رسالة إلى الخيام: على هامش معرضي الأخير «كمشة لون»

د. يوسف غزاوي خلال معرضه «كمشة لون»
د. يوسف غزاوي خلال معرضه «كمشة لون»


أخيراً، عرضتُ أعمالي في الخيام، وتحقّق حلمي الذي راودني طويلاً (معرض فرديّ في الخيام). حضر القليل القليل الافتتاح. هذا القليل هو خميرة هذا الوطن. على يد هؤلاء سنعجن خبز هذا الوطن غذاءً للروح والجسد. شكراً لكلّ من حضر واهتمّ ودعمَ وأثبت حُبّه للخيام والانتماء إلى الأرض والتراب والسماء والماء والصخر والشجر. شكراً لكلّ من حضر وشجّع واقتنى أعمالي (اللوحات وكتاب "غرنيكا الخيام") وجعل الجمال عنواناً لعينيه وفؤاده قولاً وفعلاً. شكراً لكلّ من اتصل واعتذر فكان لائقاً حنوناً... يكفيني حبّ هؤلاء.

الفنان ملك للجميع، والبرهان على ذلك إنّ الخالق، سبحانه وتعالى، أودع فينا تلك الموهبة أمانة لنستفيد من عطاءاتها وعصارة ألمها ومخاضها؛ هذه الموهبة وُلِدتْ مع الإنسان قبل أن يكون منتمياً لجهات الدائرة التي تحيط به. أعمالي وكتابي سُلِخت من سديم روحي ووميض حُبّي لطفولتي وذكرياتها في الخيام وأمكنتها المتعدّدة. أعمالي ملك للجميع دون فئة ودون انتماء سياسيّ وعقائديّ وفكريّ... الانتماء الوحيد هو للإنسان، هي رسالة الفنّ والفنان. هل يكون الهواء والسماء والشمس والقمر والحبّ لفئة دون أخرى؟

كلّ قطعة أرض في الخيام، وكلّ زاوية فيها هي وسام نعلقه على صدور آهاتنا وسفرنا وإقامتنا وترحالنا. كلّ حائط وجدار في منازلها ومبانيها معلقات ووصايا لسفر تكويننا وتشكّلنا.

نعم، أُصبتُ بخيبة أمل، لكنّي لن أيأس طالما هناك حفنة من عجين القلب تقدّر الفنّ والجمال والسموّ به إلى حيث الخالق ينظر من عليائه مباركاً تعبنا ووجعنا وإيماننا.

سيُنقل معرضي إلى مدينة النبطيّة التي عشتُ فيها ثلاث سنوات أثناء دراستي في دار المعلمين والمعلمات، وقد يُنقل إلى كلّ مكان يحفظ للجمال هويّة وانتماء، وسيعود المدار والمسار إلى بيروت، إلى الحضن الذي استقبلنا بعد أن تخلّلت عنا الأرض مُكرهةً، هذا الحضن الذي استقبل كلّ مثقفي وفناني ومبدعي الوطن العربيّ الذين تخلّى عنهم وطنهم في لحظة ضعف أبديّة... بيروت عاصمة الفرح والحزن والألم والقبلات...

لم يحن الأوان يا خيام ليُقدّر أبناؤك معنى اللون والكلمة ووديعة الله... لكنّ هذا اليوم سيأتي لا محالة، وقد يكون حاملاً نعوش من حاكى وعزف لحن حركة هوائك وارتباط الأرض بالسماء حيث الشجر غيمةً، والطير أنشودةً، والليل سواداً بانتظار شمس جبل الشيخ التي لا تخون موعدها...

كمشة لون هي كمشة حبّ للخيام وأهل الخيام: فقيرها وغنيّها، مثقفها وبسيطها، كبيرها وصغيرها، مقيمها ومهاجرها، شهيدها وحيّها... هي تحيّة للجميع من دون استثناء، لا دخل للسياسة فيها.. أترك الباقي للكلمة التي ألقيتها في افتتاح معرضي والمنشورة على صفحات هذا الموقع الوطني "خيام دوت كوم" الذي أكنّ له حبّاً مخلصاً وشكراً كبيراً...

مواضيع ذات صلة:

موضوع كامل جابر في جريدة السفير "«كمشة لون» ليوسف غزاوي.. الخيام بلغتها"

كلمة د غزاوي في افتتاح معرض "«كمشة لون»

رئيسة نادي الخيام المحامية وداد يونس والفنان يوسف غزاوي يتوسطان الأستاذ عزت رشيدي والمهندس أسعد رشيدي والسيدة هيفاء نصّار والسيدة سوزان
رئيسة نادي الخيام المحامية وداد يونس والفنان يوسف غزاوي يتوسطان الأستاذ عزت رشيدي والمهندس أسعد رشيدي والسيدة هيفاء نصّار والسيدة سوزان


تعليقات: