معاملة المرأة بعد الإسلام
بالرغم من أن الإسلام قد أوضح كافة الأمور في بينة لا لبس فيها لناحية حقوق المرأة ولم يترك ثغرة واحدة إلا وأغلقها ، ولكن الرجل المتعالي على المرأة أخذ يفتش عن اي سبيل ليبقى هو السيد دون منازع ، وليس مهما في قرارة نفسه ان ما يفكر به مخالفا لما جاء به الإسلام ، بل المهم ان يجد مخرجا بالأجتهاد بالرغم من وجود النص ، فتفتقت عبقريته وقال وجدتها : الرجال قوامون على النساء ؟ ( وهذا ما سنأتي على تفسيره لاحقاً ) .
استناداً الى القوامة اعتبر أن التكوين الجسدي لكل من الرجل والمرأة يختلف عن الآخر وأن المرأة بحاجة الى حماية الرجل ، ولذلك المساواة بينه وبين المرأة يقتصر على العبادة ، ولو كان غير ذلك لماذا الإسلام أوصى بنصيب الرجل مثل حظ الأنثيين .
هذا من ناحيته ومن منظاره ورؤيته ، ونسي او تناسى بأنه لا يستطيع القيام بدور المرأة ، ونسي أيضاً بأنهما مكملان الى بعض ، هو يكد ويجتهد لينفق على الأسرة وهي عليها الحمل والولادة والتربية والعطف والحنان ، واما الميراث للرجل مثل حظ الأنثيين لأن الإسلام وكل الرجل بالإنفاق على أسرته ووالديه وبذلك أوجب عليه التزاما وأعفى المرأة منه لعدم مقدرتها على الأنفاق .
من مفهوم الرجل بأنه هو السيد ، وهو من أعطى الصفة الى نفسه ، وتثبيتاً لهذا الرأي نجده احيانا ( وهنا لا نتكلم بالعموم ) يسخر من رأي قد تبديه زوجته امام مجموعة من المعارف حتى ولو كان هذا الرأي صواباً .
التاريخ الذي نحن عالة عليه كما بدأنا مقالاتنا ذكر لنا نسأً أرجح عقلاً وأبسل شجاعة من الرجال ونسوق لذلك حادثتين :
أم المؤمنين أم سلمة ( زوج النبي صلى الله عليه وآله ) ( رض ) كان لها دور في صناعة التاريخ الإسلامي بمنأى عن الرجل ، نراها صانعة سلام في درء الفتنة التي كانت تتبع صلح الحديبية ، وكانت محاربة من أشد المقاتلين ضراوة ، وكان لها دور في الإفتاء وحفظ الميراث الإسلامي .
الخنساء ( رض) اشتهرت بحرية الرأي وقوة الشخصية وكانت اشعر الشعراء في الجاهلية وبعد إسلامها ، وحتى تعلم مرتبة هذه المرأة ومكانتها بين الأدباء والشعراء يكفي ان نشير الى قصتها مع حسان بن ثابت ( رض ) عندما انتقدت شعره في خيمة الذبياني في سوق عكاظ ، واشتهرت أيضاً بشجاعتها وقوة بأسها
وموقفها مع أولادها حينما خاطبتهم قبل معركة القادسية ، بأنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين الخ... ولما وصل اليها خبر استشهادهم جميعاً قالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي ان يجمعني بهم في مستقر رحمته.
لا ننسى بأن كثيراً من النساء منذ ظهور الأسلام وقبله كان لهن ادواراً متعددة ان كان لجهة التربية والأدب والعلم والسياسة وحتى الحكم ، وما زال لأيامنا هذه المرأة تلعب دوراً اساسياً في المجتمع وقد برز الكثير منهن في العلم والتعليم والاقتصاد والتجارة والسياسة .
اذاً المرأة لا تقل عن الرجل فكراً ورأياً ورجاحة عقل وشجاعةً وصبراً، واعتقاد الرجل بأن الله أعطاه السلطة على المرأة من خلال الآية الكريمة : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... ( النساء 34 ) .
هذا المفهوم خاطئ وتفسير بعض الرجال لهذه الآية بأنها تعني سلطتهم تفسير خاطئ ، والتفسير الصحيح والمتوافق مع ما كرم الإسلام المرأة هو :
" الآية الكريمة تكلمت عن مطلق رجال ومطلق نساء وليست مقصورة على الزوج
والزوجة وما يخص الزوج والزوجة ، فإن القوامة تعني ان الرجال مكلفون برعاية
النساء والسعي من اجلهن وخدمتهن وكسوتهن واطعامهن وكل ما تسفر عنه
القوامة من تكليفات " .
ومعنى بما فضل الله بعضهم على بعض ، ليس تفضيلاً من الله عز وجل للرجل على المرأة كما يعتقد الناس .
ولو أراد الله سبحانه وتعالى هذا لقال : " بما فضل الله الرجال على النساء " ، ولكنه قال : " بما فضل الله بعضهم على بعض " فأتى ببعض مبهمة هنا وهناك .
ولذلك قال عز وجل في آية أخرى " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض " ( النساء 32 ) لأن الرجل لا يستطيع ان يقوم بدور المرأة من حمل وولادة وعطف وحنان ورعاية .
ما زالت حقوق المرأة ممتهنة بالرغم مما ورد في التورات والأنجيل وأتمها القرأن الكريم بنصوص واضحة إلا أن الرجل ما زال يتفنن في إلحاق الضرر والأذى بالمرأة جسدياً كان او نفسيا وهذا لا يتوقف على دين معين او طائفة معينة ، مما حدا بالمرأة لتتظاهر وتعتصم في اكثر من بلد تطالب بتشريع لحماية المرأة من الأذى ، وهو امر واقع لا شبهة فيه ، وقد ظهر كثيراً من الحالات في وسائل الأعلام المرئي والمسموع والمقروء الأذى والضرب المبرح للمرأة ومنها في حالة خطرة ، وكل هذا لأسباب تافهة ، قد يكون منها كره الزوج لزوجته ويريد استبدالها بآخرى ، او لسؤ الخلق فيه ، وكل هذا ليبتزها من الناحية المادية ، وهذا ما سنأتي عليه في التكملة عن معاملة المرأة ، وكنا قد وعدنا في الجزء الثامن شرح أسباب واقعة الخلع في هذا الجزء ، ولعدم الإطالة سنقوم بشرحها في جزء " الطلاق "
نكتفي في هذا الجزء بما تقدم لنكمل في الجزء العاشر بقية معاملة الرجل للمرأة .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
الجزء الأول من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الثاني من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الثالث من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الرابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الخامس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء السادس من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء السابع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء الثامن من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
الجزء التاسع من موضوع "المرأة قبل الإسلام وبعده" للكاتب صبحي القاعوري
تعليقات: