المرأة في ظل الإسلام
مما قدمناه في الأجزاء السابقة نرى حقاً أن المرأة عانت معاناة كثيرة قد لا يتحمله أي رجل او أي كائن
حي ، حتى الجمال الموصوفة بالصبر ، فإن هذه المخلوقة التي كرمها الله سبحانه وتعالى كانت ضحية
كل بيئة ومجتمع ونظام ، وكانت حسرة كل زمان ، وقد ظلمت ظلما لم تشهد البشرية مثله ابداً .
نبي الإسلام محمد بن عبدالله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان منذ صغره مستقيما وأميناً وصادقا في
القول والفعل ، وهذا ما حدا بالسيدة خديجة بنت خويلد ( سلام الله عليها ) اختيارها محمد بن عبدالله
ليكون زوجاً لها مع قلة ماله ، وهي الأغنى في زمانها من الرجال والنساء في عشيرتها والعشائر الآخرى
في مجتمعها وبيئتها ، وذلك بعد ما عرفت فيه الصدق والأمانة والأخلاص والعفة وكرم الأخلاق والخصال
الحميدة التي رفعته على السادة من اشراف مكة ، اللذين طالبوا الإقتران بها، وكانوا من كبار الشخصيات من قريش ومنهم كبار التجار ، كانت آنذاك خديجة بنت خويلد السيدة الاولى في مكة ، وكان
الناس في الجاهلية يدعونها ب " الطاهرة " .
هذه مقدمة للدلالة على انه ليس عن طريق الصدفة ان تكون زوج النبي خديجة اول من أسلمت من النساء
بعد نزول الوحي على سيد الخلق محمد بن عبدالله وتبعها من الرجال ( الذكور ) علي بن ابي طالب بأشهار إسلامه ، بل هذه حكمة من الله سبحانه وتعالى ليظهر لنا مدى مكانة المرأة في الإسلام وهي
والرجل متساويان في الحقوق والواجبات وهذا ما سنظهره من الآيات القرأنية لاحقا .
مما لا شك فيه بأن الإسلام جاء ليتمم الرسالتين السماويتين ويظهر للعلن مساواة الرجل والمرأة ، ولكن
هذه المساوات لم تكن مطلقة ، حيث ان لكل منهما وظيفة تختلف عن الآخر ، ولكنهم مشتركون في جميع
المسائل الدينية من أصول وفروع إلا في أشياء لطبيعة الفوارق بينهما وكذلك في شؤون الحياة كل فيما
يخصه .
الإسلام سلط الضؤ على المرأة وأحاطها بسياج من الرعاية والعناية والإهتمام بها ، كما خصها بالكرم وحسن الرعاية والمعاملة أما وأختا وزوجة وابنة وإعلان هذا للملأ بأن الرجل والمرأة خلقا من أصل واحد
ولهذا هم في الإنسانية سواء ، حيث قال تعالى في كتابه العزيز :
" يأيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما "
" رجالاً كثيرة ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام " ( النساء 1 ) .
وبذلك يكون الإسلام قضى على التفرقة بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية ووضعها في مكانة لم
تبلغها من قبل في أية ديانة او عقيدة .
الإسلام رفع الظلم عن المرأة وأزال التهمة عنها التي رافقتها على مدى العصور السابقة بأنها شر، ومن
الآيات الكريمة رفع الظلم عن المرأة بأن الله سبحانه وتعالى خاطب آدم حيث قال :
" وقلنا يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه "
" الشجرة فتكونان من الظالمين " ( البقرة 35 ) .
وإن دل هذا على شئ إنما يدل على أن الرجل والمرأة متساويان حيث أمرهما الله سبحانه وتعالى بالمخاطبة ولم يأمر احدهما .
ومن ثم قال تعالى ليبعد الخطيئة عن المرأة كما تقول اليهودية والنصرانية :
" فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو "
" ولكم في الأرض مستقر ومتاع الى حين " ( البقرة 36 ) .
وقوله تعالى يزيل بصمة الخطيئة عن المرأة ، والمرأة والرجل يتحملان هذه الخطيئة ، حيث قال سبحانه وتعالى .. فأزلهما الشيطان ؟ ومن ثم قال اهبطوا ؟ ..
اذاً الشيطان لم يوسوس للمرأة بل وسوس لكليهما وهذا يدحض نظرية رجال الدين من اليهودية والنصرانية ( ليست الرسالتين السماويتين ) كما تقدم معنا في الأجزاء السابقة .
وهناك آيات كثيرة من القرأن الكريم ساوت بين الرجل والمرأة ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
" قال تعالى ومن يعمل من الصالحات من ذكر او أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون "
" الجنة ولا يظلمون نقيراً" ( النساء 124 ) .
كما قال تعالى:
" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احساناً " ( الإسراء 23 ).
وقوله تعالى :
" فأستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر او أنثى بعضكم من "
" بعض الى آخر الآية الكريمة ... ( آلِ عمران 195 ) .
والله سبحانه وتعالى أكد على المساوات بين الرجل والمرأة في كثير من الآيات كما تقدم ومن آياته
أيضاً :
" ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين "
" والصادقات ... والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وآجراً عظيماً"
"( الأحزاب 35 ) .
ومن آياته أيضاً في المساواة :
" ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً الى آخر الآية "
" ( الأحقاف 15 ) .
وقوله تعالى:
" من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر او أنثى وهو "
" مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب " ( غافر 40 ).
نكتفي بهذا القدر من الآيات الكريمة التي ساوت بين الرجل والمرأة ورفعت الظلم الذي كان واقعاًعلى المرأة قبل الإسلام لنكمل في الجزء الثامن الحقوق الذي أعطاها الإسلام للمرأة .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
الجزء الأول من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الثاني من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الثالث من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الرابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الخامس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء السادس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
تعليقات: