«مؤسسات الصدر».. خمسون عاماً

بعد تغييب الإمام الصدر تصدّت شقيقته السيدة رباب الصدر شرف الدين إلى مهمة استكمال عمل المؤسسات
بعد تغييب الإمام الصدر تصدّت شقيقته السيدة رباب الصدر شرف الدين إلى مهمة استكمال عمل المؤسسات


من بيت صغير في مدينة صور، أطلق عليه الإمام موسى الصدر «بيت الفتاة» في العام 1963، إلى مؤسسة وحضن دافئ أمّن لآلاف التلميذات اللواتي فقدن أباً أو أمّاً، وغيرهن ممن ضاقت بهن سبل الحياة.

تفتح «مؤسسات الإمام موسى الصدر» التي تتخطى الجغرافيا والديموغرافيا في سلوكها وعملها، عينها على مستقبل مليء بالطموحات ومواكبة العصر وحاجات الفئات المستهدفة في استراتيجيتها المحدثة.

مسيرة المؤسسات ومحطات تكوينها منذ انطلاقتها رسمياً في العام 1973 تحفل في التجديد وتجنيد الطاقات المعرفية والعلمية من أجل بلورة قاعدة مجتمعية صلبة عمادها الفتاة ـ المرأة.

بعد تغييب الإمام الصدر في 31 آب 1978 تصدّت شقيقته السيدة رباب الصدر شرف الدين إلى مهمة استكمال عمل المؤسسات ومأسستها والحفاظ على مكوناتها ورؤيتها وأهدافها. وقد كبرت المؤسسات التي تتخذ من صور مركزاً رئيساً لها هو عبارة عن مجمع.

الاحتفال باليوبيل الذهــبي للمؤسسات، هذا العام، يحمل معه تحديثاً وتطويراً متـــماشيين مع الضرورات الاجتماعية للفئات المستهدفة. وفي هذا الســـياق، كان إنشاء مركز التدخل المبكر «أسيل»، الذي تديره مليحة موسى الصدر ويُعنى بالأطفال ذوي الحاجات الخاصة من عمر يوم إلى ثلاث سنوات، وافتتاح مركز معالجة إصابات النخاع الشوكي في مبنى المركز الصحي التابع للـــمؤسسات في بلدة دردغيا، إضافة إلى التـــوجه الدائم للمؤسسات نحو «تمكين المرأة» عبر تأمين التعليم ولا سيما التعلـــيم المهني الذي يؤهلهن لخوض غمار الحياة ومواجهة التحديات الاجتماعية على اختلافها.

قبل ثلاث سنوات تولى نجاد شرف الدين، نجل السيدة رباب الصدر، دفة المسؤولية في إدارة المؤسسات، وهو يقود فريقاً من الأكاديميين في رسم آفاق جديدة للمؤسسات.

ينطلق شرف الدين في إدارة المؤسسات من ثوابت الإمام الصدر ورؤيته، خصوصاً لناحية الفئات الاجتماعية المستهدفة على أساس ينسجم مع استراتيجية التميّز والتخصصية.

تقوم فعاليات اليوبيل الذهبي للمؤسسات، وفق شرف الدين، على جملة من القواعد وفي مقدّمها التكافل والتعاون والإنتاجية. ويتفرّع منها عناوين دور الكادر البشري في التعليم والتنمية والبرامج والأنظمة وترشيد الإنفاق والفئات المستهدفة وتربية النشء والرعاية الصحية الأولية وتمكين المرأة.

ويؤكد شرف الدين أن عمل المؤسسات يتعدّى الطوائف والمذاهب والمناطق، وهو لا يستثني أحداً، وذلك «نابع من قناعات ومبادئ أطلقها وأرساها الإمام الصدر الذي ينبذ التعصب والانعزال».

يرتكز عمل المؤسسات على قطاعات مختلفة، منها القطاع التربوي والاجتماعي والصحي، إلى جانب النشاط الرعائي والثقافي المتمثل بمؤتمرات وحوارات وندوات متخصصة. وتنفرد بفرع التنشيط الاجتماعي، خصوصاً المرحلة الثانوية التي تخوّل الطالبة استكمال دراستها الجامعية بتخصصات عدة.

ويلفت شرف الدين إلى أن المؤسسات تحتضن في مركزها، في صور، نحو ثـــمانين حالـــة من ذوي الحاجات الخاصة بين داخلي وخارجي، وهي تتابع الفتـــيات اللواتي أنهين التعليم الأساسي في المؤسسات في مدارس صور اللواتي ينتقلن إليها وصولاً إلى المرحلة الجامعية وتؤمن لهن حاجات التعليم.

وتقوم المؤسسات باستيعاب الفتيات اللواتي يخترن التعليم المهني في «معهد الآفاق للتنمية» التابع للمؤسسات.

يضيف شرف الدين أن المؤسسات كانت من أولى المؤسسات التي نوّعت الاختصاصات لتمكين المرأة، وأجرت دورات في التصوير الفوتوغرافي، إذ خرجت 32 فتاة حتى الآن. وتستعد لإطلاق تدريب ذوي الاحتياجات الخاصة على تنسيق الورود والحدائق والبستنة.

ويكشف عن التحضير لإطلاق صرح تربوي «دوحة الغد»، في منطقة عرمون، وستعمل المؤسسات لتكون مساحة مشتركة لتلاقي اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومعتقداتهم.

ويقول إنه إلى جانب المهمات التربوية والاجتماعية، استحوذ القطاع الصحي على جانب مهم من نشاط مؤسسات الصدر التي أطلقت العمل في أول مراكزها في العام 1986 في بلدة صديقين وتوسعت دوائر المراكز الصحية في كلٍّ من الشهابية، ديرسريان ـ الطيبة، جل البحر، كفرحتى، عيتا الشعب، صور وعيترون، وأخيراً مركز معالجة إصابة النخاع الشوكي في دردغيا، وهو الفريد والأول من نوعه في المنطقة.

ويوضح شرف الدين أن المؤسسات تولي أهمية تطبيق المعايير التعليمية تلتزم بأن تكون رائدة في تمكين المرأة ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، بالإضافة إلى رعاية الأطفال وتربيتهم في مكان آمن ومنظم يضمن التنشئة الاجتماعية والتعلم للجميع، فضلاً عن توفيرها الرعاية الشاملة لهم داخل المجمع الثقافي التابع للمؤسسات في صور وضمن أسرهم. وتوفير الرعاية الصحية الأولية والشاملة والمتكاملة لجهة الجودة والمعايير التي تلبي حاجات سكان المناطق على اختلاف ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية.

تعليقات: