فورة استثمارات عقاريّة في صور

ازدحام في منطقة البص في صور
ازدحام في منطقة البص في صور


تشهد مدينة صور منذ انتهاء عدوان تموز، حركة استثمارية كثيفة تفتح باب التساؤلات عن الأسباب والعوامل والضمانات، الثابت منها والمتحول

يتداول أبناء صور أرقاماً فلكية تم تسجيلها في بورصة العمليات العقارية الأخيرة، ويردّون هذه الأرقام إلى مصادر في البلدية:

ـــــ سعر متر الأرض الواحد يراوح بين 1000 و1300 دولار.

ـــ سعر المتر الواحد في شقة سكنية يراوح بين 700 و1400 دولار.

ــ سعر خلوّ المتر الواحد في المحال التجارية يراوح بين 2500 و5500 دولار.

عمليات نافرة جدّاً

هذا الواقع المستجد الذي تشهده السوق العقارية في مدينة صور، أدى الى ظهور عمليات «نافرة» جدّاً، لم تعهدها المدينة قط، اذ إن المعلومات المتداولة بين الناس، تفيد بأن أحد المطاعم الصغيرة الواقعة في الشارع الرئيسي من السوق القديم، حيث تمنع السيارات من المرور أو التوقف أمامه، ومساحته الإجمالية لا تزيد على 46 متراً، أخلاه مستأجره القديم لقاء خلو يصل الى 295 ألف دولار، منها 30 ألفاً لمالك المحل، حيث سيحوله المستأجر الجديد إلى محل لبيع الألبسة النسائية... وفي زقاق ضيق في السوق نفسه، دفع أحد الحلاقين نحو 165 ألف دولار خلواً لزميله كي يخلي محل حلاقة مساحته 17 متراً، إضافة إلى 30 ألف دولار للمالك... أما في شارع البنوك الرئيسي فإن صاحب محل ملبوسات يقع في بناية غير مكتملة منذ 12 عاماً لعدم قانونيتها، يعرض محله للبيع بمبلغ 95 ألف دولار، على الرغم من أنه ليس لديه سند تمليك.

وفي الشوارع السياحية على الواجهة البحرية في المدينة، بيع أحد الفنادق بأكثر من مليون دولار ويخضعه مالكه الجديد لأعمال صيانة وتأهيل، فضلاً عن تضاعف أسهم استراحة صور، وإنشاء فندق جديد وافتتاح آخر. وبجوارها، استثمرت سلسلة مقاه ومطاعم عالمية محال لقاء أجر شهري بآلاف الدولارات. بالإضافة إلى «هجمة» شراء العقارات القليلة في المدينة لبناء مشاريع سياحية وسكنية؛ المعلوم أن صور لم تعد تضم سوى 20 عقاراً لم يستثمر عمراناً، فيما عداها يقع تحت إدارة المديرية العامة للآثار التي تؤخذ موافقتها قبل الشروع بإنشاء أي مبنى جديد.

عوامل الازدهار

ويردّ رئيس بلدية صور عبد المحسن الحسيني والمستثمرون الصوريون أسباب زيادة أسعار الشقق السكنية أو قطع الأرض القليلة بنسبة 100 في المئة عن السنة الماضية ونشاط الحركة الاستثمارية الراكدة منذ 12 عاماً إلى مستجدات أبرزها:

ـــــ أثبتت صور خلال العدوان أن حركتها لا تهدأ في زمني الحرب والسلم، مثلما برهنت في ظل الأحداث والتوترات الأمنية والطائفية أنها المتنفس الأفضل جنوباً، وهو ما أظهرته السياحة الداخلية التي يستقطبها صيف صور منذ عام 2000.

ـــــ تعزيز وحدات اليونيفيل العاملة في الجنوب بعد عدوان تموز، حيث غيّر آلاف الجنود والموظفين وعائلاتهم حركة الأسواق والمطاعم استهلاكاً وشراءً واستئجاراً وسياحة وخصوصاً في العطل السنوية، على الرغم من استهداف الوحدة الإسبانية في الخيام؛ الذي خرّب فصل الصيف الماضي، إذ ألغى آلاف الجنود والموظفين الأمميين حجوزاتهم في الفنادق.

ـــ النسبة العالية من المغتربين الجنوبيين، في دول أفريقيا خصوصاً، الذين يملكون رؤوس أموال ضخمة، يجدون في الجنوب «واحة» سلام آمنة، أقله للثلاث سنوات المقبلة بعد انتصار المقاومة في تموز، وهو ما يوفر لهم استثماراً مضموناً.

ــــ حاجة الناس إلى منازل بديلة بعد تدمير منازلهم خلال العدوان، خصوصاً مع تأخر ورش إعادة الإعمار ومنح الإيواء من حزب الله المجددة للسنة الثانية. فضلاً عن أن سوق العقارات في صور تشهد ركوداً منذ 13 عاماً لم يستثمر خلالها المقاولون أموالهم المدّخرة.

ـــ إنجاز المشاريع الاستثمارية على اختلافها بالتزامن مع افتتاح الطريق السريع بين بيروت وصور، وهو ما يقرّب المسافة مع العاصمة (65 كلم) وسائر المناطق.

اكتساب مدينة جميلة

ويقر المهندس حسن دبوق، عضو مجلس بلدية صور، بأن صور «بتوجهها السياحي لم تجذب الصيف الماضي إلا عدداً قليلاً من السياح بعدما كانت مؤشرات السياحة في المدينة قبل العدوان تسجّل دخول أكثر من 35 ألف سائح، وهذا يؤكد استحالة فصل ازدهارها عن الوضع العام للبلاد». لكن المخطط التوجيهي للمدينة الذي أقرته حكومة الرئيس رفيق الحريري في عام 2002 بتصويبه نحو السياحة «يلحظ صعوبة تطور القطاعات الاقتصادية الأخرى (المضروبة) في كل المناطق خصوصاً الزراعة والصناعة. وبما أن صور تملك مقومات السياحة والخدمات، فعلينا أن نستغلّها ونطورها عبر مشاريع الترميم والتأهيل والتجميل التي تقوم بها البلدية ومجلس الإنماء والإعمار للأبنية التراثية والحارات القديمة والشوارع والبنى التحتية». أما من سيأكل ثمار الجهود السياحية والخدماتية المبذولة إن لم يكن السياح الأجانب، فيقول دبوق إن أهل المدينة في كل الأحوال إن لم يكسبوا من المورد الاقتصادي الوحيد، عائدات السياحة في محالهم ومؤسساتهم، فقد كسبوا مدينة جميلة».

تعليقات: