وزير العدل أشرف ريفي
أشرف ريفي شغوف بالعدالة، الدولية منها قبل المحلية، وشغوف بتوفير كل عناصر العدالة. فعل ذلك، بقوة، يوم كلف بمواكبة لجنة التقصي الدولية التي وصلت على عجل بعد أسابيع على اغتيال رفيق الحريري. قام بما يمليه عليه «ضميره الوطني والشخصي»، فسارع الى تقديم أوراق اعتماده الى جهة الادعاء، بفبركات مهدت لجريمة العدالة الأولى، عندما كان واحداً من الفريق الذي سوّق لخرافات أجهزة استخبارات دول أجنبية، سارعت الى توظيف سياسي للجريمة. فكانت مسرحية ديتليف ميليس المملة.
الجنرال الواثق بالعدالة الدولية، كان مفتوناً بخبر توقيف الضباط الأربعة، وكيف روى بسرور حكاية شقة معوض الشهيرة. ثم تولى باعتزاز تغطية تحقيقات وفبركات وخبريات على طريقة ما هب ودب، لتمديد حبس هؤلاء وآخرين. ويوم حان وقت حريتهم، تصرف كأن شيئاً لم يكن.
قوي أشرف بيك، هو ليس مستعداً فقط للقبض على القتلة والذين يحمون القتلة ويعرقلون العدالة، كما أتحفنا، بل لن يغمض له جفن قبل تطبيق القانون، لأن زمن الفجور انتهى!
حسناً، هل لك أيها الجنرال القوي، أن تنزل من مكتبك الى حيث النائب العام التمييزي وتطلب إليه أن يتخذ الإجراءات المناسبة بحقك، نظراً الى ما اتهمت به من عصيان لأوامر رئيسك، وإهمال لطلبات النيابة العامة في ديوان المحاسبة المالية؟ وهل لك، من بعد إذنك، أن تطلب منه، أيضاً، فتح تحقيق، في اتهام ضابط كبير لك بتزوير أوراق رسمية من أجل تعيين ضباط موصى بهم من قبل السلطات السياسية؟
وبما أنك تحب العدالة وتعشقها، ومستعد لبذل الغالي والرخيص في سبيل بلوغها، الرجاء القيام بهذه الخطوات، ثم حاول، بعد ذلك، إقناع زوجتك بإعادة ما أخذته (اقرأ: انتزعته بالقوة وبغير رضى صاحب العلاقة = اعتدت على أملاك آخرين = سرقته) من فريق قناة «الجديد»!
وفي ما يلي، يا معالي الوزير، غيض من فيض عدالتكم، وبعض مما عندكم.
في نهاية نيسان 2012، شهد اجتماع لمجلس قيادة قوى الأمن الداخلي مشادة، على خلفية اتهام ضابط كبير للواء أشرف ريفي بالتلاعب بنتائج اختبارات نفسية لمتطوّعين في دورة ضباط. وقد أكد وزير الداخلية في حينه مروان شربل الواقعة واقترح إلغاء الدورة. حصلت المشادة، عندما عرض رئيس جهاز أمن السفارات في حينه العميد محمود إبراهيم حصول تلاعب بنتائج الاختبارات النفسية لعدد من المرشّحات المتقدّمات للمشاركة في دورة تطويع 75 ضابطاً في صفوف قوى الأمن.
وقد أجريت الاختبارات النفسية للمتطوّعين من قبل لجنة مؤلفة من ضابط من الجيش وآخر من قوى الأمن الداخلي و«خبير نفساني». وقد تبين أن ريفي عمد الى التلاعب بالنتائج «واستبدل نتائج بعض المتقدّمين الراسبة بأُخرى ناجحة، من دون أن يعبأ بأن هناك نسخة من نتائج الاختبارات موجودة لدى الجيش».
وقد أظهرت وثائق، تملك «الأخبار» صورة عنها، أن هناك وثيقة تستند الى القرار 1878 بتاريخ 16 تشرين الثاني 2011، والصادر عن وزير الداخلية والبلديات. فقد أعدّ تقرير من قبل «لجنة تعيين تلامذة ضباط من الذكور والإناث في قوى الأمن الداخلي»، وفيه «جدول نتيجة الاختبار النفسي للمرشحات للتعيين بصفة تلميذ ضابط والذي أجري بتاريخ 27 نيسان 2012». وعلى سبيل المثال، يشير جدول النتيجة الذي أرسل من اللجنة بنسخته الأصلية، الى رسوب المرشحات: ربيكا ش، رين ع ورباب ح.، مع بيان بالعلامات، فيما تضمنت النسخة التي عرضها المدير العام على مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي جدول نتائج يشير الى نجاح المرشحات أنفسهن، بعد عملية تزوير واضحة، من خلال تعديل عدد العلامات وتعديل كلمة راسب واستبدالها بناجح.
الاعتداء على المال العام
وفي ملف مخالفة وظيفة قوى الأمن في حماية الأملاك العامة، يتداول اللبنانيون حكايات لا تنتهي عن فساد في قوى الأمن يساهم في انتشار المخالفات أو توفير حمايات لبعض أصحابها. لكن الذروة كانت عندما لجأت جهات رسمية في الدولة الى المطالبة بمحاسبة قيادة قوى الأمن على القيام بهذا الأمر. ومن جملة هذه الملفات ما يتعلق بدور ريفي في حماية مخالفين ومعتدين على الأملاك العامة في جنوب الساحل الشمالي.
ورغم أن ريفي ينفي أي علاقة مادية له، أو لمقربين مباشرة منه، بملكية منتجعات سياحية تقوم على الأملاك العامة في منطقة الشمال، وذلك رداً على توجيه اتهامات له بمشاركة أصحاب المشاريع من خلال أقرباء له، فإن وزير الأشغال العامة السابق، غازي العريضي، سجل تحفظات معروفة على أداء اللواء السابق، وكان أحد المعارضين للتمديد له في منصبه بسبب ملاحظات العريضي على دور ريفي في الامتناع عن إزالة مخالفات ومنع إقامة المزيد منها، من خلال منعه قوى الأمن. وتبين أن العريضي كان قد وافق على توجيه شكوى من الوزارة الى الجهات المعنية بسبب عدم تعاون ريفي وقوى الأمن.
ففي الرابع من تشرين الثاني 2013، وجه المدير العام للنقل البري والبحري المهندس عبد الحفيظ القيسي (من وزارة الأشغال العامة) كتاباً واحداً بنسختين، إحداهما الى «جانب التفتيش المركزي»، وثانية الى «النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة» وفيه:
«حيث إن أصحاب المشاريع السياحية التالية: بلاج الحكيم وشركة بالما السياحية وشركة نورث مارينا في منطقة البحصاص وشركة نصر السياحية ميرامار في منطقة القلمون العقارية، قد أقدموا على تنفيذ إنشاءات من الباطون المسلح ضمن الأملاك العمومية البحرية المتاخمة لعقاراتهم دون أي مسوغ قانوني أو موافقة مسبقة من هذه الوزارة،
وحيث إن هذه الأشغال تعتبر تعدياً على الأملاك العمومية البحرية ومخالفة صريحة للنصوص والقوانين المرعية الإجراء،
وحيث إنه قد تم منع الموظف المسؤول من الدخول إلى هذه المشاريع للاطلاع على طبيعة المخالفات وأخذ القياسات اللازمة لتنظيم محاضر الضبط وتحديد قيم الغرامات المتوجب فرضها وإرغام أصحاب هذه المشاريع على إزالة المخالفات التي يتم ارتكابها،
وحيث إن هذه الإدارة طلبت من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بموجب الكتب المرفقة ربطاً، تزويدها بكافة تفاصيل هذه التعديات التي تتضمن قياساتها، عدد الطوابق، ارتفاعها، وإبلاغ مفرزة شواطئ لبنان الشمالي بوقف هذه الأشغال والتعديات فوراً وإزالة جميع الإنشاءات التي يتم تنفيذها خلافاً للقوانين والأنظمة النافذة، وتنظيم محاضر الضبط اللازمة بحقهم تتضمن كافة المعلومات الشخصية عن مسؤول الشركة وقياسات المخالفات مع عدد الطوابق لكي يصار إلى ملاحقتهم إدارياً وجزائياً وبالغرامات وبكل مسؤولية وعطل وضرر،
وحيث إنه لغاية تاريخه لم يتم تنفيذ ما طلبناه بموجب كتبنا المرسلة لجانب المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، كما أن كافة الأشغال المخالفة ما زالت جارية،
لذلك وحرصاً على المصلحة العامة، ودرءاً لأية مسؤولية، يرجى التفضل بالاطلاع وإجراء المقتضى من جانبكم وإعطاؤنا التوجيهات اللازمة بهذا الشأن، كي يبنى على الشيء مقتضاه».
لواء عصيان الأوامر
في ملف اقتحام عناصر من فرع المعلومات في قوى الأمن مكاتب وزارة الاتصالات. برر المدير العام في حينه اللواء ريفي، بأنه تلقى طلباً من المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف وقام «بواجب وطني»، رغم أن وزير الاتصالات في حينه شربل نحاس بعث بكتاب الى وزارة الداخلية يطلب فيه «تكليف من يلزم إصدار الأوامر الى عناصر أمنية تابعة لقوى الأمن الداخلي بالخروج فوراً من مبنى وزارة الاتصالات، وإعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل دخول هذه العناصر الى المبنى». وأكد نحاس يومها أن «قرار تمركز القوى الأمنية لم يأت بناء على طلب من وزارة الاتصالات، وهو يشكل وضعاً غير قانوني وغير مقبول وأنه يعيق عمل الإدارة». ووجّه بارود طلباً الى ريفي الذي لم يلتزم بالأمر، فعمد رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى مطالبة القضاء بملاحقة ريفي.
أما الوقائع ففي موجزها:
* بتاريخ 26/5/2011، أصدر وزير الداخلية والبلديات، زياد بارود، القرار رقم 9143، أمر بموجبه المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، بإخلاء مبنى تابع لوزارة الاتصالات، الكائن في منطقة العدلية في بيروت، بعدما احتلته مجموعة من عناصر فرع المعلومات بالقوّة، بأوامر مباشرة من رئيسهم، ومنع وزير الاتصالات شربل نحاس وموظّفي الوزارة من الدخول إليه. يومها خالف ريفي الأوامر، وقرر أنه أعلى مرتبة من القانون، وأنه أقوى من الدولة، ممثلة بوزارة الداخلية والبلديات التي تتبع لها المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي دستورياً وقانونياً وإدارياً... بعدها استقال بارود وبقي ريفي.
* بتاريخ 27/5/2011، طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير العدل إبراهيم نجار، اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي، لأنه تجاوز حدود سلطته وصلاحياته. قام الوزير نجّار بإبلاغ نسخة من الطلب إلى المدعي العام التمييزي، القاضي سعيد ميرزا. يومها علّق ريفي على ذلك بالقول: «الجنازة حامية والميّت كلب»... صمت سليمان وطارت الحكومة وبقي ريفي.
* بتاريخ 30/5/2011، تقدّمت الدولة اللبنانية، ممثلة بوزارة الاتصالات، من النيابة العامة العسكرية بدعوى ضد اللواء أشرف ريفي بجرم التمرد والعصيان المسلح. يومها نامت الدعوى في أدراج القضاء. ولا تزال... بعدها استقال نحاس، وبقي ريفي.
تعليقات: