرأ بسهولة من بين أسماء لم يبقَ منها سوى بقع على الجدان. و ضحكات بقيت عالقة. رحلوا و سيقانهم الناحلة ترتعد من شدة الرجف و المأساة. ما بين قطبين او زمنين رؤيتَي عالم متوازنتين فقد تمت الموافقة بأغلبية ساحقة وسط خطوات مندفعة و نرجو ما نرجوه ان لا نكون مخطئين و من حقنا ان نخطئ، و ان نعلن من على صفحات موقع خيام دوت كوم وجهة نظر مغايرة.
* هيفاء نصّار
ملاحظة: كتبت هذه المقالة على وقع الرحيل تزامنا مع مأساة قانا التي وقعت في 18 نيسان، 1996 في مركز قيادة القوات الفيجية التابعة للقوات الدولية " اليونيفيل " العاملة في جنوب لبنان. و يذكر ان المأساة ادت الى مقتل 106 لبنانيين و جرح العشرات منهم بين شاب و امرأة كهل و طفل و عجوز
تعليقات: