العرقوب وحاصبيا وحدة عيش ورفض للإرهاب

تاريخياً عاشت منطقتا العرقوب وحاصبيا على الإخاء ووحدة العيش ورفض كل ما يسيء اليهما والى العلاقات الودية والمتسامحة رغم التنوع الطائفي
تاريخياً عاشت منطقتا العرقوب وحاصبيا على الإخاء ووحدة العيش ورفض كل ما يسيء اليهما والى العلاقات الودية والمتسامحة رغم التنوع الطائفي


العرقوب ـ

تاريخياً عاشت منطقتا العرقوب وحاصبيا على الإخاء ووحدة العيش ورفض كل ما يسيء اليهما والى العلاقات الودية والمتسامحة رغم التنوع الطائفي، من دروز وسنة ومسيحيين، والتنوع الحزبي فيهما وما مر عليهما من أزمات وحروب واحتلال، فكانتا نموذجاً للعيش المشترك والواحد والمشاركة بين أهلها في الأفراح والأتراح. إلا أنه ومنذ بدء الأزمة السورية، صدرت أصوات نشاز عدة في بعض وسائل الإعلام تحذر من تداعيات تلك الأزمة على هاتين المنطقتين، وذلك في محاولة لإثارة الفتن بين أبنائهما وتخويف المواطنين من هذه التداعيات، بحيث وصل عدد النازحين فيهما الى أكثر من خمسة عشر ألف نازح، اذ إن شبعا وحدها تضم نحو سبعة آلاف نازح جلهم من قرى بيت جن ومزرعتها وغيرهما، في حين أن هناك علاقة تاريخية واجتماعية ومصاهرة بين أهالي العرقوب تحديداً وتلك القرى السورية في المقلب الشرقي من جبل الشيخ، لذلك كان الاحتضان اجتماعياً وانسانياً، مع العلم أن الممر الوحيد الى منطقة العرقوب من الجانب السوري هو عبر وادي جنعم شرق شبعا، وهو طريق وعر لا يمكن سلوكه إلا سيراً على الأقدام أو بواسطة الدواب، وذلك تحت أعين الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية ومراقبتهم ومتابعتهم لكل من يدخل أو يخرج من النازحين عبر هذا الممر من العرقوب وإليها. واتخذت بلدية شبعا واتحاد بلديات العرقوب منذ شهر تقريباً قراراً بعدم السماح لمن يذهب الى سوريا عبر هذا الممر بالعودة مجدداً بصفة نازح، في حين أشارت معلومات الى أنه ستقام قريباً نقطة دائمة للأمن العام في منطقة وادي جنعم لتنظيم دخول السوريين الى منطقة العرقوب، وهذا يأتي في اطار ضبط حركة النازحين السوريين وقوننتها.

وفي هذا السياق، يلفت رئيس بلدية شبعا واتحاد بلديات العرقوب محمد صعب الى أن «تعاطينا مع النازحين السوريين هو انساني بحت، وغير ذلك لن نقبل به أبداً، وهذا ما يجري العمل به بالتنسيق مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللذين لهما اليد الطولى في توقيف كل من يخل بأمن منطقتنا واستقرارها، وهي التي امتازت عبر التاريخ بالعيش المشترك الحقيقي بين مختلف مكوناتها. ونحن لم نعد نستقبل إلا النازحين الحقيقيين وليس من يذهبون ويعودون ساعة يشاؤون، كون هذا الأمر لا ينطبق على صفة النازح، كذلك الضغط الذي باتوا يشكلونه على البلدات التي نزحوا اليها في العرقوب»، موضحاً أن «هذه الإجراءات وقائية، مع العلم أننا لم نلحظ حتى اليوم أية تحركات مشبوهة لهؤلاء النازحين».

وبعد تمدد الجماعات الارهابية المتطرفة الى الحدود اللبنانية - السورية، والتحذيرات من انتقال الأزمة السورية الى بعض المناطق اللبنانية المحاذية للحدود السورية، بدأت اللقاءات على أعلى المستويات في منطقتي العرقوب وحاصبيا والمواقف الاستباقية تحسباً لأي محاولات للإخلال بالأمن والاستقرار وبث الفتن وتحديداً في مناطق العرقوب وحاصبيا وراشيا الوادي، فكان اللقاء الجامع الأول في مرج الزهور- قضاء حاصبيا في 17-11-2013 تقدمته النائب بهية الحريري ممثلة الرئيس سعد الحريري والوزير وائل أبو فاعور ممثلاً رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط ومختلف فاعليات هذه المناطق الدينية والسياسية والحزبية والاجتماعية وذلك تحت عنوان «وحدة الموقف ونبذ الفتنة» شددت جميعها على «تاريخ هذه المنطقة في العيش المشترك وتحييدها عما يجري في سوريا، وأن يبقى ما في سوريا في سوريا، وأي تدخل في سوريا من أي طرف كان مرفوض».

ويقول منسق عام «تيار المستقبل» في حاصبيا ومرجعيون عبدالله عبدالله: «اليوم، وبعد انقشاع غيمة الاحتلال، نجد أنفسنا أمام تحد جديد يتمثل في تكريس العيش المشترك وتثبيت روح الوحدة الوطنية التي باتت عنواناً رئيسياً لكل أبناء المنطقة، ولعل اللقاءات التي جرت بين النائب بهية الحريري والوزير وائل أبو فاعور ووجهاء بني معروف، في المنطقة، كشفت عمق الوحدة الوطنية بين أبنائها الذين تجاوزوا ذواتهم تحقيقاً للأمن والعيش بكرامة ورفض أي عناصر خارجية تؤثر على مسار العيش الكريم. واضافة الى ذلك، فإن هذه الروح تجسدت في التعاون مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية واطلاق يدهم للقيام بواجباتهم في ترسيخ الامن ومنع أي اختراقات خارجية».

ويؤكد عبدالله: «نحن في تيار المستقبل في منطقة العرقوب وحاصبيا آلينا على أنفسنا، كأبناء منطقة وبتوجيه من الرئيس سعد الحريري ومتابعة دؤوبة من النائب بهية الحريري، المضي في نهج التعاون ومواجهة كل المشكلات بتضافر الجهود بما يساهم في تعزيز التاريخ المشترك بين أبناء المنطقة»، مشيراً الى أن «التحدي الذي نعمل عليه حالياً هو إغناء البنية التحتية للمنطقة بما يكفل العيش الكريم لأبنائها، سواء من خلال مشاريع خدماتية أو من خلال تعزيز روح الإنتاج، إضافة الى التعاون الشامل مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني لاحتضان السوريين خلال محنتهم وعدم السماح لها بالتأثير على حريتنا وعيشنا المشترك وإبقاء العين ساهرة لمنع تسلل أبناء السوء والإرهاب الى هذه المنطقة، فهذا من المحرمات التي لا يقبلها أحد».

وقد توالت اللقاءات التي كان آخرها زيارة الوزير أبو فاعور الى شبعا حيث التقى خلالها فعاليات العرقوب وحاصبيا، وتم التشديد على رفض كل ما يسيء الى هذه المناطق وعيشها ووحدة أهلها والتعاطي مع النازحين السوريين على المستوى الإنساني فقط ورفض كل من يخل بالأمن والاستقرار، والاجماع على رفض الأمن الذاتي والوقوف خلف الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية التي هي صاحبة القرار في حماية وتأمين الأمن والاستقرار لهذه المنطقة.

ويؤكد وكيل داخلية حاصبيا ومرجعيون في الحزب «التقدمي الاشتراكي» شفيق علوان أن «خيارنا وهمنا في هذه المنطقة واحد وعيشنا واحد، واللقاءات التي تمت هي لتأكيد تلك الثوابت وعدم السماح للفتنة، التي ينبذها كل اهالي حاصبيا والعرقوب، بأن تتسرب اليها»، مشدداً على أن «الأمن في هذه المنطقة خط أحمر وتأكيدنا كان وما زال أن حفظ الأمن والاستقرار هو من مسؤولية الدولة والجيش وكل القوى الأمنية التي لنا ملء الثقة بها». ويوضح أن «التواصل دائم مع فاعليات المنطقة كافة حرصاً على أمنها واستقرارها وسلامة أهلها، أما أهلنا السوريون فهم ضيوف كرام ولكن لن نقبل لأي كان أن ينقل الأزمة السورية الى لبنان».

ويشدد مسؤول «الجماعة الإسلامية» في حاصبيا ومرجعيون وسيم سويد على أن «موقفنا في الجماعة الاسلامية في العرقوب وحاصبيا قائم على تعزيز أواصر التواصل والتلاقي والعيش الواحد بين أبناء المنطقة، وقطع الطريق على أي محاولة لبث أجواء الفتنة وعدم الاستقرار بين أبنائها، كما ونرفض رفضاً قاطعاً محاولات تصدير الحرب السورية الى لبنان، ودائماً ما دعَوْنا وندعو الى انسحاب جميع المتورطين في سوريا واحترام موقف النأي بالنفس الذي عبّر عنه الاجماع اللبناني في بيان بعبدا»، مؤكداً رفض «سياسة الأمن الذاتي». ويقول: «نشدد على أن الدولة بمؤسساتها تبقى المرجعية الضامنة والكافلة لأمن كل اللبنانيين وسلامتهم. ونطالب الدولة بالعمل على ضبط الحدود بما يمنع انزلاق لبنان الى أتون الفتنة، كذلك نرفض الفكر التكفيري الذي بات معروفاً أين تمت صناعته ومن المستفيد من أفعاله، ونرفض التطاول على الإسلاميين بذريعة ما يسمى داعش». ويشير الى الجولة التي قام بها مسؤول «الجماعة» في الجنوب بسام حمود على المرجعيات الروحية والزمنية في العرقوب وحاصبيا ومرجعيون.

وبعد ما تعرض له الجيش اللبناني والقوى الأمنية من اعتداء ارهابي في عرسال، استمرت اللقاءات والاجتماعات الرافضة لكل اعتداء على الجيش والقوى الأمنية من أي جهة كانت، والمشددة على حماية هذه المنطقة وعدم السماح لأي كان بنقل الفتنة اليها أو الإخلال بأمنها، بحيث اتخذت إجراءات استباقية عدة منعاً لأي إنزلاق نحو خلق بلبلة أو فتنة أو تعد على أحد. وضبطاً للأمور قامت بلديات منطقتي حاصبيا والعرقوب باتخاذ إجراءات وقائية بالتنسيق مع قائمقامية حاصبيا والجيش اللبناني والقوى الأمنية أهمها عدم السماح للنازحين السوريين بالتجول ليلاً ومنعهم من استخدام الدراجات النارية.

وفي هذا السياق، يقوم الجيش اللبناني والقوى الأمنية بين الحين والآخر بمداهمات لأماكن النزوح السوري في العرقوب وحاصبيا وتوقيف بعض الأشخاص السوريين المقيمين بشكل غير شرعي لتسوية أوضاعهم أو المشتبه بهم والتحقيق معهم، وهذا يدل على أن الجيش والقوى الأمنية يحرصون على ضبط الأوضاع في المناطق المحاذية للحدود السورية، في ظل إجماع شعبي وحزبي ورسمي على حماية الأمن والاستقرار في كل لبنان عموماً وهذه المنطقة خصوصاً ورفضاً للإرهاب والإرهابيين من أي جهة أتوا.

تعليقات: