عوش هيكل تخيط فستان عرس (طارق أبو حمدان)
حمل كل نازح ما خفّ وزنه وغلا ثمنه وهرب، إلا عوش هيكل من إدلب، كان خيارها ماكينة الخياطة، بالرغم من صعوبة نقلها لكبر حجمها وثقل وزنها. تمسكت عوش بما أسمته سلاحها الوحيد في غربتها، فكان أن نجحت بمساعدة نفر من أقاربها، في نقل ماكينة الخياطة بواسطة جرار زراعي حتى الحدود اللبنانية، ومنها إلى مخيم النزوح في سهل مرجعيون.
أصبحت هيكل المعروفة بخياطة النازحين، مقصد لمئات الزبائن من المخيم الذي تجاوز عدد قاطنيه 1500 نازح، إضافة إلى نازحي التجمعات القريبة، في سهول الماري والمجيدية وسردة والوزاني، فباتت الماكينة القديمة العهد، مصدر رزق مقبولا يدر عليها مبلغاً محدوداً يتراوح بين الـ10000والـ 20000 ليرة يومياً، تواجه فيه الحاجة والفقر.
هذه الماكينة حاجة ملحة للنازحين في مختلف المناسبات والفصول، وفق عوش. فمن أشغال تقصير وتوسيع الثياب، التي توزع على النازحين من الجهات المانحة، تطور العمل ليشمل فساتين العرايس بعدما زادت زيجات النازحين بمعدل عرس واحد كل أسبوع، في تجمع يضم ألف نازح. وفستان العرس، تقول عوش، لا يكلف الكثير ليتناسب مع الدخل المحدود للعريس النازح، فالقماش والخرز وما شابه من حاجيات نشتريها من السوق الشعبية أو نجمعها من ملابس عتيقة في المخيم نقوم بمعالجتها، وأحولها إلى فستان عروس جميل مزخرف بالنقوش والخرز تعلوه طرحة ناعمة من القماش الحريري الأبيض. وكلفة فستان العرس تراوح بين 50 و300 ألف، في حين تقصير البنطلون أو تضييقه بألف ليرة فحسب.
باتت ماكينة الخياطة هذه، مصدر رزق أساسيا تعتاش منه عوش وأطفالها الخمسة، الذين فقدوا والدهم في الحرب السورية، وركزتها عوش في زاوية خيمتها تحرسها وتحافظ عليها. إنها الوسيلة الوحيدة عندها لمحاربة الفقر في فترة التهجير الأليمة. تقول: "أعتز بهذه الآلة المخلصة الأمينة التي ترافقني في غربتي القاسية، لكن ما ينكد عملي التقنين في التيار الكهربائي وضعفه ما يجعلني أخاف على الماكينة من التعطيل".
تعليقات: