أبو سعيد ودلّات قهوته المرة (شوقي الحاج)
تعلّم أبو سعيد عبدالله أصول الضيافة، ولياقات التعاطي مع مدعوّي المناسبات، على يد والده، الذي خبر كيف يكسب رضى المتذوقين، ويسوّق لمهنته الجانبية، مستفيداً من التجارب التي خاضها على مستوى التحضير وطبخ وتخمير القهوة المرّة، التي يطلق عليها العامة لقب "سيدة الصالونات"، في كل زمان ومكان.
أبو سعيد الذي رافق والده في صولاته وجولاته، مذ كان حدثاً بعد، حفظ معايير المهنة، واكتشف خبايا مقاديرها، وأسرار نكهتها، منتزعاً لقب "الأمير" بامتياز وجدارة، بشهادة متذوقي قهوته "المهيّلة"، التي يشتدّ شغف المدعوين لارتشافها، مع الأبخرة المنبعثة، التي تخرج مستعجلة بين الفينة والأخرى، في مواكب جليلة من رذاذ، تنطلق من فوهات مصبات نحاسية، تستريح في مناقل ذابت نحاسياتها نقوشا ً ومزخرفات، على أيدي مهنيين مهرة، برعوا في تصنيعها لتحتلّ المنزلة الأبرز من صدور القاعات، وفي ترويضها لتخلد بين جنباتها ونواحيها مقطعات يستعر لظاها، وقت المناسبات واللقاءات والاجتماعات وفي الأفراح والأتراح.
أبو سعيد الذي يجري بنظراته مسحاً شاملاً، على الأمكنة المزدحمة بمدعويها وزائريها متفقداً، يصدر من حين إلى آخر "قرقعات فناجين" يغلب على نغماتها طابع البداوة، كي تبعث صداها عبر حركة سريعة للفت الأنظار، نحو "شفة القهوة المرّة".
"شفة القهوة المرة"، لكل المناسبات، بهذه الكلمات وصف منزلتها أبو سعيد عبدالله، مؤكداً أنها في شهر رمضان، حجزت موقعها الأصلي ومكانتها المتقدمة، في الإفطارات الرمضانية، ولم يستطع عصير الجلاب، ولا المشروبات بمختلف أصنافها، والتي تعدّ من المقبلات الأكثر بروزاً على الطاولة الرمضانية، من التغطية على منزلتها.
تعليقات: